الإثنين، 07 أكتوبر 2024

01:23 م

للالتفاف على الدولار.. "المقايضة" هي الحل

الدولار - أرشيفية

الدولار - أرشيفية

A A

تحاول مصر الخروج من أزمة شح الدولار، عن طريق اعتماد آلية تجارية قديمة جديدة، تتيح لها إبرام تعاقدات التبادل التجاري بالمقايضة، دون التعامل بالعملة الخضراء التي تعاني فيها نقصا حادا.

وتواجه مصر أزمة معروفة في انخفاض التدفقات الدولارية، منذ مارس 2022، بسبب التداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية، التي أثرت على معدلات السياحة الوافدة إلى مصر، وارتفاع قيمة الواردات، وانخفاض تحويلات المصريين العاملين بالخارج، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم.

ووفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن قيمة واردات مصر سجلت نحو 94.5 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 89.2 مليار دولار خلال عام 2021.

نفط فنزويلي 

المقايضة، نظام تجاري قديم، يتم من خلاله تبادل البضائع أو الخدمات مباشرة، بسلع أو خدمات أخرى دون استخدام “العملة” وسيلة الدفع المالية، تلجأ إليه الدول وقت الأزمات الاقتصادية أو العقوبات.

ويبدو أن أولى خطوات مصر في تطبيق نظام المقايضة المصرية، ستكون مقايضة الدواء بالنفط الفنزويلي، وفقا لبيانات المجلس التصديري للصناعات الطبية والأدوية.

في هذه العملية، فإن مصر تسعى لعمل مقاصة لتصدير الدواء إلى فنزويلا مقابل استيراد النفط، في إطار سعيها لتخفيف الضغط على العملة الصعبة في مصر.

بحسب البيانات الصادرة منتصف نوفمبر الماضي، فإن قيمة صفقة تصدير الدواء المصري مقابل استيراد النفط من فنزويلا تصل إلى 300 مليون دولار، ستسهم في زيادة صادرات الدواء كما توفر جزءًا من احتياجات البترول في مصر.

وبلغت قيمة  فاتورة واردات مصر من الوقود في الربع الأول من العام المالي الحالي 2023- 2024 نحو 3.4 مليار دولار.

شاي كيني 

نظرا لعدم توفر الدولارات في مصر، فإن القاهرة ترغب في إجراء مقايضة مع كينيا - أكبر دولة مصدرة للشاي الأسود في العالم- لاستيراد الشاي، مقابل أي سلعة تنتجها مصر وتحتاجها كينيا، وفقا لما كشفته وكالة “بلومبرج”.

وتسبب نقص الدولار في مصر في تراجع وارداتها من الشاي الكيني خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023 بنسبة 23%، وفقًا لبيانات مجلس الشاي الكيني.

قهوة وزيت إندونيسي

في شهر أغسطس الماضي، كشف رئيس جهاز التمثيل التجاري، عن تنفيذ صفقة متكافئة لمبادلة التمور المصرية بحبوب القهوة من إندونيسيا، عبر شركتين حكوميتين في مصر وإندونيسيا، وتم توريد التمور بالفعل.

وأوضح رئيس الجهاز أن هناك اهتمامًا من الحكومة المصرية، بالتعاون مع إندونيسيا في مجال زيت النخيل باعتبارها أكبر الدول المنتجة له على مستوى العالم.

كيف تتم المقايضة؟

رئيس لجنة التجارة الداخلية في شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، المهندس متى بشاي، يرى أن أي محاولات لتقليل الضغط على الدولار، سواء من خلال المقايضة أو اتفاقات مبادلة العملات، هي محاولات جيدة، خصوصا في ظل أزمة توفير العملة.

وتابع “نجاح هذه المحاولات ومن بينها المقايضة، يحتاج إلى شروط خاصة، يأتي على رأسها أن تتم الصفقة برعاية الدولة، وليست اتفاقيات فردية بين التجار أو المستوردين في الدولتين”.

وأوضح “على سبيل المثال فإن أحد التجار يعمل بمجال استيراد الأدوات الصحية من تركيا، ماذا لديه ليسدد ثمن حجم وارداته سوى الدولار، أما في حال تدخل الدولتين فإنهما يضمنان في إطار اتفاق ثنائي إجراء المقايضة”.

بالإضافة إلى رعاية الدولة لصفقة المقايضة، فإن من بين شروط نجاح المقايضة هو وجود إنتاج تستطيع مبادلته مع الدول الأخرى، وفقا لما أوضحه "بشاي"، الذي قال "طول ما في أزمة إنتاج هيفضل فيه مشكلة في الدولار في مصر".

وبحسب "بشاي"، فإن احتساب المقايضة يتم عن طريق حساب الميزان التجاري بين البلدين في نهاية العام، ومن ثم يتم حساب الفارق في التبادل بين البلدين، لتغطية باقي التكاليف بالدولار.

وعلى الرغم من أن المقايضة تظهر على إنها بعيدة عن الدولار، فإن "بشاي" يرى أن تسعير السلع سيتم على أساس الدولار ولكن التبادل يكون بالسلع.

هيمنة الدولار

على الرغم من تحركات بعض الدول المتضررة من ارتفاع قيمة الدولار أمام عملاتها المحلية إلا أن العملة الخضراء تظل العملة المهيمنة للبنوك المركزية عالميا.

وبحسب بيانات البنك الدولي، وصلت مساهمة الدولار في الصادرات العالمية لنحو 40%، وهو ما يزيد الضغط على الدول النامية والناشئة بسبب زيادة اعتمادها على الواردات، وهو ما أدى لضعف عملاتها أمام الدولار وارتفاع معدلات التضخم.

كما يسهم الدولار بنحو 60% من مدخرات البنوك المركزية العالمية في عام 2022، في حين يسهم اليورو بنحو 20%، والين الياباني نحو 5% فقط.

لصالح الدولة

أما عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية، عماد قناوي، فيرى أن المقايضة تصبّ في صالح الدولة، حيث يمكن الاعتماد على العديد من السلع المصرية مثل المنتجات الزراعية أو المنتجات ذات الأسعار المنخفضة التي تعطي مصر ميزة تنافسية، في مقابل استيراد المواد الخام اللازمة للتصنيع أو السلع الأساسية.

وبحسب “قناوي”، فوفقا لهذه الآلية فإن الدولة يمكنها تأمين مشترياتها من المواد الخام و السلع الأساسية والاستراتيجية.

المصدّر متضرر

يضيف “قناوي” أن المستورد سيتضرر من نظام المقايضة لأنه يرغب في الحصول على الدولار من أجل استيراد خامات ومستلزمات الإنتاج، بما يتيح له الإنتاج ومن ثم التصدير ومن ثم الحصول على الدولار والعملة الصعبة التي يعاني من نقصها حاليا الاقتصاد المصري.

وأوضح أن فكرة المقايضة إذا تمت من ناحية الدولة، فإن ذلك يعني تقليل الضغط على الدولار، ليس الاستغناء عنه، لأنه عملة عالمية تحتاجها مصر أيضا لسداد التزاماتها الخارجية.

search