الأحد، 24 نوفمبر 2024

03:12 م

طارق سعد

طارق سعد   -  

A A

محمد بن هنيدي قال سعود!

أن تصبح نجمًا هي مسألة قدرية سواء كنت تمتلك المقومات اللازمة أو حتى لا فقد يقذف بك القدر في هذه الدائرة بترتيباته ولكن الصعب هو الحفاظ على هذا المكان في ظل المنافسات الشرسة وهي حسابات فنية مادية بحتة أما الأصعب فهو الحفاظ على المكانة وهذا لا يحدث إلا باحترام الذات أولاً ثم احترام أصحاب الفضل في صناعتك ومعهم الجمهور.

على مدار الوقت تظهر العديد من الوجوه الجديدة من النجوم التي تحقق نجاحات فنية وجماهيرية وقد تساهم في تغيير الخريطة الفنية أو إعادة ترتيبها من جديد وعلى رأس هؤلاء "محمد هنيدي" الذي خطف رداء النجم بمشاركته في بطولة فيلم "إسماعيلية رايح جاي" مع نجم كبير مستقر وقتها. 

"محمد فؤاد" الذي حارب لخروج العمل للنور وراهن على مجموعة شباب كمشاريع نجوم تحققت بالفعل "هنيدي - حنان ترك – خالد النبوي" ليقود بعده "هنيدي" جيل جديد في صناعة جديدة للسينما ويتحول كما يصفه "السقا" دائماً إلى رأس السهم التي اخترقت ليعبر خلفه جيل من الشباب يعيد صياغة خريطة الفن بأكمله سينما ودراما.

اكتسب "هنيدي" شعبية جارفة طوال سنوات عمله بعد البطولة والتي صنعها له "آل العدل" بمهارة شديدة لامتلاكه المفتاح السحري وهو "الكوميديا" التي كانت قد توقفت عند الزعيم "عادل إمام" وحدثت فجوة عمرية لم يطل فيها نجوم كوميديا قريبة من أعمار الأجيال الجديدة وكانت تبحث عنهم في تفاصيل الأعمال فـ "هنيدي" نفسه طل على الجمهور من شباك "بخيت وعديلة" الذي صنع دوره وتفاصيله له "الزعيم" وتوقع له مستقبل مختلف عن كل المتواجدين على الساحة.

كأي مرحلة تحتاج بعد مرور الوقت للتطوير إلا أن "هنيدي" تجاهل كل قوانين الطبيعة واستمر يعمل بنفس الأسلوب ونفس الأدوات معتمداً نفس الـ "تيكنيك" في الإضحاك مع إصراره على العمل منفرداً 

فـ"هنيدي" الوحيد الذي لن تجد تقريبًا في أفلامه نجوماً بجانبه ولكنه يفضل دائماً الإنفراد بالكعكة ليُنسَب كل النجاح في النهاية له ولاسمه الذي بدأ يتراجع منذ سنوات ليست بالقليلة دون أي انتباه منه وتآكلت كعكة النجاح التي يصر على الإنفراد بها وتراجعت أعماله وقوتها وتأثيرها لينفرد بكعكة جديدة وهي كعكة الفشل التي تخمرت بمرور السنوات حتى فشل في السيطرة على تمددها من السينما للدراما للبرامج أيضاً ويحقق رقماً قياسياً في فشل الأعمال المتوالية حتى وهو يلجأ على استحياء لبعض النجوم أمثال "عمرو بعد الجليل ومنة شلبي ومحمد سلام" حتى "رحمة أحمد –  مربوحة" لم يستطع إنقاذ الموقف على مستوى الإيرادات أو إرضاء الجماهير ولا على مستوى التواجد فحتى بعد عرض أعماله على المحطات والمنصات لن تجد "إيفيه" واحد على لسان فرد من الجمهور عكس ما كان يحدث في البدايات ويعيش حتى الآن دون أي جديد لينتهي الحال بـ "هنيدي" قانعاً مستريحاً كبطل.

