السبت، 05 أكتوبر 2024

11:41 ص

بعد تحرير سعر الصرف.. ماذا ينتظر سوق الدواء في مصر؟

مجموعة من العقاقير الطبية

مجموعة من العقاقير الطبية

ولاء عدلان

A A

قلب قرار تحرير سعر الصرف الصادر في السادس من مارس الحالي الموازين في مصر، وعزز التوقعات الإيجابية بشأن الأوضاع الاقتصادية وأداء المالية العامة للدولة، إلا أنه يهدد بشكل مباشر قطاع الأدوية بخسائر حادة ما لم تتخذ الحكومة إجراء عاجلا. 

أوضح رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية علي عوف، أن قطاع صناعة الأدوية يخضع للتسعيرة الجبرية من الدولة وبالتالي حاليا كل شركاته لا يمكنها تعديل أسعار إلا بقرار من هيئة الدواء “الحكومية”. 

وأشار إلى أن شركات الأدوية رغم استيرادها للمواد الخام ومستلزمات الإنتاج بنسبة 90%، إلا أنها تُسعر منتجاتها على أساس سعر البنك المركزي قبل قرار التعويم البالغ 30.8 جنيه للدولار مقابل سعره الحالي في البنوك الذي يتراوح بين 46.4 و47 جنيها للدولار. 

خسائر فادحة 

وأضاف عوف في تصريحات لـ"تليجراف مصر" أن قطاع الأدوية تأثر بشدة من قرار تحرير سعر الصرف وسيتكبد خسائر مقابل كل يوم تأخير في قرار هيئة الدواء الخاص بالموافقة على مطالب الشركات المصنعة للدواء بزيادة الأسعار وفق الأسعار الجديدة للصرف، مشيرا إلى أن الشركات أمامها مهلة بدأت في 12 مارس الحالي، ومن المقرر أن تنتهي غدا الثلاثاء، لتقديم طلباتها برفع الأسعار للهيئة. 

وتابع بعد تقديم الطلبات تقوم الهيئة بدراستها في مدة لا تقل عن شهر ومن ثم إحالة الأمر إلى لجان تسعير لتحديد الزيادة المطلوبة أو العادلة وذلك في مدة قد تستغرق شهرين الأمر الذي يعني أن الشركات لن تتمكن من التعامل بالأسعار الجديد للصرف في عملية التسعير قبل مدة تتراوح  بين 3 إلى 4 شهور من الآن. 

وتابع أن هذا الأمر يضع الشركات أمام أزمة حقيقة ويهددها بخسائر لا تقل عن 30%، لذا قد يلجأ بعضها لحين صدور القرار إلى ضخ الأدوية في السوق على نحو فقط يوفر حاجتها العاجلة أي بدلا من ضخ مخزونا يكفي لمدة 6 أشهر على سبيل المثال ستضخ مقدارا يكفي لشهر واحد، في محاولة لتقليل الخسائر. 

صورة من داخل إحدى الصيدليات

زيادة بـ50%

وأشار عوف إلى أن تحرير سعر الصرف جاء بنسبة أكبر من التي توقعتها السوق خلال الفترة الماضية ومن شأنه أن يرفع تكاليف الإنتاج بنسبة 60% على أقل تقدير الأمر الذي يستدعي زيادة في الأسعار بـ50%، مضيفا أن الدولة لابد أن تتحرك وتسهم في دعم هذا القطاع الحيوي الذي يوفر لها ملايين الدولارات سنويا من خلال توفير بدائل محلية للأدوية المستوردة مرتفعة التكلفة، ضاربا مثال بدواء فيروس سي الذي بات يصنع في مصر ومتوفر بسعر ألف جنيه فقط مقابل سعره في الخارج الذي يصل إلى 30 ألف دولار. 

