الجمعة، 22 نوفمبر 2024

09:47 م

من شوباش إلى الرداحة الرقمية.. كيف تغير "الردح" في مصر مع التكنولوجيا؟

زمن الردح الجميل

زمن الردح الجميل

إسراء عبدالفتاح وأسماء السيد

A A

«نعم يا أحمد يا عمر » و«شوباش» كلمات ارتبطت بالسيدات التي أطلق عليهن قديما بـ«الرداحة»، واللاتي ظهرن أكثر في الأحياء الشعبية.

ولكن مع التحضر وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، بدأ «الردح» في الاتجاه نحو التكنولوجيا واختلفت وسائل التوبيخ ما بين الحاضر والماضي.

«فرش الملاية»

بمجرد الحديث عن «الردح» تأتي على ذهنك صورة لسيدة في مشاجرة هي تجلس وسط الشارع على عباءة سوداء كانت ترتديها ولا تخجل من إطلاق الألفاظ البذيئة، وإطلاق النعوت وتظل على هذه الحالة لساعات متواصلة، وتتعالى أصواتها حتى تستطيع تجميع المارة من حولها.

واشتهرت بعض الكلمات والجمل التي تدل على وجود "مشاجرة" تقوم "الرداحة" بإطلاقها، وبدأت في الانتشار بصورة كبيرة مع بداية القرن الـ 20.

«نعم يا أحمد يا عمر»

تقول السيدة السبعينية «ن،ع»، إن المناطق الشعبية في القاهرة والجيزة وغيرها من محافظات القاهرة اشتهرت بوجود سيدة تستطيع «الردح» بإطلاق وابل من الكلمات المعروفة في «قاموس الردح» ـ بحسب قولها».

وأضافت لـ«تليجراف مصر» "من أشهر هذه الجمل هي «نعم يا أحمر يا عمر»، والتي لها تاريخ حيث كان شابا وسيما «يدعى أحمد عمر» يسكن في إحدى المناطق الشعبية، بسبب طلبه للعلم وحينها كان معظم رجال المنطقة في الحرب، فبدأ أحمد في التعرف على السيدات واحدة تلو الأخرى، حتى عرف قصص جميع سيدات المنطقة، وأطلق كل تلك الأسرار مع زوجة أحد أكبر رجال المنطقة وبدأت تعايرهن بما باح به «أحمد عمر»، فخرجت عليها سيدة من سيدات المنطقة لتقول لها: «نعم يا أحمد يا عمر» وتم استخدامها لمن يدعي الفضيلة.

«نعم يا دلعدي»

وأوضحت السيدة الثمانينية هدى محمد، أن منطقة بولاق كانت من ضمن المناطق الشعبية، لذلك كان يكثر بها المشاجرات خاصةً النسائية، فكان قديما يتم استخدام عبارة «نعم يا دلعدي»، وهي عبارة استنكارية بمعنى «عيد اللي قولته تاني» ولكنها في الأصل تعنى «نعم يا ألد أعدائي».

أما عن «شوباش»، فأشارت إلى أنها كانت تستخدم في المشاجرات أيضا إضافة إلى جملة «اللي ما يشتري يتفرج»، في تصريح من السيدة على قيامها بالمشاجرة مع الطرف الثاني وتجميع المارة عليه وكأنه بضاعة تباع وتشتري فبالضروري أن المارة ستتجمع حول صوت الشجار وسيروا ماذا ستفعل السيدة.

"سفيه وصفيق"

وحول تطور استخدام الشتائم باللغة العربية الفصحى واللغة الإنجليزية في الآونة الأخيرة، أجرى "تليجراف مصر" استطلاعًا للرأي، فقال شاب يدعى “محمد السيد” "إن الشتائم هي جزء من ثقافة المصريين، نستخدمها للتعبير عن الغضب أو الاستياء".

وتابع البالغ من العمر 30 عاما "عشقي للغة الفصحى جعلني أستخدمها حتى في المواقف التي تتطلب استخدام الألفاظ النابية، في ذات يوم، وصفت شخصًا بالسفيه، وهو مصطلح يُطلق على الشخص الذي يتصف بالبذاءة والخروج عن الآداب العامة".

وأضاف "وفي مرة أخرى، وجهت لشخص وصفًا  "يا صفيق"، وهو مصطلح يُطلق على الشخص الوقح الذي يتكلم دائمًا بلا حياء في حديثه أو تصرفاته أو أفعاله".

