الجمعة، 20 سبتمبر 2024

02:53 ص

متى يرث القاتل القتيل؟.. خبير قانوني يجيب

صورة ارشيفية

صورة ارشيفية

محمد أبو الغيط

A A

شهدت مصر الفترة الماضية العديد من جرائم العنف والقتل الأسرية المروعة، من أشهرها قتل شاب لوالده وأسرته في منطقة الشرابية بالقاهرة، طمعا في أن يصبح الوريث الوحيد لمنزل العائلة، ما يطرح سؤالا حول أحقية القاتل في ميراث المقتول؟

 يقول أستاذ القانون الجنائي، الدكتور نبيل مدحت، لـ"تليجراف مصر"، أن القاتل يرث إن كان القتل عن طريق الخطأ وبغير قصد، ولا يرث في حالة القتل المتعمد، لافتا إلى أن الفقهاء اختلفوا في حالات القتل مبيت النية بغرض الإرث.

موانع الإرث 

 أضاف مدحت، أن قانون المواريث الصادر برقم 77 لسنة 1943 والمعدل في 30 ديسمبر 2017، شرع أن من موانع الإرث قتل المورث بقصد، سواء كان القاتل فاعلا أصليا أم شريكا أم كان شاهد زور أدت شهادته إلى الحكم بالإعدام، وإذا كان القتل بلا حـق ولا عـذر وكان القاتل عاقلا بالغا من العمر 15 سنة، ويعد أيضا من الأعذار تجاوز حق الدفاع الشرعي لما نص عن المادة 5 من القانون.

 وتابع هناك حالات عده تجيز أن يُورث القاتل، ومنها القتل بغير عمد، مثل أن ينشب خلاف ويعتدي الوالد علي إبنه بالضرب، فأدت الضربة لموته، أو أن يكون غير مُدرك لما يجري حولة كالمجنون أو فاقد العقل بشكل مؤقت أو دائم مثل  شخص لديه إضطرابات عقلية أو نفسية وأرتكب جريمة قتل أمه أو أبيه.

خلاف بين المذاهب 

 كما جاء عن االمذهب الحنفى؛ أن القتل المانع من الإرث هو القتل العمد وهو الذى يجب فيه القصاص أو الكفارة مع الدية، بينما القتل الخطأ لا يمنع الميراث،  فيما اتجة المذهب المالكى أن القتل المانع من الإرث هو القتل العمد أو شبه العمد وكـ  مثال  للقتل شبه العمد هو أن يقتل الوالد ولده بغير الذبح، أما القتل الخطأ فلا يمنع من الإرث من أصل المال، وإن كان يمنع القاتل من الإرث من الدية، أما المذهب الشافعى رأى أن القتل عمداً كان أو شبه عمد أو خطأ فإنه مانع للإرث.

رأي دار الافتاء في  توريث من قتل بقصد

طُرح سؤال على دار الآفتاء المصرية جاء فيه أن قُتل رجل بيد أبنة، فقضت المحكمة حكمها حضوريًّا بمعاقبة القاتل بالأشغال الشاقَّة المؤبدة، وقد ترك المقتول لأبنه القاتل، وبنتًا، وزوجتين، وأولاد أخ شقيق ذكورًا. فمن يرث ومن لا يرث في تركته؟

وجاء جواب دار  الافتاء: أنّ لزوجتي المتوفى ثمن تركته مناصفة بينهما فرضًا؛ لوجود الفرع الوارث، ولبنته نصفها فرضًا، ولأبناء أخيه الشقيق الباقي بالسوية بينهم تعصيبًا، ولا شيء لابنه القاتل؛ لأن القتل العمد مانع من الإرث، والممنوع من الإرث لا يحجب غيره؛ طبقًا للمادتين رقم 24، 25 من قانون المواريث. وهذا إذا لم يكن للمتوفى وارث آخر ولا فرع يستحق وصية واجبة.

رأي دار الافتاء في توريث من قتل بغير قصد

طرح احد الأشخاص على  دار الآفتاء المصريه جاء فيه  : شخص قَتَلَ زوجته خطأً أثناء تنظيفه لسلاحه، والآن يوجد حصة للمتوفاة من ورثة والدها، فهل يحصل الزوج على نصيب من ورثتها؟

ومنه جاء جواب دار الآفتاء كالتالي: إزهاق الروح متى خلا عن النية والقصد هو قتل خطأ لا خلاف فيه إذ قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) ؛

ولذلك أوجب العلماء على القاتل خطأً الدية والكفارة بالإجماع، واختلفوا في توريث القاتل من المقتول، فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن القاتل لا يرث من المقتول شيئاً، ولو كان القتل بطريق الخطأ.

 القاتل بغير حق لا يرث

قال الإمام السرخسي: "اعلم بأن القاتل بغير حق لا يرث من المقتول شيئاً عندنا، سواء قتله عمداً أو خطأً" 

كما قال الخطيب الشربيني: "لا يرث قاتل من مقتوله مطلقاً؛ لخبر الترمذي وغيره: (ليس للقاتل شيء)؛ أي: من الميراث، ولأنه لو ورث لم يؤمن أن يستعجل الإرث بالقتل، فاقتضت المصلحة حرمانه؛ ولأن القتل قطع الموالاة وهي سبب الإرث، وسواء أكان القتل عمداً أم غيره، مضموناً أم لا" 

وجاء في "كشاف القناع"- من كتب الحنابلة -: "فالقتل بغير حق من موانع الإرث، عمداً كان القتل، أو شبه عمد، أو خطأ". أما المالكية فإنهم يورثون القاتل خطأً من التركة، كما جاء في "الشرح الكبير" (4/486) للشيخ الدردير: "لا يرث قاتل مخطئ من الدية، ويرث من المال"

وهذا ما أخذ به قانون الأحوال الشخصية الأردني في المادة (281) ونصها: "يُحرَم من الإرث مَن قتل مورِّثه عمداً عدواناً"، فورَّث القانون القاتل خطأ.

وعليه فإن من أخذ برأي الجمهور فهو أولى وأبرأ للذمة، ومن أخذ برأي المالكية فلا حرج عليه.

والأصل في الإنسان - فضلاً عن المسلم - أخذ الحيطة والحذر في مثل هذه الأمور من تنظيف سلاح وغيره، وكم تكررت مثل هذه المآسي نتيجة قلة الحرص والانتباه الذي يصل أحياناً حد الإهمال والاستهتار. والله تعالى أعلم.

search