السبت، 23 نوفمبر 2024

12:34 ص

كفيفان اختبرا صبرها.. فاطمة "مصباح" أضاء حياة ابنيها

الأم فاطمة وأولادها

الأم فاطمة وأولادها

داليا أشرف

A A

على مدار أكثر من 20 عام، تحملت الأم فاطمة محمد علي مسؤولية كبيرة على عاتقها وحدها، بعد أن أنجبت أبناءها أسماء وأحمد ومحمود وعبد الله، على الترتيب، وكتب القدر أن يولد اثنين منهما فاقدي البصر بسبب عيب خلقي، لتبدأ رحلة شاقة كللت بنجاح لم تتخيله.

تقول فاطمة لـ "تليجراف مصر"، إنها تزوجت رجلا من خارج محافظتها الإسكندرية، وانتقلت معه إلى مدينة بنها في القليوبية، وأنجبت أول فرحتها أسماء، وهي طبيبة حاليًا.

بدأت عائلة فاطمة تكبر وأنجبت أبنها الثاني أحمد، مهندس حاليًا، والاثنان كانا في حالة جيدة، ولكن انقلبت حياة المعلمة الأزهرية رأسًا على عقب بعد الحمل الثالث، فعلى الرغم من أنه كان مولودا طبيعيا وفي موعده، اكتشفت مشكلة في بصره بشهره الرابع.

أم تربي أبنائها المكفوفين وحدها

بدأت فاطمة رحلتها مع الأطباء في محافظات مختلفة، آملة ف أن تجد من يشخص حالة (محمود) ويساعدها في علاجه، حتى أنها كانت تتجهز للسفر خارج مصر من أجل العلاج، ولكن دون جدوى.

في الوقت الذي كانت فاطمة تحاول مع ابنها محمود وفقدت الأمل في علاجه، فوجئت بحملها في الطفل الرابع عبد الله عن طريق الخطأ، على حد قولها، إذ لم ترغب في الإنجاب مرة أخرى بعد أزمة محمود.

ذهبت الأم إلى الطبيب لتسأل عن إمكانية إجهاض الجنين، خشية أن يصاب مثل شقيقه الثالث، مدفوعة بإحساس أنه سيولد بنفس الإعاقة ، ولكن أقنعها الطبيب بألا تجهضه لأنه كان قد تكون في رحمها بالفعل وإجهاضه خطر على حياتها.

انتظرت فاطمة مولودها الرابع بترقب كبير، وتأكد حدسها بعد ولادة عبد الله بنفس إصابة أخيه الذي يسبقه، وبسبب عيب خُلقي فقد بصره وهو لا يزال رضيعًا، مضاعفا مسئولية وحزن الأم.

كبر الأطفال الأربعة معًا، ولكن محمود وعبد الله لم يكونا مثل الجميع، إذ واجها التنمر والمعاملة السيئة من الجيران والمعارف، وكما تقول ، "لو لعبوا عند حد كان يقولي حوشي عيالك العُمي دول عني".

“قلبي كان بيتقطع عليهم وتعبت فوق ما حد يتخيل”، عبارة أوضحت حجم المأساة التي عاشتها (الأم فاطمة) في بداية حياتها مع ابنين مكفوفين، موضحة أن الكثيرون رفضوا التعامل معهما تمامًا حتى المعلمين في المدارس.

لم تستسلم فاطمة لقدرها الحزين، ولم تعتد عبارة المواساة "ده ابتلاء وربنا بيختبر صبرك"، بل قررت أن تعلم أبنائها بنفسها الاعتماد على أنفسهما بدءًا من الأكل وحتى الملابس والمذاكرة، إلى أن أصبح الثنائي وكأنه مبصر تمامًا.

التحق محمود وعبدالله بالأزهر بغرض حفظ القرآن الكريم كاملًا وتعلم أمور الدين وأصوله، وعملت الأم على مذاكرتهما وتوصيلهما إلى مقاصدهما، حتى وصلا إلى المرحلة الجامعية، ونجح الثنائي في الالتحاق بكلية الدعوة الإسلامية، وتخرج (محمود) وعمل إمام وخطيب مسجد.

أما عبد الله فلا يزال يدرس بكلية الدعوة الإسلامية حتى يصبح إمامًا وخطيبًا بالمسجد، ويحضّر دراسات عليا مثل أخيه، وحاليًا يعتمدون اعتمادًا كلي على أنفسهم بسبب والدتهم فاطمة.

تختتم فاطمة حديثها، "ضهري اتكسر عليهم وتعبت جدا علشانهم وشوفت كتير أوي عشان بس يطلعوا حاجة كويسة، أنا رضيت بقضاء ربنا وعلشان كده عوضني فيهم".

search