الجمعة، 22 نوفمبر 2024

06:19 ص

"أشغال شقة" لمست الجرح.. هل يبقى الوضع على ما هو عليه في "وضع اليد"؟

دار القضاء العالي

دار القضاء العالي

روان عبدالباقي

A A

فتحت الحلقة الأخيرة من المسلسل الرمضاني “أشغال شقة”، ملف الاستيلاء على الشقق والعقارات والأراضي بالقوة، المعروفة إعلاميًا بـ "وضع اليد"، لتصبح عبارة "يبقى الوضع كما هو عليه" المحور الأساسي الذي دارت حوله آخر حلقتين من المسلسل.

الدراما وقضية “شقق وضع اليد”

دارت أحداث الحلقة الأخيرة في إطار كوميدي حول "حمدي وياسمين"، زوجان يحاولان استرداد منزلهم الذي استولت عليه خادمة وأسرتها بطريقة وضع اليد، وعند اللجوء للقانون وسماع أقوال الطرفين الذين أكدا كل منهما أنه المالك الحقيقي للشقة، صُدم الزوجان بعبارة "يبقى الوضع كما هو عليه.. هما جوه وأنتم بره".

مسلسل أشغال شقة

المثير في الأمر أن العبارة التي لطالما سمعناها بالمسلسلات والأفلام غير صحيحة، وفقا للمحامي بالنقض أيمن محفوظ، الذي قال إن هذه المقولة غير دقيقة من الناحية القانونية، وحينما يكون هناك تعدٍ من الغير على مسكن أو محل أو أرض، وهو ما يسمى بوضع اليد، للأسف يحمي القانون المصري واضعي اليد أحيانا أكثر من مالك العقار.

حماية واضعي اليد بدلا من الملاك

وأشار محفوظ، في تصريحات لـ"تليجراف مصر"، إلى أن القانون المصري أخذ فكرة الحيازة ووضع اليد بشكل متطابق من القانون الفرنسي دون نظر للاعتبارات الاجتماعية للمجتمع المصري في تطبيق تلك المفاهيم القانونية.

وأكد أنه طبقا للمادة 44 من قانون المرافعات، فإن الإجراء الطبيعي في هذه الحالات هو اللجوء للنيابة العامة، لاستصدار أمر وقتي بتمكين صاحب الحق في الحيازة، ومن خلال التحقيقات وسماع الشهود، يتم تمكين المالك الذي أثبت حيازته من العقار المتنازع عليه مع توقيع عقوبة الحبس  للاعتداء على حيازة العقار على الشخص المعتدي.

وأضاف “هذا القرار من النيابة العامة يهدف إلى حماية الحائز الفعلي بحيازة مستقرة وهادئة حتى وإن لم يكن مالك العقار، لذلك يظل المالك الأصلي يعاني في المحاكم إن أثبتت العصابات المختصة بالاستيلاء على الشقق أنها ملك لها”.

محفوظ أكد أن هناك مافيا متخصصة في سرقة الشقق والعقارات والأراضي عن طريق وضع اليد وذلك بالتخطيط بعد معرفة أن مالك هذه الشقة خارج البلاد أو صاحب تلك الأرض لا يستطيع الدفاع عن نفسه، ثم يحملون أنفسهم ويبدأون جريمتهم التي تظل سنوات في المحاكم والمالك حائر لا يعرف ماذا يفعل؟

بعض التعليقات على وضع اليد على الشقق

 

موقف محكمة النقض

وسبق لمحكمة النقض التصدي لهذا الأمر، حيث قضت بأن مفاد نص المادة 958 مدني: "أن الدعوى إنما شرعت لحماية الحائز من أعمال الغصب التي يتعرض إليها، ومن ثم يكون قبولها رهنًا بأن يكون لرافعها حيازة مادية حالية ومعني كونها (مادية) أن تكون يد الحائز متصلة بالعقار اتصالا فعليا يجعل العقار تحت تصرفه المباشر وكونها (حالية) أن الاتصال قائم حال وقوع الغصب.

وأوضحت المحكمة أن دعوى استرداد الحيازة تقوم على رد الاعتداء غير المشروع، ولذلك لا يشترط فيها نية التملك عند الحائز، ولا وضع اليد لمدة سنة سابقة على التعرض، ويكفي في قبولها أن يكون لرافعها حيازة مادية تجعل يد الحائز متصلة بالعقار اتصالا فعلياً قائما في حال وقوع سلب الحيازة بقوة أو إكراه.

تشريعات في صف واضعي اليد

ويرى رئيس مجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والمحامي بالنقض، عصام شيحة، أن التشريعات في السنوات الأخيرة على الرغم من أنها يسّرت للملاك عمليات نقل الملكية أو تسجيل العقارات، فإنها على الجانب الآخر يسرّت بشكل كبير لواضعي اليد أو حائزي العقارات أو الأراضي أو الشقق نقل ملكيتها دون بحث لأصل الملكية.

عصام شيحة

ولفت شيحة إلى أن القوانين الجديدة تأخذ بظاهر الأوراق، وهذا ترتب عليه وضع اليد على أراضي كثيرة لملاك توفوا أو آخرين لا يمكنهم تحمل تكاليف المحاكم والقضايا، وربما لانشغال البعض الآخر أو سفرهم للخارج، حيث إن الهدف من القانون كان تشجيع المواطنين على التسجيل وفي نفس الوقت توفير موارد مالية، ولكن بدلا من تحقيق هذه الأهداف وصلنا إلى نتائج يصعب تداركها.

ماذا إن “ وقعت الفاس في الراس؟”

وتابع "المشاكل كتيرة جدا في المحاكم بسبب قضايا وضع اليد، وخصوصا إن في مقاولين وأشخاص احترفوا عملية وضع اليد على أملاك الغير، وفي ناس بتروح ساعات عشان تضرب الغفير أو ترشيه ويحطوا إيديهم على الأرض". 

أما عن الحلول، أكد شيحة أنه يجب على الحكومة أن تصدر تشريعات تساهم في حماية أملاك المواطنين ولا تسمح بالتسجيل أو نقل الملكية إلا بحضور الطرفين، ولا بد أن يكون المالك الأصلي موجودا ولا يجب التسجيل في غيابه، وفي النهاية إن وقعت الفأس في الرأس وتم أخذ الشقة بوضع اليد، فإن سرعة الذهاب للنيابة بالأوراق والمستندات هي الحل حتى وإن لم يكن سريعًا.

search