الجمعة، 22 نوفمبر 2024

03:30 م

الحكومة تتحرك لكبح التضخم وضبط الأسواق.. هل تستجيب الأسعار؟

سوق تجارية - أرشيفية

سوق تجارية - أرشيفية

ولاء عدلان

A A

تكثف الحكومة في الوقت الحالي جهودها لخفض الأسعار بصورة يلمسها المواطن على أرض الواقع، وتعيد الاستقرار إلى الأسواق بعد انفراجة أوضاع المالية العامة للدولة، وقرار تحرير سعر الصرف الصادر في 6 مارس الجاري.

الحكومة أعلنت أمس، وبالتعاون مع كبار المصنعين والمنتجين، مبادرة لخفض الأسعار بما يتراوح بين 15و20% خلال 48 ساعة على أن تصل نسبة الخفض إلى 30% بعد عيد الفطر.

كبح التضخم

الخبير الاقتصادي، هاني العراقي، اعتبر أن مثل هذه التحركات تأتي ضمن مساعي الحكومة لكبح الضغوط التضخمية المتوقعة كرد فعل لقرار تحرير سعر الصرف.

وأضاف العراقي أن التضخم خلال العامين الماضيين كان ناجمًا بالأساس عن أزمة شُح السيولة الدولارية ووجود أكثر من سعر للدولار نتيجة نشاط السوق السوداء، أما الآن فالأوضاع تغيّرت، ويُفترض أن يأخذ التضخم مسارًا هبوطيًا على المدى المتوسط والطويل، لكن يبقى تراجعه مرهونًا بقدرة القطاع المصرفي على توفير العملة الصعبة للمصنعين والمستوردين، وإطلاق المزيد من مبادرات خفض الأسعار بالتعاون مع القطاع الخاص جنبًا إلى جنب مع تشديد الرقابة على الأسواق لمنع الممارسات الاحتكارية.

ضبط الأسواق

فيما أشاد الخبير الاقتصادي، عادل عامر، بمبادرة خفض الأسعار، موضحًا أنها تأتي استكمالًا لسلسلة من المبادرات الحكومية الرامية إلى تخفيف الأعباء التضخمية عن كاهل المواطنين، واستكمالًا أيضًا لجهود ضبط الأسواق في أعقاب قرار التعويم. 

وأضاف أن قرار التعويم وجه ضربة قاسية للسوق الموازية للعملة بعد أن ساهمت طوال العامين الماضيين في تغذية التضخم، ومن المتوقع أن يسهم في تعزيز احتياطي النقد الأجنبي للدولة بشكل ملحوظ، الأمر الذي سيحد تدريجيًا من تقلبات الأسعار وبالتبعية تراجعها على المدى المتوسط.

وأوضح أن الحكومة خلال الشهر الحالي قطعت شوطًا كبيرًا باتجاه توفير تمويلات خارجية قوية أبرزها تعهدات من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي تتجاوز الـ16 مليار دولار، ومن قبل ذلك في فبراير الماضي توقيعها لصفقة “رأس الحكمة” بقيمة 35 مليار دولار، هذه الأمور ساهمت في تعزيز قدرتها سواء على حسم قرار تحرير سعر الصرف أو معالجة أزمة نقص الدولار والبضائع المتكدسة في الموانئ، مضيفًا أن الأمور ستتحسن تدريجيًا.

الحكومة والتجّار

وخلال اجتماعه أمس مع المصنعين والتجار، قال رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، إن السبيل الوحيد للخروج من دائرة التضخم هو خفض أسعار السلع الرئيسية بما يتناسب مع قيمة انخفاض الدولار عن السوق الموازية، وهذا الحل هو دور تشاركي بين الحكومة والتجار، لافتًا إلى أن الدولار تراجع بين 40 و50% من قيمته السابقة للتسعير عبر السوق الموازية. 

رئيس الوزراء أثناء متابعة سير الإفراجات الجمركية في الموانئ

تحركات عاجلة

وأشار رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، أحمد الوكيل، إلى أن هناك دورة للأسعار تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع وبمجرد انتهائها ستتراجع الأسعار، مضيفًا أنه خلال مدة قصيرة سيشعر المواطن بانخفاضات سعرية بنسب بين 20 و30%، في ضوء ما جرى الاتفاق عليه بين الجهات المعنية والمصنعين والتجّار بشأن خفض أسعار السلع بصورة ملموسة.

