الجمعة، 22 نوفمبر 2024

01:28 م

إنشاء ممر بحري للمساعدات هل ينهي الجوع في غزة؟

مساعدات من المطبخ المركزي العالمي

مساعدات من المطبخ المركزي العالمي

أحمد سعد قاسم

A A

بعد خمسة أشهر من الصراع المدمر بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، يعاني القطاع ​​الفلسطيني كارثة إنسانية، وفقًا لمنظمات الإغاثة الدولية، حيث يموت الأطفال جوعًا، ويضطر كثير من الفلسطينيين المحاصرين إلى تناول الأعشاب وأعلاف الحيوانات، ما أثار قلقًا دوليًا واسعًا.

وفي تقرير موسّع، قالت صحيفة “فايننشال تايمز” الأمريكية، أن إسرائيل هي المسؤول الأول في منع دخول المساعدات إلى قطاع غزة منذ بدء الحرب ولولا ضغط الولايات المتحدة على إسرائيل لما استطاعت مصر إدخال المساعدات بسبب عرقلة الاحتلال وسيطرته علي المعابر.

إلهاء صارخ

في الوقت الذي تسبب التدقيق الإسرائيلي المشدّد في تأخير وصول الإغاثة عبر الحدود البرية، تعمل الولايات المتحدة ودول أخرى على توجيه المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر البحر، بالإضافة إلى إلقائها جوًا. ومع ذلك، تشكك منظمات الإغاثة في قدرة هذه الجهود على مواجهة الزيادة في الجوع، حيث انتقدت منظمة “أطباء بلا حدود” العمليات البحرية واصفةً إياها بأنها مجرد “تشتيت للانتباه”، ودعت إسرائيل إلى تسهيل دخول الشاحنات للمنطقة.

وبعد هجوم 7 أكتوبر 2023، تعهّدت إسرائيل بفرض "حصار كامل" على قطاع غزة. وتحت ضغط الولايات المتحدة، تغيّرت تلك السياسة، وبدأت شاحنات المساعدات الدولية بالسفر من مصر إلى غزة عبر معبر رفح الحدودي. وفي ديسمبر، فتحت إسرائيل معبر كرم أبو سالم الحدودي مع غزة.

مساعدات برية

تفتيش صارم

“عبر المعابر الحدودية، تطبق إسرائيل إجراءات تفتيش دقيقة تسببت بشكل متكرر في تعطيل توصيل المساعدات للقطاع المحتاج أصلًا. وقد نتج عن الغارات الإسرائيلية وفاة أكثر من 30 ألف فرد، حسب تقارير الصحة المحلية، وأجبرت 80% من السكان على النزوح. في الوقت نفسه، قام متظاهرون قوميون متشددون من الجانب الإسرائيلي لمعبر كرم أبو سالم، الرافضون لإرسال المعونات إلى غزة، بعرقلة مرور الشاحنات وإتلافها".

وأفاد مسؤولون دوليون بأن العراقيل الرئيسية لتوصيل المساعدات في الشهرين الأخيرين كانت تتمثل في تدهور الوضع الأمني والقانوني والنظام العام في غزة. وقد تعرضت قوافل الإغاثة لإطلاق نار من قبل القوات الإسرائيلية.

وشهد إنتاج الغذاء في غزة انخفاضًا كبيرًا نتيجة تدمير البنية التحتية الغذائية كالمخابز والمصانع والمزارع، أو بسبب تحويلها إلى مناطق محظورة جراء العمليات العسكرية. وكانت شاحنات الإمدادات تدخل القطاع بمعدل 500 شاحنة يوميًا، خمسة أيام في الأسبوع، قبل الحرب، لتلبية احتياجات سكان يعتمدون بالفعل على المساعدات بشكل كبير، وفقًا لإحصائيات الأمم المتحدة، لكن هذا العدد تراجع بشكل ملحوظ، حيث لم يتجاوز أعلى عدد للشاحنات التي دخلت غزة في الأشهر الخمسة الماضية 300 شاحنة، وهو رقم تحقق مرة واحدة فقط. وغالبًا ما كان العدد يقل عن 200 شاحنة يوميًا، وفقاً للأمم المتحدة.

