السبت، 05 أكتوبر 2024

11:46 ص

قروض الأفراد.. هل تضع البنوك في مأزق؟

قرض - تعبيرية

قرض - تعبيرية

ولاء عدلان

A A

خلال أغسطس الماضي، قدمت البنوك العاملة في مصر 154.4 مليار جنيه قروضًا للأفراد، بزيادة 99.6 مليارا عن ديسمبر 2022. مبلغ كبير، والفوائد لاشك أكبر، لدرجة تجعل الخبراء يصفونها بـ"البيضة الذهبية للبنوك"، لكنهم في هذه المرة يحذرون من “تعثر شديد” لدى العملاء، ربما ينعكس سلبًا على البنوك.

وفي ظل ارتفاع معدلات التضخم وتراجع القدرة الشرائية للأفراد، يلجأ المزيد منهم إلى الاقتراض من البنوك لتغطية احتياجاتهم المختلفة، بما في ذلك احتياجات الحياة اليومية والسفر والدراسة وشراء السيارات والمنازل. كما تقترض المصانع والشركات ورجال الأعمال ورواد الأعمال، لتنفيذ خطط توسعية لأعمالهم، أو لإنقاذها أحيانا.

وبلغ إجمالي القروض الممنوحة للأفراد والقطاع الخاص خلال أغسطس الماضي نحو 4.9 تريليون جنيه، بزيادة قدرها 22.7% مقارنة بمستويات يناير.

بعض هذه القروض الموجهة للأفراد قد تصل مدة سدادها إلى 15 عامًا، ومع طول المدة، غالبًا لا يشعر الأفراد بارتفاع أسعار الفائدة المحملة على أقساط قروضهم، لذا يواصلون الاقتراض مع حقيقة بلوغ أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية، (رفع المركزي الفائدة منذ مارس 2022 بواقع 11% لتصل إلى 20.25% للإقراض).

 البيضة الذهبية 

أصبحت القروض البنكية للأفراد أكثر ربحية للبنوك من القروض الممنوحة للشركات.

القروض الممنوحة لقطاع الصناعة

خلال أغسطس الماضي، ارتفعت القروض الممنوحة لقطاع الصناعة بنحو 26.6% على أساس سنوي إلى 808.56 مليار جنيه، لكنها ظلت أقل من قروض الأفراد البالغة 851.99 مليار جنيه.

يرجع الخبير المصرفي عزالدين حسنين، هذا الاختلاف إلى عدة عوامل، منها:

-ارتفاع أسعار الفائدة على القروض الممنوحة للأفراد، والتي تتراوح بين 22% إلى 30%، مقارنة بأسعار الفائدة على القروض الممنوحة للشركات، والتي لا تتجاوز 20%.
-مبادرة الحكومة لدعم قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة، والتي توفر لهم قروضا بفائدة 11% على أساس متناقص.
-تأثر الشركات ببيئة التضخم المرتفع وتراجع الطلب، مما يجعلها تتجنب تحمل أي أعباء مالية جديدة، بما فيها القروض مرتفعة الفائدة.

ارتفاع الطلب على القروض البنكية

يؤدي ارتفاع الطلب على القروض البنكية من الأفراد إلى زيادة أرباح البنوك، حيث أن الفائدة على هذه القروض أعلى من فوائد القروض الممنوحة للشركات.

فعلى سبيل المثال، حقق بنك مصر، ثاني أكبر بنك في مصر من حيث حجم الأصول، ارتفاعا في صافي أرباحه بنسبة 205% على أساس سنوي، خلال الفترة من يناير إلى يونيو 2023، مدفوعا بارتفاع صافي دخله من العوائد بما فيها القروض بنحو 152%.

من المتوقع أن يستمر ارتفاع الطلب على القروض البنكية من الأفراد في ظل ارتفاع أسعار الفائدة، مما سيؤدي إلى زيادة أرباح البنوك.

صورة من داخل أحد البنوك المصرية 

ارتفاع أسعار الفائدة

وفي ظل ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع القدرة الشرائية للأفراد، تتوسع البنوك المصرية في منح القروض، لكنها في المقابل تتخذ إجراءات احترازية لمنع تعثر العملاء.

وقال الخبير المصرفي عزالدين حسنين، إن البنوك تمنح القروض بعد دراسة وضع العميل والتأكد من قدرته على السداد، كما تقوم باتخاذ إجراءات أخرى، مثل تحويل الراتب، لضمان جدية العميل في السداد.

وأضاف أن البنوك تحتفظ بمخصصات مالية خاصة بالقروض الممنوحة للعملاء تحسبا لتعثرهم في السداد، والتي قد تصل إلى 91% من القرض.

تتمتع البنوك المصرية في الوقت الحالي بسيولة مرتفعة، كما أن نسبة القروض المتعثرة لديها لا تزال في الحدود الآمنة، حيث بلغت 3.3% فقط من إجمالي محفظة القروض خلال النصف الأول من 2023.

مخاوف التعثر

في مؤشر على مخاوف ارتفاع نسب التعثر بين الأفراد والمؤسسات، رفعت البنوك العاملة في مصر إجمالي المخصصات منذ بداية العام 2023 إلى نحو 305.4 مليار جنيه بنهاية يونيو الماضي مقارنة بـ295.4 مليار جنيه بنهاية مارس.

لا يستبعد الخبير المصرفي، أن نرى مستقبلًا زيادة في ارتفاع نسب التعثر، وذلك نتيجة استمرار ارتفاع معدلات التضخم.

كما يرى أن أي زيادة في نسب التعثر ستؤثر على ربحية البنوك فقط دون أن تحدث أزمة للقطاع، كون المعتاد في البنوك هو التدخل سريعا للسيطرة على القروض التي لا يبدي أصحابها انتظامًا في دفع أقساطها.

search