الجمعة، 20 سبتمبر 2024

03:47 ص

البورصة "بطلة المرحلة".. شهية مفتوحة رغم التعويم

البورصة المصرية

البورصة المصرية

ولاء عدلان

A A

في الثالث من نوفمبر 2016، قرّر البنك المركزي المصري تحرير سعر الجنيه (خفض قيمته بنحو 48% وتركه للتحرك وفق العرض والطلب)، في خطوة تاريخية تلقفتها مؤشرات البورصة بحماس شديد لتبدأ رحلة صعود كبيرة.


تراجع الجنيه خلال 2016 بأكثر من 140%، وكما يقولون “مصائب قوم عند قوم فوائد”، استقطبت البورصة أموال المستثمرين المذعورين من فكرة فقدان أموالهم لقيمتها، لتقفز بنحو 76% بينها أكثر من 30% صعودًا في شهر التعويم، خلال العام الحالي المشهد نفسه تكرّر مع اختلاف في بعض التفاصيل البسيطة، ارتفع المؤشر الرئيس للبورصة منذ بداية العام بنحو 69.1% تزامنًا مع تراجع للجنيه بـ25% وترقبًا لقرار تعويم جديد (خفض لقيمة الجنيه) مطلع العام المقبل.

أرقام قياسية


ربحت البورصة نحو 743.9 مليار جنيه منذ بداية العام وحتى إغلاق 4 ديسمبر الحالي، لتتجاوز قيمتها السوقية (عدد الأسهم المقيدة مضروبًا في سعرها) مستوى الـ 1.7 تريليون جنيه، وسط ارتفاع مؤشرها الرئيس (المؤشر الثلاثيني) إلى مستوى الـ25 ألف نقطة من مستوى الـ11949 نقطة المسجل نهاية 2021، بحسب يقول خبير أسواق المال، حسام عيد، في تصريح إلى “تليجراف مصر”. 


ويضيف “شهدنا هذا العام المؤشر الرئيس للبورصة (الثلاثيني) يسجّل مستويات غير مسبوقة، مدفوعًا بمشتريات المستثمرين الأفراد والمؤسسات والأداء الإيجابي للأسهم القيادية”، لافتًا إلى أن أعلى قمة تاريخية سجلها المؤشر كانت عند 25945.6 نقطة خلال جلسة 27 نوفمبر الماضي، ورغم خسارته لهذا المستوى لاحقًا إلا أنه لا يزال مرتفعًا بأكثر من 69% مقارنة بالعام الماضي. 

 
سجل المؤشر الثلاثيني، عدة قمم تاريخية منذ أن بلغ مستوى 18516 نقطة بنهاية جلسة 27 أغسطس الماضي متجاوزًا أعلى قمة له عند 18414 المسجلة في 29 أبريل 2018، يتابع حسام عيد، مضيفا أن “هذا الأداء الإيجابي عززته شهية المستثمرين واستهدافهم بناء مراكز جديدة وسط تداول عدد كبير من الأسهم عند مستويات منخفضة لا تعكس قيمتها الحقيقة”.

إغلاق البورصة المصرية جلسة 4 ديسمبر 2023


البورصة (بطل المرحلة)


ويتابع الخبير المالي أنه “ومنذ بداية العام وجد المصريون في البورصة ضالتهم للتحوّط ضد تداعيات ارتفاع الأسعار وتراجع قيمة الجنيه، ما جعلها بطلة المرحلة الحالية، لذا يواصلون الشراء فيما تتسم تداولات العرب والأجانب بالحذر ترقبًا لاستقرار أسعار الصرف”.


ويستطرد أن الأسهم كأي سلعة تتأثر بتحركات أسعار الصرف، لذا ارتفعت البورصة عقب تحريك سعر الصرف في 11 يناير الماضي ولا تزال تواصل الصعود، مشيرًا إلى أن بعض الأسهم ارتفعت بأكثر من 300%، مع موجة من إعادة التسعير للأسهم لتعكس قيمتها الحقيقة في ضوء سعر الدولار الجديد بعد التعويم.


ببساطة أكثر، عندما تتراجع قيمة العملة، يبحث الأفراد عن استثمار آمن للحفاظ على قيمة أموالهم، هنا تظهر البورصة كأحد الخيارات، وفي هذه الحالة فهي إما تستقطب مستثمرين جددا أو أموالًا جديدة من المستثمرين الحاليين، وهذه الأموال تبحث غالبًا عن اقتناص الفرص بشراء أسهم مقيمة بأقل من أسعارها الحقيقية في ضوء قيمة شركاتها وما تملكه من أصول، وكلما اتجه المستثمرون للشراء ارتفعت البورصة والعكس صحيح.  

صعود مؤشر البورصة الرئيس خلال نوفمبر 2023 وتسجيله أعلى مستوياته على الإطلاق في جلسة 27 


رحلة صعود 


بالعودة للعام 2016، وتحديدًا إلى يوم 3 نوفمبر عندما خفّض المركزي الجنيه إلى مستوى 15.77 جنيه للدولار من مستوى الـ8.88 جنيه للدولار، في المقابل ارتفع المؤشر العام للبورصة بـ36.6% عن مجمل الشهر نفسه، مدفوعًا بعودة السيولة للسوق ونشاط لمشتريات الأجانب والعرب تزامنًا مع قرار تحريك سعر الصرف. 

وبعد سنوات من الهدوء النسبي، قرر المركزي في 21 مارس 2022 خفض الجنيه مرة أخرى إلى مستوى 19.7 جنيه للدولار، كما قرر رفع الفائدة بواقع 1%، قابل هذا ارتفاعًا للبورصة بنحو 2.4% خلال الفترة من 21 إلى 31 مارس 2022، وفي 27 أكتوبر من العام نفسه كانت السوق على موعد مع قرار تعويم جديد دفع مؤشرها العام للارتفاع بـ7.8% في 3 جلسات فقط، وفي العام الماضي إجمالا ارتفعت البورصة بنحو 22% مقابل تراجع في قيمة الجنيه بقرابة 60%. 


واصل المركزي المصري تحركاته لتحريك سعر الصرف في يناير الماضي، لينخفض الجنيه إلى مستوى 32 جنيه للدولار من 24.7 جنيه للدولار، ولتتزين شاشات البورصة باللون الأخضر وسط موجة شرائية قادت المؤشر لتحقيق مكاسب شهرية بـ12.7% ليبدأ رحلة صعود جديدة. 


تعويم في الأفق


منذ 2016، أضاف المؤشر العام للبورصة المصرية إلى رصيده نحو 17685.4 نقطة ليقفز إلى 24691.4 نقطة (وفق بيانات إغلاق البورصة لجلسة 29ديسمبر الحالي)، ويتوقع حسام عيد أن يواصل المؤشر مكاسبه مدفوعًا بترقب السوق لقرار تعويم جديد في 2024. 


ويتفق معه محلل أسواق المال محمود عطا، قائلا في تصريح إلى “تليجراف مصر”، إن أحد أسباب صعود البورصة إلى مستويات تاريخية هو ترقب السوق لتحريك جديد لسعر الصرف، ما يدفع المستثمرين لزيادة مشترياتهم من الأسهم لا سيما تلك التي تتداول عند مستويات سعرية مغرية. 


وفي 22 نوفمبر الماضي توقعت مؤسسة “فيتش سوليوشنز” أن  يخفض البنك المركزي المصري الجنيه مرة أخرى خلال الفترة من يناير إلى مارس المقبلين صوب مستوى يتراوح بين 40 و45 جنيها للدولار الواحد.

search