الإثنين، 09 سبتمبر 2024

08:55 ص

"العاملون بالخارج".. الغائب الحاضر في الاقتصاد المصري

دولارات - تعبيرية

دولارات - تعبيرية

ولاء عدلان

A A

تتحرك الحكومة المصرية على محاور عدة لزيادة إجمالي إيراداتها من العملة الصعبة إلى نحو 191 مليار دولار بحلول العام 2026 من مستوى 99 مليار دولار خلال العام المالي 2022/2023 ، أحد هذه المحاور هو تحويلات العاملين بالخارج. 


تستهدف الحكومة محور تحويلات المصريين العاملين بالخارج بعدة محفزات استثمارية ومبادرات تسعى لتلبية احتياجاتهم وتقدم تسهيلات واسعة لهم كمبادرتي سيارات المصريين بالخارج وتسوية الموقف التجنيدي.

مصر السابعة عالميًا

يوضح الخبير الاقتصادي عادل عامر إن تحويلات المصريين تلعب دورا حيويا في تعزيز الموارد الدولارية للدولة، فهي ثاني أكبر مصدر للنقد الأجنبي لمصر بعد الصادرات بنسبة تتجاوز الـ23%.

تأتي مصر في المرتبة السابعة عالميًا بين الدول المتلقية للتحويلات المالية للعاملين بالخارج، وفق تقرير لمجلس الوزراء بتاريخ 17 نوفمبر الماضي، وتستهدف الحكومة الوصول بقيمة هذه التحويلات إلى 45 مليار دولار ضمن مساعيها لرفع حصيلتها من النقد الأجنبي إلى 191 مليار دولار بحلول 2026، وفق تصريحات سابقة لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي في 11 يوليو الماضي. 


حزمة مبادرات 


“منذ العام الماضي كثفت الحكومة جهودها لجذب استثمارات المصريين العاملين بالخارج من خلال حزمة من المبادرات والتيسيرات”، يقول عادل عامر، مشيرا إلى أن هذه المبادرات نتاج لجهد مشترك من الوزارات المعنية، وعلى رأسها وزارة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج التي بلورت المبادرات في ضوء نتائج حلقات نقاش مع العاملين بالخارج لتتوفق مع احتياجاتهم. 


أبرز هذه المبادرات مبادرة سيارات المصريين بالخارج، ومعاش “بكرة” بالدولار، وتسوية الموقف التجنيدي، والشهادات الدولارية، ومبادرة إعفاء الذهب من الرسوم الجمركية للقادمين من الخارج، بحسب تصريحات لوزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج السفيرة سها جندي، خلال مشاركتها في ورشة عمل بمقر مجلس دعم واتخاذ القرار في العاصمة الإدارية الجديدة بتاريخ 24 أكتوبر الماضي. 


سيارات المصريين بالخارج.. نموذجًا 


استحوذت مبادرة تيسير استيراد سيارات المصريين بالخارج على اهتمام واسع منذ انطلاقها في نوفمبر 2022 وحتى نهايتها في مايو الماضي مع تقديمها إعفاء للسيارات المستوردة من الضرائب والرسوم مقابل وديعة بنكية لصالح وزارة المالية بالعملة الأجنبية لمدة 5 سنوات، على أن يتم استردادها بعد هذه المدة بالجنيه المصري بسعر الصرف وقت الاسترداد.

بحسب بيانات وزارة المالية، بلغت حصيلة المبادرة نحو 900 مليون دولار حتى تاريخ 15 مايو، وأعادت الحكومة تفعيلها في أكتوبر الماضي بعد تعديل بعض بنودها بموجب قانون جديد بناء على توصيات مؤتمرات المصريين في الخارج.

يشيد رئيس رابطة تجار السيارات أسامة أبو المجد،  بتجديد المبادرة للمرة الثانية بعد انتهائها في مايو، موضحًا أن القانون الجديد عالج بعض أوجه القصور التي شابت القانون الأول الخاص بالمبادرة وذلك عبر مد فترة سداد قيمة الوديعة من 3 لـ 6 أشهر وخفض قيمتها إلى 30% من قيمة جميع الضرائب والرسوم التي كان يتعين أداؤها للإفراج عن السيارة بدلا من 100%.

يتوقع أبو المجد أن يسهم تجديد المبادرة ليس فقط في تعزيز الحصيلة الدولارية للدولة، إنما أيضا في إنعاش السوق المحلية، خصوصا أن القانون أتاح ميزة بيع السيارة القادمة من الخارج دون حظر أو قيود مثلما يحدث مع سيارات ذوي الإعاقة.

جمارك السيارات - تعبيرية

استجابة للعاملين بالخارج


جددت الحكومة المصرية أكثر من مبادرة بعد انتهاء مدتها الرسمية في مؤشر على ارتفاع الطلب من قبل العاملين بالخارج على الاستفادة من هذه المبادرات وأيضا على جهود الحكومة لتقديم محفزات أفضل.

على سبيل المثال، مدّد مجلس الوزراء الشهر الماضي قراره الخاص بإعفاء واردات الذهب من الجمارك لمدة 6 أشهر إضافية بعد دخول نحو 3.2 طن من الذهب بصحبة القادمين من الخارج خلال الفترة الأولى للمبادرة من مايو إلى نوفمبر 2023، وفق بيانات الجمارك المصرية. 


يرى عادل عامر أن مد آجال المبادرات يعكس نجاح الحكومة في استهداف العاملين بالخارج بمبادرات تطال شريحة كبيرة منهم، كمبادرة تسوية الموقف التجنيدي (المبادرة أعلنتها وزارة الخارجية في يوليو الماضي وقامت بمدها في سبتمبر لشهر إضافي بناء على طلب العاملين بالخارج، وهي تستهدف المصريين ممن حل عليهم الدور فى سن التجنيد ويقيمون في الخارج حيث يمكنهم تسوية موقفهم مقابل سداد مبلغ 5 آلاف دولار). 


المصريون والبنوك

ضمن مشاركتها في مبادرات تعزيز تحويلات المصريين بالخارج، طرحت البنوك المصرية شهادات إدخار دولارية بعائد وصل إلى 9% في يوليو الماضي، وبحسب الخبير المصرفي هاني العراقي هذه الشهادات وإن كانت جذبت شريحة من العاملين بالخارج إلا أنها ستظل أقل فاعلية، حال إعادة طرحها في 2024، ما لم يحدث استقرار لأسعار الصرف بصورة تحد من نشاط السوق الموازية، لا سيما وإن المصريين يفتقدون للوعي المالي ويفضلون الاحتفاظ بالدولار نقدا وليس في صورة شهادات أو غيره من الاوعية الادخارية.

يوافقه الرأي الخبير الاقتصادي عادل عامر مضيفًا أن تحويلات العاملين بالخارج بالمقارنة بعددهم البالغ عددهم نحو 14 مليون مصري، يمكن أن تتجاوز مستويات الـ31 مليار دولار، حال القضاء على السوق الموازية الأمر الذي من شأنه استعادة أموال المصريين واستثماراتهم باتجاه الوطن.

في العام 2021/2022 بلغت تحويلات المصريين بالخارج مستوى قياسيًا عند 31.9 مليار دولار لتتراجع إلى مستوى 22.1 مليار دولار بنهاية العام المالي الماضي، بحسب تصريحات السفيرة سها الجندي في 24 أكتوبر الماضي، هذا التراجع يعكس عدة عوامل أهمها ارتفاع معدلات التضخم عالميًا وما تبعه من ارتفاع لتكاليف المعيشة وبالتالي تغير أولويات الإنفاق، فضلا عن تأثير السوق الموازية.

search