الجمعة، 20 سبتمبر 2024

12:57 ص

هل تخصيص أدعية يومية في رمضان "بدعة"؟.. المفتي يرد

 تخصيص كل يوم من أيام رمضان بدعاء

تخصيص كل يوم من أيام رمضان بدعاء

فادية البمبي

A A

ورد سؤال إلي دار الأفتاء المصرية، عبر موقعها الالكتروني، يقول ما حكم تخصيص كل يوم من أيام رمضان بدعاء معين؟ فأنا أشترك مع زملائي في العمل داخل مجموعة على أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي، وقبل دخول شهر رمضان بأيام نشر أحد المشاركين في المجموعة مقالة طويلة بعنوان: "ثلاثون دعاء لأيام رمضان"، وعندما قرأناها وجدنا دعاء اليوم الأول، ثم دعاء اليوم الثاني.. وهكذا حتى اليوم الثلاثين، فأنكر عليه أحد الزملاء ذلك الأمر بحجة أن تخصيص كل يوم بدعاء معين يُعَدُّ بدعة لم ترد في السُّنَّة، فما حكم الشرع في ذلك؟

 

مشروعية الدعاء وبيان فضله

أجاب مفتي الجمهورية، الدكتور شوقي علام، علي السؤال قائلا: أن الدعاء، مِن أحب العبادات والطاعات إلى الله تعالى، فقد أمر المولى سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بأن يخلصوا له الدعاء، فقال عزَّ وجلَّ: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ".

ولا شك أنَّ الدعاء ذكر لله، والذكر مشروع في كلِّ زمان ومكان، وعلى أيِّ هيئة كانت، وفي كلِّ الأحوال، قال الله تعالى: "فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا".

حكم تخصيص كل يوم من أيام رمضان بدعاء معين

ويوضح د. شوقي علام ، بخصوص ما جاء في السؤال من أن بعض الناس يكتبون دعاءً من الأدعية الواردة في القرآن الكريم أو السُّنَّة النبوية المطهرة أو كان من مجربات الصالحين كلَّ يوم من أيام رمضان على مجموعات التواصل الاجتماعي ليذكر الناس بهذه العبادة، فهو أمر محمود شرعًا، وله أصل في السُّنَّة النبوية من تخصيص بعض الأيام بعبادةٍ معينةٍ؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا"، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يفعله.

قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم": وقوله: "كلَّ سبت": فيه جواز تخصيص بعض الأيام بالزيارة، وهذا هو الصواب وقول الجمهور.

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري": في هذا الحديث على اختلاف طرقه: دلالة على جواز تخصيص بعض الأيام ببعض الأعمال الصالحة والمداومة على ذلك.

بدعة ضلالة وبدعة هدى 

ويضيف مفتي الجمهورية، إنكار البعض لجواز تخصيص كلِّ يومٍ من أيام رمضان بدعاء معين لتذكير الناس بهذه العبادة بحجة أنها بدعة لم ترد في السُّنَّة -أمرٌ غير صحيح ومردود عليه؛ فالعلماء حين تكلموا على البدعة ذكروا أنها ما حَدَثَ مِمَّا لا أصل له في الشرع يَدُلُّ عليه، وأما ما كان له أصلٌ في الشرع يَدُلُّ عليه فليس ببدعةٍ شرعًا وإن كان يُسَمَّى بدعةً لغة.

قسَّم العلماء المحققون البدعة إلى بدعةٍ حسنة وبدعة سيئة، أو: إلى بدعة ضلالة وبدعة هدى، فبدعة الهدى هي التي توافق تعاليم الإسلام وأصول الشريعة، وهي المرادة في حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ» أخرجه مسلم.

وأما بدعة الضلالة فهي التي لا تتفق مع مقاصد الشريعة وأصولها، وهي التي عناها الرسولُ صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» أخرجه مسلم.

 

جائز شرعًا في كل الأوقات والأحوال

وما يقوم به البعض من كتابة منشورات على مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي تشتمل على حكمة أو حديث أو دعاء -نحو: "ثلاثون دعاء لأيام رمضان" كما في واقعة السؤال- يعد من الأمور المحمودة شرعًا، والبدع الحسنة التي لها أصل في الشرع الشريف، وتذكير الناس بالدعاء والذكر والقرب من المولى سبحانه، وذلك في ظل انشغال الناس بأعمالهم وقضاء حوائجهم ومواجهة أعباء الحياة: أمر مستحب شرعًا يثاب عليه فاعله

بناء عليه فإن كتابة بعض الناس على مجموعات التواصل الاجتماعي أدعية لشهر رمضان، وذلك على هيئة دعاء لكلِّ يوم؛ وذلك لتذكير المشاركين بهذه العبادة- أمر جائز شرعًا في كل الأوقات والأحوال.

search