"أهوج وأحمق"

"أنت شخص أهوج".. وصفت أسماء، خميس سائق سيارة يسير بسرعة جنونية بهذه الكلمات، وهي "شتيمة" تُطلق على الشخص المتسرع والمُندفع الذي يتصرف دون تفكير أو وعي، مما قد يؤدي إلى ارتكاب أخطاء خطيرة.

وفي واقعة أخرى، وجهت أسماء لشخص وصفًا بـ"يا أحمق"، وهي كلمة تُطلق على الشخص الغبي أو غير العاقل أو عديم الفهم.

وأشارت البالغة من العمر 27 عاما، أنها قالت أسماء هذه الكلمة للشخص الذي كان يتحدث معها بطريقة غير لائقة، حيث كان يحاول التقليل من شأنها والاستهزاء بها.

“شتيمة بالإنجليزي”

إسراء وهي أم لطفلة في الحضانة سمعت كلمة من والدة زميل ابنتي في الحضانة أثناء مشادة كلامية بيني وبينها، وتشير هذه الكلمة إلى أنني إنسانة وقحة.

وأوضحت إسراء أن هذه الكلمة أثارت غضبها، وشعرت بالإهانة الشديدة، خاصة أنها كانت أمام ابنتها.

لذا حاولت أن تشرح للمرأة سبب اعتراضها على سلوك ابنها، ولكنها لم تستمع لها، بل استمرت في إهانتها.

في النهاية، قررت أن تغادر الحضانة، وكانت هذه الواقعة بمثابة درس لها، وتعلمت منها أن لا تسمح لأي شخص بإهانتها، مهما كانت الظروف.

خناق الستات 

قاموس جيل z

وعلى مدار الألفية وحتى وقتنا هذا، بدأ الشباب في خلق مفردات جديدة حتى أصبح لهم قاموس مختلفا، مهما كانت الأعمار المختلفة من حولهم فلا يستطيعوا التواصل معهم.

ومن ضمن قاموس الشباب في الوقت الحالي، كلمات "فكك وطرش ولطخ" بجانب بعض الكلمات الخاصة بقاموس العلاقات ومنها" دي علاقة توكسيك وريد فلاج" وغيرها من المصطلحات التي اختلفت بين الماضي والحاضر. 

تداخل المفردات 

أوضح أستاذ التراث الشعبي، الدكتور محمد أمين عبدالصمد، أن المفردات تفنى مع الأيام كون أن اللغة العربية متجددة، فنجد بعض الكلمات التي يتم استخدامها بالعامية في الوقت الحالي يعتمدها مجمع اللغة العربية، ويتم استخدامها بشكل رسمي، مضيفا أن وسائل التواصل المختلفة خلقت تداخل بين المفردات وليست فقط في اللغة العربية بل تداخل بين أكثر من لغة.

واستكمل "هناك تعريب لبعض الكلام، وخاصة في قاموس الشباب خلال الفترة الحالية، فنجد البعض يقول "أنا كنسلت المشوار" في إشارة منه إلى إلغاءه".

وأوضح "نجد في الوقت الحالي أن هناك بعض الكلمات التي كانت تدخل في النقاشات اليومية والشجار، بدأت في الاختفاء في الوقت الحالي نتيجة اختلاف الأجيال واختلاف وسائل تعبير المواطنين عن غضبهم، إلا أن حتى الآن نجد ظاهرة "الرداحة" متواجدة في بعض المناطق الشعبية ولكن ليست بنفس الطريقة التي انتشرت بها قديما". 

مشاجرة بين سيدات 

«قاموس الردح المتجدد»

يقول الباحث في التراث الشعبي المصري، محمد فتحي، لإن قاموس الكلمات المصرية يختلف باختلاف الأجيال، ففي بداية التسعينيات بدأت تظهر ما يسمى بـ"الفرانكو" وعلى الرغم من عدم انتشاره في الوقت الحالي إلا أنه حينها كان حديث جميع المواطنين، وهو ما ينطبق أيضًا على طريقة "الردح" قديما وتعتبر تراث شعبي، فأصبح هناك "قاموس للردح متجدد" بما يوازي انتشار السوشيال ميديا.

واستكمل " قديما السيدات وخاصة في الإسكندرية كانت ترتدي "الملاية" وعند الدخول في مشاجرة تفرش "الملاية" وتبدأ في إطلاق الجمل المشهورة، ومنها أيضا جملة "بطلوا ده واسمعوه ده" وهي مطالبة ونداء للمارة أن يتركوا ما في أيديهم ليسمعوا الحديث ويكونوا شاهدين عليه".

search