وشدد عوف على أن القطاع من حقه وقت الأزمات أن تتدخل الدولة على نحو أسرع لإنقاذه من الخسائر، لا سيما أنه لا يحظى بدعم مباشر في حين تعاني الأدوية المصنعة محليا من التسعيرة الجبرية التي باتت غير عادلة بعد قرار التعويم، لافتا إلى أن أزمة التسعير والتباطؤ في حلها قد يدفع بعض الشركات الأجنبية العاملة في السوق أو الراغبة في دخوله للتخارج منه. 

يشار إلى أن مصر لديها نحو 191 مصنعا في قطاع الأدوية، وخلال العام الماضي تجاوزت صادراتها من الدواء الـ1.2 مليار دولار الأمر الذي ساهم في خفض فاتورة استيراد الأدوية من الخارج بواقع 500 مليون دولار. 

نقص وزيادة أسعار 

تقدمت شعبة الدواء في مطلع العام بطلب لهيئة الدواء بشأن رفع أسعار مجموعة من الأدوية بنسبة بين 20 و35%، لكن الهيئة رفضت وقتها، وبحسب رئيس الجمعية محمود فؤاد، فإن الحكومة كان من الضروري أن تفكر في ملف تسعير الأدوية قبل قرار تحرير سعر الصرف وليس بعده، أما الآن وقد حدث ما حدث فيجب أن تتدخل لحماية المواطنين من جشع شركات الدواء، لا سيما مع استمرار أزمة نقص الدواء واختفاء عائلات كاملة من الأدوية من السوق، حتى مع إفراج الحكومة خلال الفترة الأخيرة عن مستلزمات إنتاج للقطاع بقرابة 1.2 مليار دولار، ما يبشّر ببداية انفراجة في أزمة الاستيراد التي عصفت بالسوق خلال العامين الماضيين. 
وأضاف فؤاد، في تصريح لـ"تليجراف مصر"، أن شركات الأدوية تبرر مطالبها بزيادة الأسعار بكونها تستورد قرابة 95% من مستلزمات الإنتاج بالإضافة إلى أن قرار زيادة سعر الدولار الجمركي إلى قرابة 49.6 جنيه سيتسبب في مشاكل جديدة لها، لكن هذا لا يعني أن شركات القطاع تخسر حاليا، مشيرا إلى أن إعلان بعضها خلال الفترة الأخيرة عن تسريح عدد من العمال أو خفض الإنتاج هو من سبيل ممارسة ضغط على هيئة الدواء لرفع الأسعار. 
وتابع أن الهيئة تتعرض حاليا لضغوط هائلة لاتخاذ قرار زيادة الأسعار، مشيرا إلى أنه خلال الفترة من العام 2022 حتى يناير الماضي وافقت الهيئة على تحريك أسعار نحو 3800 صنف دواء مقابل تعهد الشركات باستمرار عمل كافة خطوط الإنتاج بدون توقف، لافتا إلى أن الشركات اختارات أثناء مفاوضاتها مع الهيئة رفع أسعار الأدوية الأكثر طلبا لديها لضمان ربحية أعلى. 
وأشار إلى أن الجمعية رفعت خلال العام الماضي طلبا لرئاسة الحكومة لتشكيل لجنة محايد تضم متخصصين في صناعة الأدوية والعملات والمحاسبة وحساب التكاليف يكون مهمتها تحديد الأسعار العادلة للادوية، مضيفا أن الأسعار الحالية لا تزال بعيدة عن السعر العادل بنحو 30%، بحسب تعبيره. 
وأقرت الحكومة المصرية الأسبوع الماضي زيادة جديدة لأسعار البنزين والسولار بواقع 100 قرش و175 قرشا للتر على الترتيب، وذلك في ضوء قرار المركزي الخاص بتحرير سعر الصرف، وكانت الحكومة أقرت أيضا بالتزامن مع قرار التعويم في 2016 زيادة في أسعار البنزين كرد فعل مباشر كما رفعت وقتها أسعار الدواء بنحو 20%.

search