الجمعة، 22 نوفمبر 2024

04:14 ص

ناصف أنسي ساويرس.. آخر عنقود المفهوميّة

الملياردير ناصف ساويرس

الملياردير ناصف ساويرس

ولاء عدلان

A A

في صيف 1961، بينما كان “أنسي” يراقب عيون طفله حديث الميلاد “ناصف” وهي تتفتح على الدنيا، تلقى صدمة قرار تأميم شركته، ليسافر بعدها بنحو 5 أعوام للعمل في ليبيا. 

عاد أنسي إلى مصر مع بداية عصر الانفتاح ليؤسس في عام 1976 تميمة حظه (أوراسكوم للمقاولات) التي تحولت لاحقًا إلى إمبراطورية مترامية الأطراف بفضل أصغر أبنائه وأكثرهم غموضًا ناصف أنسي ساويرس.

رقم واحد 

يتمتع “ناصف” بشخصية قوية ودرجة عالية من الاستقلالية. وعلى العكس من شقيقيه “نجيب وسميح”، لا يحبّ الأضواء، ونادرًا ما يظهر في وسائل الإعلام، لكن أخباره حاضرة دائمًا، فهو أغنى أثرياء العرب، وفق تصنيف مجلة “فوربس” الأمريكية. 

ناصف يتصدّر قائمة أثرياء العرب لعام 2023 بصاي ثروة 7.4 مليار دولار، وهو الخامس بين أثرياء القارة السمراء، وعالميًا يأتي في المرتبة الـ305.

هذا الثراء ليس غريبًا على ناصف، فعائلته هي الأغنى في مصر بثروة تجاوزت 13.5 مليار دولار يوم وفاة مؤسسها الملياردير أنسي ساويرس في 29 يونيو 2021. 

ظهر اسم ناصف، الذي يؤمن أن التعليم المستمر والشغف أهم مفاتيح النجاح، وتصدر  قائمة فوربس لأثرياء العرب للمرة الأولى في العام 2018، عندما قُدرت ثروته بنحو 6.6 مليار دولار، وكان شقيقه الأكبر نجيب ضمن المراكز العشرة الأولى أيضًا في القائمة كما هو الحال اليوم.

في 2021، وصلت ثروة ناصف إلى 8.7 مليار دولار مدفوعة بالأداء الإيجابي لسهم شركة “أديداس”، التي سجلت وقتها ارتفاعًا في أرباحها السنوية بنحو 390%، ورغم تراجع ثروته خلال العامين الماضيين فإنه لا يزال يتربّع على عرش الأثرياء العرب.

إمبراطورية عابرة للحدود

بثقة كبيرة، بدأ سليل آل ساويرس، الحاصل على بكالوريوس الاقتصاد من جامعة شيكاغو عام 1982، مسيرته المهنية فور تخرجه في شركة والده (أوراسكوم)، وفي العام 1998 أصبح رئيسًا تنفيذًيا لأوراسكوم للإنشاء والصناعة التي أقدم على تقسيمها عام 2015 إلى شركتين هما أوراسكوم للإنشاءات و(أو سي آي)، إحدى أكبر منتجي الأسمدة النيتروجينية في العالم وتمتلك مصانع في أمريكا. 

يرتبط اسم ناصف بشركات كبرى إلى جانب شركتي (أو سي آي ) المدرجة في أمستردام وأوراسكوم للإنشاءات المدرجة في القاهرة ودبي، فضمن سلة استثماراته حصة غير معلنة في شركة لافارج هولسيم، التي تتخذ من سويسرا مقرًا لها وتمثل رقما صعبا في صناعة الإسمنت، وحصة بنحو 6% من أسهم شركة أديداس العالمية (سعر سهم أديداس 192.5 يورو بتاريخ 17 ديسمبر الحالي). 

لا يحب ناصف مواقع التواصل الاجتماعي، ويعتقد أنها لا تجلب نفعًا بقدر ما تتسبب في مشاكل، على النقيض يعشق كرة القدم والرياضة بوجه عام، لذا استهدفها باستثماراته، فهو يملك 5% من أسهم (ماديسون سكوير جاردن‏) الأمريكية، مالكة فريقي نيويورك رينجرز للهوكي ونيويورك نيكس للسلة، ولديه أيضا حصة مسيطرة بالشراكة مع المليادير الأمريكي ويس إيدينز في نادي أستون فيلا الانجليزي.

