الجمعة، 22 نوفمبر 2024

10:29 م

فقر إجباري.. فلسفة الصوم في "ملتقى الأزهر"

ملتقى الجامع الأزهر الفقهي

ملتقى الجامع الأزهر الفقهي

A A

يواصل الجامع الأزهر، اليوم الإثنين، ثامن فعاليات الملتقى الفقهي الذي يعقد طوال شهر رمضان المبارك، وجاء بعنوان “فلسفة الصوم في الإسلام”. 

قال الباحث بالجامع الأزهر، الشيخ ياسر صلاح عجوة، إن رمضان هو "مدرسة الثلاثين يومًا" الذي وضع به الله عز وجل الإنسانية كلَّها في حالة نفسية واحدة، عبر نظام علميٍ من أقوى وأبدع الأنظمة الصحيحة ألا وهو “الصوم”.

فقر إجباري

واستشهد عجوة بوصف الرافعي للصوم على أنه “فقر إجباري” يُراد به إشعار النفس الإنسانية بطريقة عملية واضحة كل الوضوح: أنَّ الحياة الصحيحة وراء الحياة لا فيها، وأنها إنما تكون على أتمّها حين يتساوى الناس في الشعور لا حين يختلفون، وحين يتعاطون بإحساس الألم الواحد لا حين يتنازعون بإحساس الأهواء المتعددة. 

وأضاف: لو حققت رأيت الناس لا يختلفون في الإنسانية بعقولهم، ولا بأنسابهم، ولا بمراتبهم، ولا بما ملكوا؛ وإنما يختلفون ببطونهم، وأحكام هذه البطون على العقل والعاطفة".

فلسفة الصوم

وأوضح الباحث بالجامع الأزهر أن الرافعي قد استرسل في شرح فلسفة الصوم قائلا “إن الصوم يضع الإنسانية كلَّها في حالة نفسية واحدة”، تتلبَّس بها النفس في مشارق الأرض ومغاربها، ويطلق في هذه الإنسانية كلها صوت الروح يُعَلِّم الرحمة، ويدعو إليها، فَيُشْبِع فيها بهذا الجوع فكرةً معينة،وهي تلك التي يكون عنها مساواة الغنيِّ للفقير من طبيعته، واطمئنان الفقير إلى الغني بطبيعته. ومن هذين؛ الاطمئنان والمساواة يكون هدوءُ الحياة".

 أضاف أنه متى تحققت رحمة الجائع الغني للجائع الفقير، أصبح للكلمة الإنسانية الداخلية سلطانها النافذ، وحكم الوازع النفسي على المادة.

الصلاة والزكاة

ومن جانبه، بين عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، الشيخ بلال سعد خضر، أن الله تعالى قد شرع العبادات لعلل ومقاصد سامية؛ من أهمها تهذيب النفوس، وتقويم السلوك المعوج، واستقرار المجتمعات،وفي ذلك وجدنا التشريعات والنصوص تشير إلى هذا.

نجده تعالى يقول عن الصلاة "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" ويقول عن الزكاة "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها"، وقال عن الصيام "كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، موضحا أن كل العبادات لها حكم ومقاصد سامية، ومنها الصيام لما فيه من تهذيب مشروع وشعور بالجوع وخضوع لله تعالى.

وأضاف عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن الحكمة المنصوص عليها في القرآن، في قوله "لعلكم تتقون" وتبين أن هدف القرآن الأساسي هو التقوى، وهي الاحتراز عن الوقوع في الخطأ، والتقوى لها آثار وثمار، من أهمها أنها تنزل عليك البركات في كل أمور حياتك، وبذلك يبين لنا فلسفة الصيام وأنه ما هو إلا تدريب عملي على أن يتجاوز الإنسان شهوات نفسه ويتدرب على مقاومتها.

مدرسة التكافل المجتمعي 

وأوضح عضو لجنة الفتوى بالجامع الأزهر، الدكتور الطويل محمد أحمد، أن الصوم مدرسة يتعلم فيها المسلم التكافل المجتمعي، والإحساس بالفقير ومراقبة الله عز وجل.

 أضاف أحمد، أنه في ترائي الهلال ووجوب الصوم لرؤيته معنى دقيق آخر، وهو مع إثبات رؤية الهلال وإعلانها، إثبات الإرادة وإعلانها، كأنما انبعث أول الشعاع السماوي في التنبيه الإنساني العام لفروض الرحمة، والإنسانية والبر، وأن في ذلك حكمة قوية وهي تربية الإرادة، وتقويتها بهذا الأسلوب العلمي، الذي يدرب الصائم على أن يمتنع باختياره من شهواته متحليا بالعزيمة والصبر والأخلاق.

search