الجمعة، 22 نوفمبر 2024

07:05 م

تحرير سعر الصرف.. إيجابيات عدّة تحجبها "الصدمة النفسية"

الجنيه والدولار

الجنيه والدولار

ولاء عدلان

A A

في خطوة مفاجئة، أعلن البنك المركزي المصري، صباح اليوم الأربعاء، توحيد سعر الصرف ورفع سعر الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس، بداعي “حماية التنمية المستدامة وتعزيز مرونة الاقتصاد الوطني في مواجهة الصدمات المتتالية”. 

 وقال البنك المركزي إنه سيواصل استهداف التضخم كمرتكز اسمي للسياسة النقدية مع السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقاً لآليات السوق، مضيفا أنه يعتبر توحيد سعر الصرف إجراءً بالغ الأهمية، حيث يسهم في القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمي والموازي. 

وأوضح خبير الأسواق المالية معتصم الشهيدي أن القرار إيجابي جدا وسيسهم في الحفاظ على مكتسبات الفترة الماضية المتمثلة في تضييق الفجوة بين السعر الرسمي “السابق” للدولار (30.8 جنيه) وسعر السوق الموازية الذي تجاوز الـ70 جنيها في مطلع العام، قبل أن يعاود التراجع خلال هذا الشهر تحت تأثير نجاح الحكومة في إبرام صفقة “رأس الحكمة” التاريخية بقيمة وصلت إلى 35 مليار دولار. 

قرار مناسب 

وأضاف أن تأثير القرار سيظهر على المدى الطويل، وليس الآن، حيث لا تزال الأسواق تحت تأثير الصدمة النفسية للقرار، ومن المتوقع أن يسهم في تعزيز تحويلات المصريين من الخارج وزيادة التدفقات الدولارية وسحبها من السوق السوداء للعملة لصالح البنوك العاملة في الدولة. 

وتوقع أن يسهم القرار على المدى المتوسط والطويل في تحجيم التقلبات السعرية الحادة في أسعار غالبية السلع والخدمات، مشيرا إلى أن السوق المصرية منذ العام الماضي تعاني من ظاهرة الدولرة وتسعير السلع بالدولار غير الرسمي، الأمر الذي أسهم في تغذية التضخم. 

اتفق معه الخبير المصرفي هاني العراقي، واصفا القرار بالإيجابي للغاية، ومن شأنه القضاء على ظاهرة السوق السوداء إلى حد كبير إن لم يكن بشكل نهائي وتام. 

وأشار إلى أن سعر الدولار في بعض البنك وصل بعد دقائق من إعلان المركزي تحرير سعر الصرف إلى مستويات 44 جنيها، ومن المتوقع أن يتحرك في نطاق بين 48 و50 جنيها للدولار الواحد، على أن ينزل بعد ذلك إلى مستويات 42 قبل أن يستقر لاحقا عند مستويات 36 جنيها للدولار. 

وأضاف العراقي أن مستويات الـ36 جنيها تعد السعر العادل للدولار، مشيرا إلى أن القرار سيسهم في دفع حائزي الدولار، تحديدا من المضاربين في السوق السوداء، للتخلي عن الدولار واللجوء للقطاع المصرفي الرسمي لبيعه، وقد نشاهد خلال أيام إعلان البنوك عن العمل لفترة مسائية لجمع الدولارات بأسرع وتيرة ممكنة والمساهمة في الحدّ من الأثر النفسي للقرار. 

وتابع أن قرار المركزي سيسهم في عودة نشاط تحويلات المصريين بالخارج وجذب الاستثمارات الأجنبية، الأمر الذي سينعكس إيجابا على احتياطي النقد الأجنبي خلال الفترة المقبلة وسيسهم في معالجة أزمة نقص الدولار المستمرة منذ أكثر من عامين. 

6% رفعا لأسعار الفائدة 

تحفظ العراقي على قرار البنك الخاص برفع سعر الفائدة بنحو 6%، موضحا أن هذا الرفع لم يكن ضروريا كون التضخم في مصر أزمته ليس مستويات الطلب كي تعالجه السياسيات النقدية، بمقدر ما هو انعكاس لأزمة شح الدولار والعملة الصعبة عموما التي بمجرد توفرها في القطاع المصرفي سيكون من السهل استقرار الأسعار تدريجيا بما يسمح بكبح التضخم مع حلول نهاية العام. 

من جانبه، رأى مساعد رئيس حزب العدل للشؤون الاقتصادية، الخبير الاقتصادي حسام عيد، أن توقيت قرار البنك المركزي المفاجئ بتحرير سعر الصرف غير مناسب على الإطلاق. 

وأوضح أن القرار يأتي قبل حلول شهر رمضان بأيام الأمر الذي سيسهم في زيادة الأسعار بنسبة قد تصل إلى 50% ومضاعفة تأثير خفض قيمة الجنيه على معدلات التضخم (ارتفاعات بمستوى أسعار السلع والخدمات) التي من المتوقع أن ترتفع بسرعة صاروخية من مستوياتها المسجلة نهاية يناير عند 29% إلى مستويات تتجاوز 38% وقد نشاهدها أعلى مستوى 40% قبل نهاية مارس الحالي. 

وأضاف أنه من المعروف في هذا التوقيت من كل عام تميل مستويات الطلب في السوق المصرية للارتفاع لتهافت الأسر على توفير احتياجاتها الضرورية للاحتفال بالشهر المبارك، ما يدفع معدلات التضخم سنويا في رمضان للارتفاع، ومع قرار المركزي بتحرير سعر الصرف سيكون التأثير مضاعفا على معدلات الأسعار.

واستطرد بأن رفع سعر الفائدة بمقدار 6% تزامنا مع قرار التعويم لن يجدي نفعا في كبح التضخم ومنع انفجاره خلال الفترة المقبلة نتيجة لتأثير شهر رمضان، مشيرا إلى أن قرار رفع الفائدة مع التعويم هو أمر طبيعي غرضه سحب السيولة من الأسواق عبر تعزيز الطلب على شهادات البنوك إلا أن هذا لن نراه قبل نهاية رمضان.

لكنه شدّد على أن قرار المركزي يأتي في إطار برنامج الدولة للإصلاح الاقتصادي والتزامها بشروط قرض صندوق النقد الدولي، وكان متوقعا على نحو كبير خلال أول أسبوع من رمضان إلا أن المركزي يبدو أنه اتخذ هذه الخطوة بشكل استثنائي بعد أن شهدت السوق الموازية للعملة الأجنبية خلال اليومين  الماضيين ارتفاعات جديدة إلى مستوى 48 جنيها، بعد أن كانت تتحرك في نطاق بين 40 و42 جنيها نهاية الأسبوع الماضي. 

وتابع أن القرار وإن كان في نصّه ذكر عبارة ترك سعر الصرف ليتحرك وفق آليات العرض والطلب إلا أنه سيكون تعويما مدارا بمعنى أن المركزي سيترك سعر الصرف يتحرك بشكل حر خلال الفترة المقبلة، قبل أن يثبته عند مستويات 36.8 جنيه للدولار الواحد وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي والحكومة المعلنة سلفا مطلع هذا العام. 

وتوقع أن يشهد سعر الجنيه اعتبارا من اليوم ولمدة لا تقل عن أسبوع تقلبات حادة قد تأخذه إلى مستويات أعلى 45 جنيها للدولار في البنوك ارتفاعا من مستواه الحالي 30.8 جنيه. 

search