أحدث استثمار رياضي للملياردير “الغامض”، كان في فبراير الماضي عندما اشترى حصة بـ46% في نادي فيتوريا جيماريش البرتغالي لكرة القدم من خلال شركة V Sports العائدة له ولصديقه ويس إيدينز، في صفقة وصلت قيمتها إلى 5 ملايين يورو، بالإضافة إلى تعهد بضخ مليوني يورو في البنية التحتية للنادي. 

ناصف ساويرس بصحبة الملياردير الأمريكي ويس إيدينز مع قميص استون فيلا

اقتناص الفرص

بنظرة مستقبلية وحكمة شديدة و"مفهوميّة" اقتصادية حاذقة، اعتاد سليل آل ساويرس صياغة قراراته الاستثمارية، ففي عام 2019 أطلق شركة فيرتيجلوب بالشراكة مع شركة بترول أبو ظبي الوطنية (أدنوك)، كأكبر شركة مصدّرة للأمونيا المنقولة بحرًا في العالم، وأكبر منتج للأسمدة النيتروجينية في الشرق الأوسط، وبحلول العام المقبل سيكمل ناصف تخارجه منها ليبدأ مرحلة جديدة للتعاون مع أدنوك لاستكشاف فرص التعاون في مشاريع (أو سي آي) بالولايات المتحدة، حسب بيان لأدنوك. 

يشبه ناصف والده كثيرًا في الملامح والهدوء والحزم، لذا لم يكن غريبًا أن يقود مجموعة العائلة (أوراسكوم) لآفاق أرحب كثيرا ويسجل سلسلة نجاحات أبرزها إدراجها في البورصة المصرية في العام 1999 من خلال اكتتاب ناجح لـ40% من أسهمها جمع نحو 109 ملايين دولار، وبيع وحدة الإسمنت التابعة لها إلى لافارج الفرنسية في 2008 مقابل 12.8 مليار دولار، ودخول قطاع إنتاج الأسمدة من خلال الاستحواذ على الشركة المصرية للأسمدة في 2008، وفي 2013 نقل ناصف أسهم (أو سي آي) إلى أمستردام. 

يواصل ناصف نهجه الواضح في البحث عن الفرص، ليعلن في 5 ديسمبر الجاري، نقل مكتب الاستثمار العائلي (إن إن آس) الذي يرأس مجلس إدارته من لندن إلى أبو ظبي، للاستفادة من الحوافز التي تقدّمها سوق أبو ظبي للمستثمرين. 

ناصف وسميح ونجيب وأنسي ساويرس - من اليمين إلى اليسار

قناعات ناصف

يعيش ناصف خارج مصر منذ 10 سنوات، لكنه يبدو مهمومًا بقضايا بلاده، هذا ما تكشفه تصريحاته النادرة مع وسائل الإعلام. في مارس الماضي، قال خلال مقابلة مع شبكة (سي إن بي سي) إن زيادة موارد الدولة من العملة الصعبة تعدّ مسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر، مشيرا إلى أن وعود تحسين مناخ الاستثمار لا بد أن تترجم إلى واقع، وهذا يتطلب أن يكون الشغل الشاغل للحكومة هو مساعدة المستثمر وخلق مناخ يشجع على ضخ الاستثمارات الجديدة. 

انطلاقًا من إيمانه بأن التعليم ركيزة أساسية لنجاح الشباب، يحرص ناصف، وهو أب لأربعة أبناء، على دعم التعليم من خلال مؤسسة ساويرس للتنمية التي تقدم للطلاب المصريين منحا دراسية بالتعاون مع جامعات عالمية، وفي عام 2019 تبرّع بنحو 24 مليون دولار لصالح جامعة شيكاغو لتمويل منح الطلاب.

يؤمن ناصف بأن التجارة تخلق الفرص والتحديات. هكذا علق عندما سُئل عن رأيه في الحرب التجارية بين الصين وأمريكا في مقابلة مع (سي إن بي سي) في يونيو 2019، قائلا إنها “ليست نهاية العالم، يمكننا أن نتعايش مع بعض الاحتكاكات التجارية، وبالنسبة لنا كعائلة لا تقف حالة عدم اليقين الناجمة عن هذه التوترات عائقا أمام خططنا الاستثمارية”.

search