الجمعة، 22 نوفمبر 2024

06:23 ص

الكوليرا سلاح كليوباترا.. لعنة الفراعنة تطارد أوروبا

الملكة كليوباترا

الملكة كليوباترا

أحمد مصطفى

A A

في قلب العاصمة الفرنسية باريس، تقف مسلة ضخمة شاهدة على تاريخ مصر العريق وعظمة حضارتها القديمة، هذه المسلة هي واحدة من ثلاث مسلات أهدتها عائلة محمد علي باشا لدول أوروبية وأمريكية في القرن التاسع عشر، في محاولة لتوطيد العلاقات السياسية والاقتصادية معها.

لكن هذه الهدايا صاحبها ظواهر غريبة، راجت عالميا تحت مسمى مثير، “لعنة كليوباترا”، و"لعنة الفراعنة"، والتي برأي المهووسين بالحضارة المصرية القديمة، تعاقب كل من يقترب من الآثار المصرية بلعنة تلاحقه وتصيبه بالمصائب تلو الأخرى.

مغامرة باريسية

أولى هذه المسلات هي مسلة الأقصر، التي تزن مائتين وخمسين طنًا، وترتفع نحو 23 مترًا، وتحمل نقوشًا هيروغليفية تمجّد الفرعون رمسيس الثاني وزوجته نفرتاري، كانت هذه المسلة تقف في مدخل معبد الأقصر، الذي بناه الفراعنة قبل أكثر من 3300 سنة.

في عام 1826، قرر محمد علي باشا إهداء هذه المسلة لفرنسا، تقديرًا لمساعدتها في مشروع تحديث الجيش المصري، ولكن نقلها لم يكن بالأمر السهل، فقد تطلب ذلك مهارة هندسية وشجاعة بحرية وصبرًا طويلًا.

تولى المهندس الفرنسي أبولينير ليباس مهمة نقل المسلة من الأقصر إلى باريس، واستعان بفريق من العمال والبحارة والجنود.

روى قصة مغامرته عالم المصريات الشهير، الدكتور بوب براير، في كتابه "مسلة الأقصر ورحلتها إلى باريس"، حكي فيه عن التحديات والمخاطر التي واجهها ليباس وفريقه، وكيف تغلبوا عليها.

لم يسلم ليباس وفريقه من سلسلة الظواهر الغريبة، فقد أُصيبوا بالكوليرا، وهو مرض معد ينتقل عن طريق المياه الملوثة، ويسبب الإسهال والتقيؤ والجفاف والموت، وقد تفشى هذا المرض في مصر في ذلك الوقت، وأودى بحياة الآلاف من الناس.

ولم يكن هذا هو العائق الوحيد، فقد اضطروا أيضًا للانتظار أربعة أشهر حتى يمكن لسفينتهم عبور النيل، بسبب انخفاض منسوب المياه، ولكن في النهاية تمكنوا من الإبحار من الأقصر.

بعد رحلة طويلة ومحفوفة بالمخاطر، وصلوا إلى باريس في 1836، واستقبلهم مائتا ألف باريسي فرحين، وشهدوا رفع المسلة في ساحة الكونكورد وسط المدينة، وتم تكريم ليباس بوسام الشرف، واعتبر بطلاً وطنيًا. ومنذ ذلك الحين، أصبحت مسلة الأقصر معلمًا سياحيًا يزوره الملايين كل عام.

مسلات أخرى

لم تكن مسلة الأقصر هي الوحيدة التي أهدتها أسرة محمد علي باشا لدول أجنبية، فقد قدم هدية مماثلة لبريطانيا، تكريمًا لانتصار اللورد نيلسون في معركة النيل، وهزيمته لجيش نابليون بونابرت الفرنسي في 1801م.

وهذه المسلة هي مسلة كليوباترا، التي تقف على ضفة نهر التايمز في لندن، ولكنها لم تغادر مصر إلا بعد 86 عامًا من إهدائها، بسبب صعوبة نقلها وتكلفتها، ونُقلت في سفينة خاصة تسمى “كليوباترا”، وصلت إلى لندن في 1878م، ونُصبت في مكانها الحالي في 12 سبتمبر من العام نفسه.

وكما حدث مع مسلة الأقصر، فقد تعرضت مسلة كليوباترا وفريق نقلها لظواهر أطلق عليها المصريون “لعنة كليوباترا”، حيث تعرضت السفينة لعاصفة وحاول فريق الإنقاذ نجدة البحارة من على متن السفينة، ولكن لقوا حتفهم.

وأخيرًا، هناك مسلة أخرى أهداها الخديوي توفيق للولايات المتحدة الأمريكية، لتدعيم العلاقات التجارية المتبادلة. واستقرت بحديقة سنترال بارك في نيويورك، وقد تم نقلها في سفينة خاصة عبر المتوسط والمحيط الأطلسي، وأخذت نحو أربعة أشهر لنقلها من ضفة نهر هدسون إلى جزيرة ستاتون، حتى استقرت في مكانها الحالي في فبراير 1881م.

search