الجمعة، 20 سبتمبر 2024

07:05 ص

د. ياسمينا شاهين
A A

مقابلة ذات يوم

“لا بد للحق من قوة تحميه” 

تكاد تكون أول مرة أقوم فيها بنشر حديث صحفي..
ولكنه في الواقع ليس حديثًا صحفيًا
بل دعوني أوضح بدقة أكثر أنه ليس مجرد حديثًا!
ولم يكن مرتبًا له إطلاقًا! 
بل كانت مقابلة أو اجتماع  بمحض الصدفة 
لمناقشة أمر من أمور العمل.. 
ولكن خلال هذه المقابلة، رزقنا الله فيها بحكيم 
هو ليس مجرد حكيم، بقدر ما هو إنسان.. 
وخرجت من هذه المقابلة التي لا يمكن أن تكفيها أبدًا مقالة واحدة بدرس كبير جدًا: 
“و إن للحكمة أناس، يرزقهم الله بنعمة القلب، كي ينيروا الأمل ما دامت الحياة”.. 
الأستاذ-محمود بكري- حفظه الله لم يكن مجرد محاميًا أو شابًا، ولكنه فقيهًا، متأثرًا بشدة بتراث الأجداد، بعشق التاريخ، بقيمة الفقه، بفضل تماسك العائلات وصلة الأرحام.. 
أي أعادنا إلى قيم، بات مجتمعنا أن ينساها وسط زحام السوشيال ميديا المرعب! 
قيم إنسانية توارثها المصريون عن أجدادنا أهل مصر الطيبين.. 
من قبلي و بحري، من الريف المصري الجميل، للصعيد ذو أهل الشهامة والشرف والكرم ولاد البلد الجدعان 
لأهل الحضر بحماستهم و إشراقهم وحبهم للحياة 
الذين يعطوا دون مقابل ويكرموا دون أخذ و يقدمون أرواحهم فداء لوطنهم وأهلهم ولله قبل كل شيء .. 
قال لي حكمة جميلة 
ولعلها كانت أيضًا درسًا كبيرًا في منهج كلية الحقوق، كلية الحكماء.. 
وأنا بصفتي طبيب، استشعرت قيمة التكامل 
فلا يمكن أن يعيش الطبيب دون حكمة 
فالطبيب حكيم  بالأساس.. 
قال: “لا بد للحق من قوة تحميه”!
ولكن أتبعها بقوله: "من أراد عزا بباطل، أورثه الله ذلا بحق" ! 
جملتين بميزان الذهب..
وكان متأثرًا بشدة بجده -رحمه الله-
ولعل هذا النموذج الطيب يؤكد على أهمية ارتباط الشباب بعوائلهم وأجدادهم، فلديهم من الحكمة والحكم ما يكفينا عن الزمن!
وللكلمة لديهم وزن كبير 
بميزان والله أغلى من الألماس! 
دعونا أعزائي نتأمل أول جملة: "لا بد للحق من قوة تحميه" 
أتعلمون أين القوة الحقيقية؟! 
هي ليست فقط على القوة المادية التي نعرفها جميعا، بل و لنلقي نظرة إلى القوة المعنوية التي قد أظن أنها أقوى وأولى وأكثر تأثيرًا..

القوة في الله، في الصبر، في الضمير، في الثبات والمثابرة والكفاح، في الإرادة، في الصلابة 
في الشرف، في الطهارة 
في الإيجابية 
لا في استغلال نعم الله التي وهبها إياك كي تسلب حقوق الغير وتظلمهم.. 
القوة في أن يسامح المظلوم ويفوض أمره لله ولا ينتقم 
في أن يعالج المجروح آلامه بالصفح 
القوة في العمل الصالح ودرء المفاسد والدفع بالتي هي أحسن والمبادرة بحسن الظن والحسنى.. 
القوة في الله لا في استعباد العباد أو تأليههم..
فنحن لله ومن الله وإلى الله.. 
وأن نحول طاقة الغضب التي بداخلنا عندما تسلب حقوقنا إلى صفح، فالصفح يجعل القلب يصفى والعقل ينير لتأخذ حقك بحرفة.. 
ولكن على نفس الكفة يجب أن ننتبه جيدًا لمسمى وتعريف الحق.. 
فالحق هو ما يريده الله لصالح البشرية ولصالح نفسك الطيبة، حتى لو ظننت أنه قد يكون ذلا لك!
فما هو ملك غيرك -بمشيئة الله-  لا يمكن أن تسلبه تحت ستار الحق، رغبة منك في طمع أو جشع أو غيره! 
لأنك وإن سلبته 
وإن أقنعك شيطانك بأنك انتصرت 
فأنت في قمة "العاااار" يا صديقي.. 
انتبه..
فالحياة فانية 
وما باقي غير وجه الله ثم عطر سيرتك التي ستتركها عملا صادقا لك في الدنيا و نورا لبصيرتك في الآخرة.. 
وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (22) 

search