الإثنين، 16 سبتمبر 2024

11:22 م

"عانس".."قطر الزواج فاتها".. المجتمع عندما يقتل أحلام البنات

تأخر الزواج للفتيات

تأخر الزواج للفتيات

إسراء عبدالفتاح وأسماء السيد

A A

"عانس والقطر فاتك"، كلمات لطالما وضعت سيفًا على قلوب ورقاب الفتيات اللواتي لم يسبق لهن الزواج.

أنت عانس

نوبة غضب واستياء انتابت الصيدلانية "عبير. أ"، البالغة من العمر 42 عامًا، عندما وجهت إحدى النساء سؤالًا محرجًا على حد وصفها، "متجوزتيش ليه".

وأضافت عبير، هذه النوعية من الأسئلة تضعني في حالة من الارتباك، فماذا عليّ أن أجيب؟

نظرات الناس كالسيف في قلبي، ندبات نفسية لا تلتئم وجروح يصعب علاجها، إذ أصبحت في مرمى الاتهام والخوض في شرفي وسمعتي بات مستباحًا ما دمت بدون "ظل رجل".

لماذا ينظر المجتمع لغير المتزوجات بصورة طبقية وعنصرية؟، بهذا السؤال رقت عيناها دمعًا وهي تنتظر إجابة تشفي بها غليلها وتطهر بها جروحها.

تأخر الزواج 

وترى الصيدلانية الأربعينية، الحل الأمثل للتعامل مع هذه النوعية من الأسئلة بالتجاهل التام".

وأضافت: "يجب على الآخرين معرفة أن هناك أسبابًا وراء تأخر زواجي، وهناك أسباب أخرى خارجة عن إراداتي، فكل شيء قسمة ونصيب".

"خُطِبْت مرة واحدة فقط، لكنه كان من محافظة أخرى"، تحدثت عبير عن تجربتها الوحيدة في الارتباط، مؤكدة أنها لم تستطع التكيف مع اختلاف العادات والتقاليد بين عائلتها وعائلة خطيبها، ما أدى إلى الانفصال".

قطر الجواز فاتك

"قطر الجواز فاتك"، لعل هذه الجملة هي الأقل حدة مما قيل لــ"أسماء.خ"، صاحبة الـ41 عامًا، واصفة تلك العبارات بـغير اللائقة من الآخرين تجاهها.

ورغم هذه الضغوط، قررت ألا تنزعج من وصم الناس لها، لأنها تؤمن بأن الزواج رزق من الله، وليس هو كل شيء في الحياة.

وتقول: "قررت التركيز في حياة العملية والمهنية، وانطلقت كالسهم نحو أهدافي"، لافتة إلى أن عملها كمهندسة يضع أمامها تحديات لا تنتهي.

وترجع أسماء السبب وراء تأخر زواجها إلى الشروط المادية الصعبة التي كانت تفرضها على كل من يتقدم لخطبتها، إذ كانت تشترط وجود سكن فاخر ومهر عال وراتب شهري يمكنها من خلاله أن تعيش حياة مرفهة.

أدركت المهندسة الأربعينية أنها كانت مخطئة، فالبيوت تبني بالتفاهم والاحترام والود والرحمة ليس إلا ذلك.

الزواج 

يا بايرة

تقول "هيام. ف"، لم أكن اتخيل أنني سأتخطى الأربعين من عمري دون زواج، كثيرًا ما حلمت بأسرة وزوج وأطفال وحياة مستقرة كباقي فتيات جيلي.

أحلم بزوج يؤنس وحدتي، عبرت الفتاة الأربعينية عن أمنياتها المؤجلة إلى أجل غير مسمى.

وتابعت، خلال فترة الجامعة تقدم لي أكثر من شاب، لكني فضلت حينذاك استكمال دراستي والالتحاق بوظيفة تؤمن لي حياتي المادية.

واستكملت: "مع مرور السنين، وانشغالي في العمل نسيت الزواج، وركزت على بناء حياتي المهنية، وتحقيق أهدافي، وأنا أشعر ببعض الندم على عدم الزواج في وقت مبكر، وأشعر بالوحدة، وأريد أن أشارك حياتي مع شخص أحبه وأثق به، وأن أسمع كلمة ماما".

وأوضحت: "تعرضت كثيرًا للضغوطات من المجتمع والعائلة، أتذكر موقفًا مؤلمًا تعرضت له عندما قالت إحدى الجيران لوالدتي "بنتك بايرة".

واستكملت، "شعرت بالحزن الشديد وعدم القبول ممن حولي، ولا أستحق أن أكون سعيدة عندما سمعت هذه الكلمة".

 

إقبال الشباب على الزواج 



"علاقات عاطفية غير رسمية"

يقول استشاري الصحة النفسية، الدكتور وليد هندي، إن مغالاة بعض الأهالي في تكاليف الزواج أثر على حالة إقبال الشباب على الزواج بشكل عام، وهو ما أدى إلى نعت بعض الفتيات بـ"العانس"، مؤكدًا أن الخطأ من المجتمع نفسه وليس الفتاة فهو مجرد رزق يكتبه الله للإنسان.

وأضاف، أن الفتيات يصبن بنوع من الإحباط نتيجة بعض الكلمات التي تسمعها مثل "أنتى عنستى"، "إزاى متجوزتيش لغاية دلوقتى"، لذلك تبدأ في الموافقة على أي شاب يتقدم لها حتى إن كان غير مناسبا لذلك تزداد عمليات الطلاق خلال الفترة الماضية.

أما عن تأثيره على الفتيات المراهقة، فأكد هندي أن تلك الكلمات تشكل خطرا كبيرا على الفتيات من سن الـ10 لـ17 عامًا وهي فترة المراهقة، فوجدنا في الوقت الحالي، أن الفتيات في تلك المرحلة يبدأن البحث عن علاقة عاطفية حتى لا يقال عنها "عانس" كما تلقب شقيقتها أو أي فتاة أكبر منها عمرا، وهو ما يؤثر عليها سلبا بشأن دخولها في أكثر من علاقة في سن صغير.

إقبال الفتيات على الزواج


 

زيادة معدلات الطلاق

وأوضحت أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، الدكتورة ابتسام مرسي، أن تلك الكلمات التي تقال على الفتاة التي تأخر زواجها، له عامل قومي في زيادة معدلات الطلاق في الوقت الحالي، فالفتاة تهرب من هذا النعت، بزواجها من أول شاب يتقدم لها، حتى لا يقال عنها "القطر فاتها".

واستكملت: "يجب على الفتيات أن يكونوا على دراية ووعي بما يفعلن في أنفسهن فالدخول في العلاقات العاطفية في سن صغير يكون له أثر سلبي نتيجة إصابتهم بالصدمات العاطفية فنجدهم عن وصولهم لسن الـ25 لا يريدون الارتباط أو لديهم خوف من تحمل المسؤولية". 

search