لـ"السوشيال ميديا" وانتقل من المنافسة على شباك التذاكر إلى المنافسة على عدد الـ "الكومنتات والريأكتات والشير"!

رحلة سقوط لا يتمناها لألد المنافسين ولا حتى الأعداء يعيشها "هنيدي" خاصة بعد أن تعبأ في "شوال" من الأموال المغدقة والتي تُضخ بلا حساب لفرض السيطرة وفرض واقع مزيف جديد. 

لم يعد "هنيدي" يهتم بالجودة ولا حتى الاستمرارية.. فقط يهتم بالتواجد بأي ثمن ومهما كان هذا الثمن.. باع "هنيدي" فنه وإبداعه وأصبحت أعماله مجرد بضاعة مضروبة معبأة يفرغها من الـ"شوال" وينقصها أجواء النداءات والتهليل "بجنيه ونص .. وتعالى بص"!

باع "هنيدي" جماهيريته وانتقل طواعية إلى عالم آخر حساباته مختلفة واستقر طواعية في المحفل الذي يستقطب كل النجوم والرموز ليفرض سيطرته وقوانينه ويعيد تشكيل الخريطة .. أصبح بعيداً عن كل أوصاله التي قطعها برغبة أصيلة منه فارتدى اسمه "العُقال" وارتضى أن يسبقه "الفنان السعودي" دون أي خجل بعد منحه الجنسية فوجوده في هذا المحفل يمنعه من الاعتراض ولا يحق له التفكير فيه وتضرب الجماهير كفاً بكف بلسان حال "قال سعودي قال"!

باع "هنيدي" فنه وهو يقف على المسرح يستقبل جملة حماسية من أحد الأشقاء الذين فتنهم سيطرة المال وهو يقول له "هل تعلم أن الرياض أصبحت عاصمة الفن الآن" فيجيب "بن هنيدي" بكل سعادة "نعم أعلم" لينتفض القاصي والداني ضد هذا العرض الهزلي لمشهد عبثي مهما غلا ثمنه يظل رخيصًا!

تغاضى الجمهور كثيرًا طوال مشوار “هنيدي”.. تغاضى الجمهور عن مناطحته لـ "الزعيم" بعد ما أصبح نجماً جماهيرياً متناسياً فضله في تقديمه لتعرفه هذه الجماهير بالاسم.. تغاضى الجمهور عن تنكره لـ "محمد فؤاد" متناسياً فضله في صناعته ببطولة موازية معه كمشروع بطل لم ينتبه إليه أحد غيره وخلق معه عداوة غير مبررة.. تغاضى الجمهور عن قفزه من مركب "آل العدل" أصحاب الفضل في تجليسه على عرش الكوميديا وتثبيته ليرحل بعيداً في أوج نجاحاتهما فيحقق في المقابل مستويات أقل كثيراً مما كان يقدمها معهم.

تغاضى الجمهور عن كل ذلك لأنه رآها قرارات شخصية يبيع من خلالها ما يخصه وحده.

إلا أنه لن يتغاضى هذه المرة عن بيعه تاريخ ومكانة البلد التي كان يسبق اسمها اسمه الذي صنعته له.

ربما أصبح خروج "محمد بن هنيدي" من أجواء المحفل غاية في الصعوبة بعدما سيطرت مواسمه عليه بشهوة العلو والترقي وأصبح عائماً على بحر من الثروات لا يبحث فيها عن جودة ما يقدمه حتى على مسرحه ولا تشغله التفاصيل ولكن خروجه من قائمة نجوم الجمهور المصري الواعي ودعمه أصبح هو المؤكد فـ "بن هنيدي" قال سعود . 

بينما تقف الجماهير الواعية في مواجهته رافعة لافتة كبيرة مكتوبة بالبٌنط العريض الصريح.. "مصر".  

search