السبت، 05 أكتوبر 2024

05:21 م

مع مؤشرات إيجابية.. هل وضعت "الصفقات المليارية" مصر على الطريق الصحيح؟

جنيهات معندية موضوعة على خلفية علم مصر

جنيهات معندية موضوعة على خلفية علم مصر

ولاء عدلان

A A

اجتمعت لمصر خلال الأيام القليلة الماضية مجموعة من العوامل الإيجابية التي مهدت الطريق لخروجها من الأزمة الاقتصادية القاسية التي عصفت بها طوال العامين الماضيين، ووضعتها على طريق الإصلاح الاقتصادي. 

وقال الباحث الاقتصادي في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، الدكتور محمد شادي، إن مصر شهدت أزمة خانقة منذ العام 2022 بفعل خروج أموال ساخنة منها بقيمة 22 مليار دولار في أعقاب تداعيات حرب أوكرانيا، الأمر الذي ضغط بشدة على احتياطي النقد الأجنبي للدولة ودفعه للتراجع فبعد أن كان بحدود 41 مليار دولار في نهاية 2021 سجل حتى نهاية يناير الماضي قرابة 35.3 مليار دولار، لكن هذا المشهد تغير جذريا بعد توقيع الحكومة لصفقة رأس الحكمة في فبراير الماضي باستثمارات بنحو 35 مليار دولار.

تحسن قوي 

أضاف شادي، أن مؤشرات الاقتصاد الكلي في مصر شهدت تحسنا قويا خلال الفترة الأخيرة مدفوعة بصفقة رأس الحكمة ونجاح الحكومة في تأمين تمويلات أخرى بنحو 20 مليار دولار سواء من صندوق النقد أو الاتحاد الأوروبي وغيرهما من الشركاء الدوليين، فضلا عن قرار تحرير سعر الصرف الذي من المتوقع أن يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتحسين بيئة الأعمال محليا. 

تابع، أنه من المتوقع أن تبدأ مؤشرات الاقتصاد الجزئي أي على صعيد الشركات والأفراد في التحسن تدريجيا بنهاية السنة المالية الحالية في يونيو المقبل، ليبدأ المواطن العادي في الشعور بثمار الإصلاح الاقتصادي والتطورات الأخيرة على نحو ملحوظ خلال العام المقبل، لافتا إلى أن بعض أسعار السلع كالسيارات سجلت تراجعا ملحوظا منذ صدور قرار تحرير سعر الصرف في 6 مارس، لكن على صعيد السلع الأساسية وتحديدا الغذائية من المتوقع أن يبدأ المواطن في استشعار تراجع أسعارها خلال شهرين من الآن. 

وتوقع شادي أن يتراجع التضخم خلال الشهور المقبلة بنسب تتراوح بين 2 و3%، قبل أن يبدأ في تسجيل أرقاما أحادية خلال الربع الثالث من العام المالي 2024-2025، تزامنا مع أيضا تحسن معدلات النمو الاقتصادي وعجز الموازنة ومستويات الديون، ويشار إلى أن معدل التضخم السنوي في فبراير الماضي ارتفع إلى 36% من 31.2% في يناير. 

قبل يومين، قالت مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” التي تتخذ من لندن مقرا لها، إن مصر تسير في الاتجاه الصحيح، في ضوء التطورات الأخيرة التي شهدتها، وتوقعت أن تسهم هذه التطورات في زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي غير المباشر وتحسن الوضع المالي للدولة، ورجحت أن يتراجع التضخم بحلول العام 2025 إلى متوسط بنحو 10.5%، وأن تبدأ فوائد الإصلاح الاقتصادي في الظهور بشكل ملموس اعتبارا من العام المالي 2025-2026، حيث تتوقع تسجيل الاقتصاد المصري على المدى الطويل نموا بين 5 و7% ارتفاعا من معدل متوقع للعام المالي الحالي بنحو 2.3%.

