الخميس، 19 سبتمبر 2024

07:20 م

عزت محمود.. "فنان عمر أفندي" عارض اللاتينية والواجهات الزجاجية

المهندس محمود عزت

المهندس محمود عزت

منى الصاوي

A A

"ده خط أبويا ده"، كلمات رددها محمود عزت بينما يسير في أحد شوارع منطقة محطة الرمل بالإسكندرية، عندما لمح اسم "عمر أفندي" على إحدى البنايات القديمة.

“يافطة” أعادت للشاب ذكريات والده مهندس الديكور عزت محمود، الذي ولد في 19 فبراير 1949، وصاحب تصميم لوجو شركات “عمر أفندي”.

كلمات محمود أثارت شجن شقيقه عمرو عزت، الذي بدأ في سرد حكايات عمر أفندي في منشور له على فيسبوك.

أحد فروع عمر أفندي

حكايات عمر أفندي

عمرو عزت بدأ يستعيد ذكرياته ووالده التي تواترت من جيل لأخر وأصبحت تسكن البيت بجوار الذكريات والحكايات القديمة.

أحد فروع عمر أفندي

الخدمة العسكرية

“بدأ والدي عمله كمهندس ديكور في سبعينيات القرن الماضي، بعد أن أتّم خدمته العسكرية كضابط مهندس بسلاح المهندسين في الفترة بين 1967 إلى 1973”، يقول عمرو، مستطردا، "قضى والدي 7 سنوات داخل المؤسسة العسكرية، ومن ثم انتقل للعمل في شركة عمر أفندي".

ما بين فرع إلى الأخر، لفّ المهندس عزت محمود على ما يقرب من 80 فرعا للشركة التي ينتمي إليها في جميع محافظات مصر.

أحد فروع عمر أفندي

بصمات الزمن

تركت الذكريات بصماتها على ملابسه، وتناثرت بقع الدهانات على "زيه الرسمي للعمل"، ما أن ينظر إليها إلا وتنهال الذكريات كشريط لا يتوقف، هذه البقعة من تشطيب فرع بنها، وهذه من فرع الإسماعيلية، أما تلك التي تسكن "الجيب اليمين" فكانت في فرع السويس.

اللجان النقابية

كوّن مهندس الديكور ومصمم شعار "عمر أفندي" صداقات من جميع الفروع التي حفظت بصماته، وحظي بثقة العمال والموظفين بالشركة، ورشحوه ليقود اللجان النقابية، وبدأت الرحلة المهنية في التدرج إلى أن تقلد منصب رئيس القطاع الهندسي بالشركة.

استعاد الابن ضحكة أبيه حين كان يحكي موقفًا وقت تورط رئيس مجلس إدارة شركة عمر أفندي، آنذاك، في شبهة فساد بناء واجهات زجاجية مخالفة للمواصفات.

أحد فروع عمر أفندي

تسلم إيدك يا بشمهندس!

"جبت طوبة من الشارع ورميتها على الواجهة الإزاز بعزم ما فيا وكسرتها علشان تتعاد من أول وجديد"، وصوت العمال في الخلفية يرددون "تسلم إيدك يا بشمهندس"، هكذا نقل عزت الابن الموقف الذي كان يضحك أبيه حينذاك. 

 "الثقة الكبيرة التي بناها والدي مع موظفي الشركة منعتهم من توريطه في التحقيق الذي أجرته الشركة متهمة إياه بكسر واجهة الشركة الزجاجية، الأمر الذي أنكره أصدقائه، ومعرفوش يعملوا معاه حاجة"، على حد قول الابن.

أحد فروع عمر أفندي

عشرة العمر

استكمل عزت الابن كواليس "عشرة العمر"، “والدي كان محروما من المكافآت والحوافز والامتيازات، لكنه كان حكيمًا حين يستقل سيارته المرسيدس أمام أحد الفروع ويدخل ليتبضع لنفسه وللأسرة، بغية إرسال رسالة مبطنة لقيادات الشركة”.

يتابع، “استكمل والدي رحلته داخل بنايات الشركة القديمة، وبمنتهى الحماس استعد لمشروع تجديد واجهات الفروع بتصميم لوجو جديد تمسك فيه بجماليات الخط العربي مع إضافة الحبكة العصرية، ورفض تمامًا مقترحات كتابة شعار الشركة بالحروف اللاتينية”.

أول رئيس مدني 

“ذات يوم استدعت وزارة الاستثمار والدي، كان مستعدًا حينها لتقبل فكرة طرده من الشركة، لكن أتت الرياح بما تشتهي السفن وأبلغته الوزارة أنه سيتقلد منصب رئيس شركة عمر أفندي”، يحكي عمرو.

ابن محمود عزت يقول، “عندما طرحت فكرة الخصخصة استشعر خطر أنهم جاءوا به لتسهيل الخطة الموضوعة وامتصاص غضب العاملين، إلى أنه أخد موقفًا متزنًا، إذ عارض خصخصة قطاعات حيوية واستراتيجية مثل المصانع، وكانت رؤيته حينذاك أن الدولة غير معنية بهذا الشأن والقطاع الخاص هو من يستحق إدارتها”.

أحد فروع عمر أفندي

لا لبيع مصر

واستكمل قائلًا، “عزت الفنان أصبح أمام تحد كبير، حمل اللوحات وورق الكلك واستعان بكتب الاقتصاد وأوراق من أرشيف الشركة وفروعها لدراسة حماية أصول الشركة كونه موظفًا مسؤولًا ومعنيًا بالحفاظ على حقوق الموظفين”.

قاد والدي حملة "لا لبيع مصر"، رغم أنه لم يعمل بالسياسة، لكن رؤيته الاقتصادية بشأن الخصخصة واطلاعه الدائم على الشؤون الاقتصادية، الأمر الذي أشاد به أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية الدكتور باسر سليمان، وأحد مؤسسي مجلة "البوصلة" التي نشرت خلالها تلك المذكرات، يقول عمرو.

تحد كبير

عزت أنهى عمله وهو رئيس مجلس إدارة عمر أفندي بعد خلاف نشب بينه وإبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، حينما فرضت عليه الخصخصة دون دراسة حكيمة، وتقدم باستقالته على الفور، حسب الابن.

استطرد الابن الفخور، "والدي توقف عن العمل الخاص درئا للشبهات، ووقفنا كعائلة بوجهة وقلنا له (عمر أفندي قضية خسرانة.. مش هتقدر توقف سياسة الدولة)".

أحد فروع عمر أفندي

نهاية الخدمة

وفق ما روى عمرو محمود عزت، “توفي والدي في 3 يناير 2021، ولم يحصل على مكافأة نهاية الخدمة، توفي ولم يترك خلفه أملاك أو أصول إلا نصيبه في بيت والدته القديم بمنطقة إمبابة، توفي تاركًا عربية مازدا موديل قديم ومتهالكة لا تباع، وإلى الأن مركونة بجوار منزل أخي، و4 ألاف جنيه بحسابه البنكي كرئيس شركة متقاعد، عزت الذي كان أول المشاركين في الجنائز والأفراح، عاش بحساب متصفر".

search