الجمعة، 22 نوفمبر 2024

05:34 م

الاستثمار الأجنبي بمصر.. اعتدال ثم قلق ثم "قفزة ثقة"

دولارات إلى جانب علم مصر

دولارات إلى جانب علم مصر

ولاء عدلان

A A

رغم تعرضها لصدمات اقتصادية متتالية خلال السنوات العشرة الأخيرة، بعضها كان خارجا عن إرداتها، حافظت مصر على نمو شبه مستدام في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وعلى مركزها كوجهة أولى لهذه الاستثمارات في القارة الأفريقية.

وتستهدف مصر خلال العام المالي الحالي جذب استثمارات أجنبية مباشرة بنحو 12 مليار دولار، بخلاف الاستثمارات غير المباشرة في أدوات، فيما تجاوزت تقديرات بعض المؤسسات المالية العالمية هذا الرقم بأكثر من 100% في ضوء التطورات الأخيرة التي شهدتها الدولة عقب توقيعها لصفقة رأس الحكمة فبراير الماضي، أكبر صفقة استثمار اجنبي مباشر في تاريخها، بقيمة 35 مليار دولار.

اعتبرت مصر زيادة قرض صندوق النقد “شهادة إيجابية”

 

صفقة غيرت الموازين 

وقال الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة، إن صفقة رأس الحكمة جاءت بحجم كبير وغير متوقع، الأمر الذي قلب الموازين وأسهم في حلحلة الأزمة الاقتصادية الممتدة منذ عامين على خلفية انسحاب الأموال الساخنة من السوق المصرية منذ العام 2022 بقيمة وصلت إلى نحو 22 مليار دولار.

وأضاف أن صفقة رأس الحكمة مهدت الطريق لقرار تحرير سعر الصرف والتوصل لاتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي لزيادة قيمة القرض المتفق عليه نهاية 2022 من 3 إلى 8 مليارات دولار، وهذه العوامل معا منحت الاقتصاد المصري دفعة إيجابية خلال الفترة الماضية وعززت الثقة الدولية فيه، الأمر الذي يمهد الطريق لزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي لا سيما بعد القضاء على ظاهرة تعدد أسعار الصرف.

موديز رفعت تصنيفها الائتماني لمصر

أجواء إيجابية

وتابع أنه من المتوقع أن تقدم وكالات التصنيف الائتماني خلال الفترة المقبلة على رفع تصنيف مصر، وسط ازدياد المؤشرات على انتهاء الأزمة، مشددا على أن مصر يجب أن تستغل هذه الأجواء الإيجابية لخلق مناخ جاذب للاستثمار الأجنبي وتذليل كافة العقبات أمامه بصورة تعزز تنافسيتها في المنطقة العربية وتسهم في دعم النمو الاقتصادي.

يشار إلى أن صفقة رأس الحكمة ساهمت في إنعاش احتياطي النقد الأجنبي للدولة بنهاية مارس الماضي إلى نحو 40.4 مليار دولار ارتفاعا من 35.3 مليار دولار في فبراير الماضي، وقالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في مذكرة مطلع مارس إن صفقة رأس الحكمة ستوفر تدفقات مباشرة من النقد الأجنبي بنحو 24 مليار دولار هذا فضلا على غيرها من مصادر التدفقات الأجنبية، وهو ما يفوق توقعاتنا السابقة لأن تنهي مصر العام المالي الحالي بحجم استثمار أجنبي مباشر بحدود 12 مليار دولار فقط.

وتشير توقعات حديثة لبنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس إلى أن حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر سيتجاوز خلال 2024 حاجز الـ 33 مليار دولار قبل أن يتراجع باتجاه مستوى يلامس 24 مليار دولار بحلول 2027. 

مراسم توقيع صفقة رأس الحكمة في 23 فبراير 2024

 

73 مليارا في 10 سنوات 

خلال العشر سنوات الماضية بلغ صافي الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق باتجاه السوق المصرية نحو 72.94 مليار دولار، وخلال العام المالي الماضي وحده سجلت مصر ذروة 15 عاما في صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة عندما تجاوز عتبة الـ10 مليارات دولار، وبحسب تقرير الاستثمار العالمي لعام 2023 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد "، حلت مصر في المركز الأول من حيث تدفقات الاستثمار الأجنبي الداخلة للقارة الإفريقية للعام 2022 مستحوذة على قرابة 25% من إجمالي هذه التدفقات، وفي عام جائحة كورونا (2020) أيضا جاءت مصر في المركز الأول واستحوذت على 15% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالقارة.

تطور صافي الاستثمار الأجنبي المباشر وفقا بيان سابق لمركز دعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء

ووفقا لبيانات حكومية تستهدف مصر بحلول 2026 الوصول بالاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى حاجز 13 مليار دولار لاستعادة المستويات التاريخية التي جرى تسجيلها في العام المالي 2007/2008 عندما تجاوز صافي الاستثمار الأجنبي المباشر الـ13.2 مليار دولار، فيما يرجح بنك جولدمان ساكس استقطاب مصر لاستثمارات أجنبية مباشرة بأكثر من 15 مليار دولار خلال العام 2026.

تأتي هذه التوقعات في ضوء نمو مضطرد لصافي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر منذ العام المالي 2013/2014 عندما سجل 4.2 مليار دولار ارتفاعا من مستوى 2.2 مليار دولار المسجل في العام 2010/2011 وهو الأدنى في نحو 20 عاما، وطوال السنوات العشرة الماضية لم يسجل صافي الاستثمار الأجنبي المباشر تراجعا قويا سوى في العام المالي 2020/2021 عندما بلغ قرابة 5.2 مليار دولار تزامنا مع تداعيات جائحة كورونا مقارنة بـ7.5 مليار دولار في العام السابق وبنحو 8.2 مليار دولار في العام 2018/2019.

search