ووجه رئيس الوزراء وزارة التموين والاتحاد العام للغرف التجارية واتحاد الصناعات، بإعداد تقارير يومية عن الانخفاضات التي تحدث في الأسعار، كما وجه بنشر فرق لمتابعة التخفيضات على أراض الواقع في جميع فروع السلاسل التجارية.

إفراج جمركي

وضمن جهود الحكومة لتعزيز المعروض السلعي بالأسواق، أصدر البنك المركزي خلال الشهر الحالي تعميمًا للبنوك العاملة في الدولة يطالبها بتوفير العملة الصعبة لاستيراد والإفراج الجمركي عن مجموعة من السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج، وبحسب بيانات وزارة المالية تجاوز إجمالي قيمة البضائع المفرج عنها حاجز الـ 14.5 مليار دولار منذ مطلع يناير الماضي وحتى الآن.

ويرى نائب رئيس شعبة المستوردين في الاتحاد العام للغرف التجارية، محسن التاجوري، أن الحكومة تسعى إلى تسريع وتيرة الإفراج الجمركي عن البضائع والسلع المتكدسة بالموانئ المختلفة، لتعزيز المعروض السلعي والدفع نحو استقرار الأسعار تدريجيًا.

ويضيف التاجوري أن قرار تحرير سعر الصرف ليس من المتوقع أن يسهم في ارتفاع قوي لأسعار السلع كون غالبية البضائع المتداولة حاليًا في الأسواق مسعّرة وفق سعر دولار السوق الموازية (قبل القرار) الذي تجاوز الـ70 جنيهًا، ما يقلّل أيضًا من احتمالات تراجع الأسعار بصورة قوية، لكن المأمول هو أن نشاهد قريبًا استقرارًا في الأسعار دون ارتفاع جديد، يعقب ذلك تراجع تدريجي.

احتياطي السلع

وتدرس الحكومة حاليًا زيادة الاحتياطي الاستراتيجي من السلع الأساسية بنحو 20%، بغرض التدخل في وقت الأزمات لضمان استقرار الأسواق، وكانت الحكومة قررت نهاية العام الماضي، تطبيق نظام التسعيرة الاسترشادية على 7 سلع استراتيجية، تشمل السكر والزيت والجبن الأبيض والمكرونة والأرز واللبن والفول، وذلك ضمن جهودها للحد من الارتفاعات غير المبررة للسلع التي دفعت التضخم خلال 2023 لتجاوز مستويات 40%. 

جانب من اجتماع الحكومة مع المصنعين والتجار يوم 25 مارس 2024

 لا زيادة للتضخم

وعاود معدل التضخم السنوي في فبراير الماضي صعوده ليسجل 36% ارتفاعًا من مستوى 31.2% المسجل في يناير، بضغط من العوامل الموسمية المرتبطة بحلول شهر رمضان وارتفاع معدلات إنفاق الأسر في تلك الفترة من كل عام، بينما يرى البعض أن التضخم مرشح لتسجيل قفزة لمستويات بين 40 و50% خلال الفترة المقبلة تحت تأثير قرار تحرير سعر الصرف وزيادة مجموعة من السلع والخدمات منذ بداية هذا العام بما فيها أسعار البنزين والسولار التي رفعتها الحكومة نهاية الأسبوع الماضي بواقع 100 قرش و175 قرشًا للتر على التوالي.
ويستبعد رئيس شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية، حازم المنوفي، أن تشهد السوق المصرية زيادات جديدة في الأسعار خلال الفترة المقبلة، نظرًا إلى عدة أسباب أبرزها اختفاء السوق الموازية للدولار واستمرار جهود الإفراج الجمركي عن البضائع ومستلزمات الإنتاج فضلًا عن ارتفاع أسعار الفائدة، مضيفًا أن هذه الأمور مجتمعة من المتوقع أن تكبح التضخم تدريجيًا. 
وفي مذكرة حديثة، استبعدت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني، أن يفضي قرار التعويم إلى زيادة حادة في التضخم، كون غالبية السلع والخدمات جرى تسعيرها قبل القرار وفق سعر الدولار الموازي الذي تجاوز 70 جنيهًا نهاية يناير الماضي.

search