الجمعة، 22 نوفمبر 2024

09:13 ص

"الإحصاء" أم "المركزي".. لماذا تختلف أرقام التضخم؟

الجهاز المركز للإحصاء والبنك المركزي المصري

الجهاز المركز للإحصاء والبنك المركزي المصري

ولاء عدلان

A A

في صباح اليوم العاشر من كل شهر، يوافينا الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، بإعلان آخر بيانات التضخم، وبعدها بساعات يخرج علينا البنك المركزي معلنًا الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، أو ما يُعرف بـ"التضخم الأساسي".

لكن لمَنْ نسمع؟ لجهاز الإحصاء المعنيّ بجمع كل البيانات الإحصائية على مستوى الجمهورية، أم للبنك المركزي الذي يسخّر سياسته النقدية لكبح التضخم عندما تتطلب الحاجة؟ وأي الرقمين يعد مقياسًا لارتفاعات الأسعار المستمرة، التي طالت غالبية السلع والخدمات لتتحوّل إلى مادة لحديثنا اليومي؟


ماذا نعرف عن التضخم؟

 

التضخم هو ارتفاع في مستوى أسعار السلع والخدمات، يوضح الخبير المصرفي هاني العراقي، مشيرًا إلى أن مؤشر الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين هو الأكثر شيوعًا لقياس التغيُّر في معدلات التضخم، ويصدره بشكل أساسي الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ويشتق منه مؤشر الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين (التضخم الأساسي).

ويضيف العراقي أن المؤشر العام لأسعار المستهلكين يقيس سلة من السلع مع منح كل سلعة وزنًا نسبيًا من المؤشر في ضوء حصتها من الإنفاق الشهري للأسر المصرية. 
يتابع الخبير المصرفي أن “الجهاز المركزي للإحصاء يقسّم السلع والخدمات المكوّنة لهذا المؤشر إلى 11 مجموعة تغطي كل شيء من المسكن والكهرباء إلى الطعام والمشروبات وحتى الثقافة والترفيه، ويرصد بشكل شهري التغيّر في أسعار هذه السلع والخدمات في ضوء وزنها أو حصتها من المؤشر العام”. 

وارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين يعني ارتفاع الأسعار مقارنة بفترة مرجعية ما، قد تكون الشهر أو العام الماضي، وانخفاضه يعني أن ارتفاعه جاء بوتيرة أقل من الفترة المرجعية. مثال على ذلك، تراجع التضخم السنوي في نوفمبر الماضي إلى 36.4% من مستوى 38.5% المسجّل في أكتوبر الماضي، يعني أن أسعار السلع والخدمات ارتفعت مقارنة بشهر نوفمبر 2022 بهذه النسبة لكنها كانت أقل مقارنة بالارتفاع المسجل الشهر السابق.

التغير السنوي لمكونات المؤشر العام لأسعار المستهلكين - نوفمبر 2023


رقمان للتضخم

وجود رقمين للتضخم أحدهما أقرب لصورة عامة والثاني لجزء من الصورة لكنه أكثر وضوحًا، يقول هاني العراقي، متابعًا أن رقم التضخم الأساسي الذي يصدره البنك المركزي شهريًا يستبعد السلع شديدة التقلب كالخضراوات والفاكهة، ويستبعد أيضًا السلع والخدمات التي تخضع للتسعير من الجهات المقدمة لها مثل الكهرباء والبنزين. 
ولكي نفهم الصورة بشكل أوضح، تخيّل أن سعر سلعة مثل البصل قفز إلى 25 جنيهًا بنهاية نوفمبر الماضي، بعد أن بدأ الشهر عند مستوى بين 15 و19 جنيهًا، هذه الزيادة من شأنها عند قياسها ضمن مجموعة الخضراوات من قبل المركزي للتعبئة والإحصاء، أن ترفع مؤشر الطعام والمشروبات الذي يندرج تحته أسعار الخضراوات. 

يلفت العراقي الانتباه إلى أن المواطن العادي غالبًا لا يشعر بتباطؤ معدل التضخم العام أو الأساسي على حد سواء، كون الأرقام تظل بعيدة عن واقعه اليومي، فهو يشاهد أسعار غالبية السلع في زيادة مستمرة نتيجة لتلاعب التجار بالأسعار أو الممارسات الاحتكارية من قبل البعض.

طوابير المواطنين للحصول على السكر بأسعار مخفضة بعد ارتفاعه بصورة جنونية

الخبراء يفضلون “الأساسي”

يفضّل هاني العراقي الاعتماد على التضخم الأساسي لتتبع مسار ارتفاعات الأسعار، كونه يستبعد الصدمات السعرية السريعة وغير الدائمة بما يجعله أكثر دقة، على حد تعبيره، من رقم التضخم العام الذي يصدره المركزي للتعبئة والإحصاء.
يتفق معه الخبير الاقتصادي خالد الشافعي، في أن “مؤشر التضخم العام غير دقيق، كونه يقيس أسعار السلع مقارنة بفترة زمنية محددة الشهر السابق أو العام السابق، وحال كانت الأسعار في تلك الفترة مرتفعة بالأساس نتيجة لتغيرات مؤقتة، فإن القياس عليها قد يعطي انطباعًا خاطئًا بانخفاض الأسعار، بصورة لا تعكس الواقع بقدر ما تعكس تغيُّر المعطيات مقارنة بالشهر أو العام الماضي”.

ينضم إليهما الخبير الاقتصادي، عز الدين حسنين، ويرى أن مؤشر التضخم الأساسي كونه يستبعد السلع شديدة الحساسية لارتفاعات الأسعار يعد أكثر دقة، لذا يعتمد عليه صُنّاع السياسة النقدية في صياغة قرارات سعر الفائدة.

search