الجمعة، 22 نوفمبر 2024

04:31 ص

سياسة حافة الهاوية.. تمويل الحكومة الأمريكية على طريق وعرة

مبنى الكونجرس

مبنى الكونجرس

ولاء عدلان

A A

وافق المشرعون الأمريكيون، مساء أمس الأربعاء، على اتفاق إنفاق قصير الأجل لتجنب إغلاق جزئي وشيك لحكومة أكبر اقتصاد في العالم، التي لا تزال على طريق وعرة للوصول إلى اتفاق طويل الأجل بشأن الموازنة الشاملة للحكومة.

وأعلن زعماء الكونجرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في بيان مشترك، عن أنه جرى التوافق مبدئيا على تمديد تمويل أجزاء من الحكومة حتى 8 مارس وجزء أخر حتى 22 مارس المقبل، في محاولة لكسب الوقت آملا في الوصول إلى اتفاق طويل الأجل بشأن تمويل الحكومة.

يعد هذا التمديد للعمل بموازنة الحكومة قصيرة الأجل الرابع من نوعه منذ سبتمبر 2023، ووفق المعلن يفترض أن يتوصل قادة الكونجرس المنقسمون خلال الأسبوع المقبل لتوافق يمهد الطريق لتمرير 6 مشروعات قوانين من أصل 12 مشروعا يحتاج المشرعون إلى إقرارها قبل 22 مارس لتمويل عمل الحكومة الفيدرالية ككل وليس أجزاء منها، وإلا سيتم إغلاق هيئات الحكومة الفيدرالية اعتبارا من فجر السبت 23 مارس بما في ذلك وزارات الدفاع والخارجية والأمن الداخلي.

انقسام حاد

الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عامر، يقول إن الولايات المتحدة في كل مرة تصل إلى طريق مسدود سواء بشأن قوانين تمويل الموازنة الحكومية أو رفع سقف الديون، يحسم قادة الجمهوريين والديمقراطيين الأمر في اللحظات الأخيرة لتجنيب البلاد التخلف عن سداد التزاماتها سواء محليا أو دوليا.

توقع تقرير لصحيفة “يو إس توداي”، أن يحظى الاتفاق بدعم غالبية أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين في وقت لاحق اليوم الخميس، وكذلك سيمر بسهولة من خلال مجلس الشيوخ، إلا أن الموجهة الكبرى ستبدأ مع انطلاق عمليات التصويت على القوانين الخاصة بتمويل الحكومة طويل الأجل، إذ يطالب الجمهوريون بخفض الإنفاق الحكومي ويصر صقورهم المحافظين على ربط إقرار أي دعم إضافي لأوكرانيا بتخصيص المزيد من الأموال لتأمين الحدود الأمريكية.

في المقابل يسعى فريق بايدن ممثلا في الحزب الديمقراطي لتمرير قانون الأمن القومي البالغة قيمته 95.3 مليار دولار، ويتعلق بشكل مباشر بالمساعدات العسكرية لكل من إسرائيل وأوكرانيا وتايوان، ورغم توصل قادة الكونجرس في يناير الماضي لاتفاق يوفر تمويل الحكومة الفيدرالية حتى نهاية سبتمبر المقبل (موعد نهاية السنة المالية في أمريكا) بقيمة 1.6 تريليون دولار، إلا أنهم لم يحددوا بعد كيف سيتم تخصيص هذه الأموال.

ويحدث الإغلاق الجزئي أو الكلي عندما يفشل الكونجرس في التوصل إلى توافق بشأن التمويل الحكومي وسقف الديون المسموح به، ويقصد بالإغلاق الحكومي أن تمنح هيئات ووزرات الحكومة الفيدرالية إجازة بدون راتب لموظفيها، ومنذ 1976 شهدت أمريكا أكثر من 18 إغلاقا كان أعنفها في 2013، عندما أغلقت الهيئات الحكومية جميعها أبوابها لمدة 16 يوما، ما كلف الاقتصاد 24 مليار دولار، وفق تقرير سابق لوكالة "ستاندرد آند بورز".

لافتة توضح إغلاق الحدائق العامة في أمريكا نتيجة للإغلاق الحكومي


سقف الديون

في أغسطس الماضي، خفضت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش"، تصنيف أمريكا من "AAA"  إلى "AA+"، وقالت إن الولايات المتحدة تشهد تدهورًا مستمرًا منذ 20 عامًا فيما يتعلق بالمسائل المالية والديون ما دفعها من وقت لأخر لرفع سقف الديون إلى أن توصلت منتصف العام الماضي لتعليق العمل بآلية سقف الدين حتى الربع الأول من العام 2025.

مطلع يناير الماضي، تجاوز الدين العام للحكومة الأمريكية حاجز الـ34 تريليون دولار لأول مرة في تاريخ البلاد، بحسب الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عامر، وأضاف أن الولايات المتحدة منذ سنوات تعاني من خروج الإنفاق الحكومي عن السيطرة لدرجة دفعت عجز الموازنة للوصول إلى نحو 1.6 تريليون دولار الأمر الذي يفرض عليها الاستدانة من أسواق الدين لسد هذه الفجوة.

وتابع أن ارتفاع ديون أمريكا إلى مستويات قياسية هو الدافع الأول لمطالبة فريق المحافظين في الكونجرس لخفض الإنفاق الحكومي وفي العام 1917 فرضت القوانين الأمريكية سقفًا للديون لوضع حد لزيادة الإنفاق الأمر الذي جعل الدولة في حالة من الشد والجذب المستمر بسبب ارتفاق الإنفاق ومستويات الديون.

لكن عامر، شدد على أن الولايات المتحدة لم تتخلف يوما عن سداد ديونها، إذ تمتلك اقتصادا في غاية المرونة والأهم امتياز طباعة الدولار وهو العملة الأقوى عالميا إذ يمثل نحو 40% من حجم التجارة العالمية ويستحوذ على أكثر من 50% من احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنوك المركزية حول العام، الأمر الذي يفسر أيضا نظرة العالم لسندات الخزانة الأمريكية (وهي أدوات دين) باعتبارها أكثر الأصول أمانا.

search