انخفاض مستويات تقديم المساعدات

"زادت الصعوبات بسبب تقلص مستويات المساعدات، ما جعل الشحنات اليومية غير كافية لسد العجز الذي خلفته الحرب والأضرار التي تراكمت على مر الزمن. أشد المتضررين هم أهالي شمال غزة، الذين يُقدّر عددهم بحوالي 300 ألف نسمة، حيث عانت المنطقة أثقل الأعباء نتيجة الهجوم البري الإسرائيلي الأول.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، وجد سكان الشمال أنفسهم مضطرين للجوء إلى تناول الأعلاف والأعشاب والصبّار للبقاء على قيد الحياة. وقد أطلق منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جيمي ماكجولدريك، تحذيرًا الأسبوع الماضي بأن الأطفال يعانون الجوع حتى الموت. وأشار إلى أن منطقة شمال غزة بحاجة ماسة إلى 300 شاحنة من المساعدات يوميًا".

وقال مسؤولون من الأمم المتحدة والولايات المتحدة هذا الشهر، إن الحل الحقيقي يتطلب "إغراق" غزة بالمساعدات، ليس فقط لمساعدة سكان غزة الذين يعانون، بل لتقويض السوق السوداء. ومن شأن ذلك أن يحسِّن أمن قوافل المساعدات عن طريق إزالة أحد حوافز النهب.

مساعدات يجري إلقاؤها عبر الجو

هل تساعد عمليات الإنزال الجوي؟

تم تنفيذ أكثر من 30 عملية إسقاط جوي للمساعدات فوق غزة خلال الحرب، من قبل دول من بينها الولايات المتحدة والأردن ومصر وفرنسا وبلجيكا وهولندا والإمارات العربية المتحدة. وتتجنب عمليات الإنزال الجوي الحصار الإسرائيلي المفروض على الطرق البرية، لكنها غير فعالة كما تقول جماعات الإغاثة. حيث يسقط بعضها في البحر أو تقصفه إسرائيل.

وفي يوم الجمعة، قُتل عدد من الفلسطينيين بسبب إسقاط المساعدات التي لم تفتح مظلاتها. وعندما وصلت المواد بسلام، أفاد شهود عيان بأن رجالًا أصحاء استولوا على الطرود، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت ستصل إلى الفئات الأكثر ضعفًا أم ستُباع في السوق السوداء!

والمشكلة الأكثر إلحاحًا في إرسال الإمدادات عبر الجو هي الكميات الصغيرة من المساعدات التي تقذفها الطائرات. ووفقًا للأمم المتحدة، يمكن لشاحنة واحدة أن تنقل ما بين 20 و30 طنًا من المساعدات، أي 10 أضعاف الكمية التي تحملها طائرة واحدة.

وقال نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، كارل سكاو، الأسبوع الماضي، "إن الإنزال الجوي هو الملاذ الأخير ولكن لن يمنع المجاعة".

سفينة المطبخ المركزي العالمي، على اليسار

من يحاول إيصال المساعدات بحرًا؟

وتهدف مبادرتان للمساعدات البحرية إلى شحن المساعدات من قبرص، على بعد حوالي 200 كيلومتر من غزة في شرق البحر الأبيض المتوسط.

المبادرة الأولى تعتمد على طريق متعدد الجنسيات للسفن التجارية بين لارنكا في قبرص وغزة. وقال مسؤولون في قبرص إن سفينة تديرها منظمة “وورلد سنترال كيتشن” الإنسانية، كان من المقرر أن تبحر في نهاية هذا الأسبوع محملة بـ500 طن متري من المساعدات، أي ما يعادل حوالي 25 شاحنة. وكانت السفينة تجر هيكلًا "صالحًا للاستخدام" لتفريغ حمولتها على الشاطئ، بسبب عدم وجود ميناء في غزة.

أما المبادرة البحرية الثانية، فيقودها الجيش الأمريكي، الذي يخطط لبناء رصيف عائم قبالة غزة لاستقبال شحنات أكبر بكثير. وقال مسؤولون أمريكيون إن إعدادها سيستغرق عدة أسابيع.

وستحتفظ إسرائيل بآلية تفتيش صارمة في قبرص للمساعدات المتجهة إلى غزة، لكن لا يزال من غير الواضح من سيتولى تأمين وتوزيع المساعدات المنقولة بحرًا بمجرد وصولها.

search