الإثنين، 09 سبتمبر 2024

10:19 ص

أشلاء حصة الفيزياء.. خرج إيهاب ولم يعد "كاملا"

طالب الدقهلية

طالب الدقهلية

زينه الهلالي

A A

كانت الأجواء باردة والشمس تأبى أن تطل بدفئها على الأبدان، قبل أن يحزم “إيهاب” (16 عامًا)، حقيبته التي تحوي كتب الدراسة، ويغادر منزله في طريقه إلى درس خصوصي، لم يكن يعلم أبدًا أن الحصة تلك المرة هي الأخيرة، وأنها لن تكون عن منهجه بل ستكون عن موتة بطريقة بشعة.

يوم 13 فبراير، وفي قرية عمر بن الخطاب بالحفير بمركز الستاموني في الدقهلية، ذهب إيهاب عبد العزيز إلى درس خصوصي في الفيزياء، والمُعلم شاب أكبر منه سنًا يبحث عن مصدر دخل فاتجه إلى الدروس، لكنه كان بعيدًا كل البعد عن قدسية مهنة التدريس، فارتدى ثياب المجرمين وقرر معاقبة “إيهاب” على خطأ لم يرتكبه.

إيهاب لن يعود

انتهى الدرس ولم يعد الطالب في الصف الأول الثانوي إلى بيته، فارتاب الأب وذهب مسرعًا إلى قسم الشرطة لتحرير محضر، لكن تغيب الابن لم يمر عليه 24 ساعة، فانتظر يترقب مرور الوقت أو عودة الابن الغائب، قبل أن يهاتفه شخص يطلب منه فدية 100 ألف جنيه نظير الإفراج عن نجله الذي اختطفه.

بينما كان الأب يفكر في تدبير المال ودفع الفدية، جاءته الوجيعة الكبرى، أبلغوه بالعثور على جزء سفلي لجسد طالب، أحد الفلاحين عثر على ذلك “النصف” موضوعا في "جوال خيش" بالقرب من مصرف مائي يوم 14 فبراير، توجه الأب إلى المكان يدعو الله ألا يكون الجزء من “جثة ابنه”، لكن كان للتحاليل رأي آخر.

بعد إجراء "DNA" على الجزء المعثور عليه من جسد مقطع، أبلغوا الأب أن ابنه "إيهاب" قتل، ولكن ليس كأي قتيل، إذ لم يُعثر سوى على نصفه السفلي فقط، وباقي الجسد تائه.

القاتل ينعى قتيله

أصابع الاتهام لم تُشر إلى شخص بعينه، حتى آخر شخص التقاه الضحية، مدرسه “محمد”، ولكن كيف يقتله وهو من يُعلمه في الحصص ومن يبكيه على فيسبوك، فالمدرس نعى الضحية “إيهاب” وبكاه حزنًا في منشور من خلف شاشة إلكترونية صماء لا تُظهر حقائق ولا تكشف نوايا ولا تُبين وقائع.

الأمن بعد العثور على نصف طالب، كثف جهوده للعثور على نصفه الآخر، لكشف جريمة بشعة ولتسليم بقايا جسد ابن ضحية لأب مكلوم.

بالعودة إلى يوم 13 فبراير وقبل وصول “إيهاب” إلى شقة “محمد”، كان الأخير يفكر في حلول للنجاة من ضائقته المادية التي سحبه إليها فخ المقامرة على الألعاب الإلكترونية، خسر أمواله كنتيجة غالبة في المقامرة، لكن الطريق كان مسدودًا نحو الحلول، فقرر الفرار نحو طوق نجاة رآه سحريًا.

حصة “قتل بدم بارد”

الشاب ذو الـ26 ربيعًا، استقر في ذهنه خطة خطف الطالب إيهاب وطلب فدية من أهله كونهم ميسوري الحال، لكن الرياح أتت بما لا تشتهي نفسه، ففي لحظات محاولة احتجاز طالب الثانوية، قتله بسكين داخل الغرفة التي يعطي فيها دروسه، ولم يكتفي من الدموية بالقتل، فقرر تقطيع الشاب إلى 3 أجزاء "نصف سفلي- جزع- رأس"، ووضع أحشائه داخل كيس بلاستيكي وألقى الجزء السفلي بمنطقة بحر التبين، والجزع بمجرى مائي بمنطقة “21 الأمل” بـ"حفير شهاب الدين" في محاولة منه لإخفاء جريمته.

حاول القاتل دفع شكوك رفيق الضحية الأخير بنعيه على فيسبوك، والبكاء عليه، لكن حيله لم تنطلي على رجال الأمن، وتجاهلوا وداعته ومساندته لأهل “إيهاب”، وتتبعوا كل الخيوط بموضوعية من يبحث عن كشف كل الألغاز، “المدرس قاتل وحشي، لم تهتز له شعرة في إنهاء حياة شاب، قطعه أشلاء وأنهى رحلة حياته، وكتب حزنًا أبديًا على أب وأم فقدوا عزيزهم”.

مات "إيهاب" في حصة لدرس خصوصي بمادة الفيزياء، لم تكن الحصة الأخيرة فحسب، بل كانت حصة استثنائية في الجرائم الوحشية، فالأسرة التي دفنت ابنها أشلاء وعلى مدار أيام، لا تعرف حتى الآن متى يحين اللقاء بالحبيب المقتول مرة أخرى.

search