مراسم توقيع صفقة رأس الحكمة في 23 فبراير الماضي

مؤشرات إيجابية 

من جهته، أوضح مساعد رئيس حزب العدل للشؤون الاقتصادية، الخبير الاقتصادي حسام عيد، أن مصر خلال الفترة الأخيرة شهدت تطورات إيجابية كان أبرزها صفقة رأس الحكمة والاتفاق مع صندوق النقد بشأن زيادة قيمة القرض من 3 إلى 8 مليارات دولار وكذلك الحصول على تعهدات من الاتحاد الأوروبي بقيمة 8.1 مليار دولار، وبالطبع قرار تحرير سعر الصرف. 

أضاف أن قرار تحرير سعر الصرف وجه ضربة للسوق الموازية وعزز مستويات الثقة الدولية في مصر، ومن المتوقع أن يسهم في جذب مزيد من تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية سواء من خلال الاستثمار المباشر في مشروعات أو الاستثمار غير المباشر في الأسهم المصرية وأدوات الدين، وهنا لفت إلى أن الفترة الحالية تشهد إقبالا من المستثمرين الأجانب على الاستثمار في أذون الخزانة والأسهم المصرية، إذ بات سعر الصرف جاذبا بالنسبة لهذه الفئة من المستثمرين.

 وتابع أن عودة الاستثمارات الأجنبية لمصر إلى جانب النشاط المتوقع لتحويلات المصريين بالخارج تمثل مؤشرات إيجابية على خروجنا من الأزمة الاقتصادية، هذا فضلا عن أن قرار تحرير سعر الصرف من المتوقع أن يسهم في تسريع وتيرة تنفيذ برنامج الطروحات خلال الفترة المقبلة، إذ بات بمقدور المستثمر الأجنبي أن يقيم الصفقات في ضوء سعر صرف موحد الأمر الذي يعزز جاذبية هذه الصفقات لاسيما في القطاعات الإنتاجية. 

وتوقع بنك “جولدمان ساكس”، الأسبوع الماضي، أن يرتفع احتياطي النقد الأجنبي في مصر خلال العام الحالي إلى 50 مليار دولار على أقل تقدير، مدفوعا بزيادة متوقعة في تحويلات المصريين بالخارج لتسجل 28.5 مليار دولار بالتوازي مع زيادة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لتتجاوز حاجز الـ33 مليار دولار بنهاية العام، وتوقع بنك الاستثمار الأمريكي أن تستقبل مصر هذا العام أموالا ساخنة بقرابة 15 مليار دولار في محافظ الأوراق المالية هذا العام.

لقاء سابق بين مديرة صندوق النقد ووزير المالية محمد معيط

ثقة دولية

رأى أستاذ اقتصاديات التمويل بجامعة القاهرة الدكتور حسن الصادي، أن الفترة المقبلة ستشهد الإعلان عن العديد من الصفقات على غرار صفقة رأس الحكمة مثل مشروع رأس جميلة وغيره من المشروعات الجاذبة للشركاء الإقليميين، مشيرا إلى أن من ضمن المؤشرات الإيجابية المتوقعة خلال الفترة المقبلة أيضا رفع التصنيف الائتماني لمصر تزامنا مع زيادة الثقة الدولية في الاقتصاد في أعقاب نجاح مصر في تعزيز حصيلة النقد الأجنبي وتحديدا صفقة رأس الحكمة التي جاءت بحجم غير متوقع (35 مليار دولار). 

في الثامن من الشهر الحالي عدلت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري إلى إيجابية من سلبية، فيما قالت نظيرتها وكالة “ستاندرد آند بورز”، إنها توقعت كافة التطورات التي شهدتها مصر أخيرا باستثناء صفقة رأس الحكمة، الأمر الذي دفعها لأن تدرس بجدية تعديل التصنيف الائتماني لمصر خلال الفترة المقبلة. 
 

search