السبت، 05 أكتوبر 2024

11:08 ص

"المركزي" يرفض عروضًا لشراء أذون خزانة.. السر في "السيولة"

الجنيه المصري موضوعا على خلفية من الدولارات

الجنيه المصري موضوعا على خلفية من الدولارات

ولاء عدلان

A A

عادت أذون الخزانة المصرية إلى دائرة الضوء في أعقاب قرار البنك المركزي في 6 مارس الماضي بشأن تحرير سعر الصرف، وسط إقبال واسع من المستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء، للاستثمار في أدوات الدين المقومة بالجنيه، لكن لماذا أقدم “المركزي” على رفض عروض لبعض هؤلاء المستثمرين في وقت سابق من هذا الأسبوع؟ 
الخبير المصرفي، محمد بدرة، أوضح أن البنك المركزي يدير عطاءات (مزادات) أذون الخزانة وأدوات الدين عمومًا وفق آليات العرض والطلب وفي ضوء مستهدفات وزارة المالية من هذه العطاءات وبما لا يتعارض ومساعي الدولة لتحقيق الانضباط المالي، لذا قد يرفض أحيانًا بيع كامل المستهدف من بعض العطاءات، وهو ما أقدم عليه خلال أحدث عطاء لأذون الخزانة.

مستويات مرتفعة من السيولة

وأقدم البنك المركزي خلال أحدث عطاء بتاريخ 15 أبريل الحالي على بيع أذون خزانة بأقل من المستهدف وسط ارتفاع العائد المطلوب من قبل المستثمرين إلى 35%، إذ باع أذونا لأجل 364 يومًا بقيمة 14.4 مليار جنيه بمتوسط عائد (فائدة) بقرابة 25.9%، وذلك بعد أن كان يستهدف جمع 25 مليارًا ورغم تلقيه طلبات شراء بـ40.4 مليار جنيه، بينما رفض نسبة أكبر من عروض شراء أذون الخزانة لأجل 182 يومًا، وباع فقط أذونا بقيمة 761.4 مليون جنيه نزولًا من مستهدفه البالغ 30 مليار جنيه، مع طلب المستثمرين لعائد بـ35%.
ببساطة، فإن أذون الخزانة هي أدوات دين تصدرها وزارة المالية لتعزيز الإنفاق الحكومي، وتتميز بأنها قصيرة الأجل وتتراوح آجالها بين 3 و12 شهرًا، بالتالي هي تدرّ عائدًا سريعًا للمستثمرين سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات، ويتم بيعها في مزادات يديرها البنك المركزي نيابة عن وزارة المالية، وكلما تجاوزت طلبات شرائها حجم المعروض منها يمنح هذا “المركزي” هامشًا للمناورة والقبول بالعروض المناسبة لمستهدفه وعادة ما يترجم هذا في تراجع العائد عليها، والعكس صحيح. 
وبحسب محمد بدرة، فإن رفض البنك المركزي لجانب من عروض المستثمرين لشراء أذون الخزانة يأتي في ضوء ارتفاع معدلات السيولة سواء لدى وزارة المالية أو في القطاع المصرفي، ما يعطي “المركزي” مساحة أوسع لقبول عروض الشراء بالعائد الذي يراه مناسبًا.

يُشار إلى أن حجم السيولة لدى القطاع المصرفي المصري يواصل الارتفاع منذ بداية العام، وخلال فبراير الماضي نما بنحو 16.6% ليسجل قرابة 9.12 تريليون جنيه، مقابل مستوى 8.9 تريليون جنيه المسجل نهاية ديسمبر 2023.

صورة لعطاء المركزي لأذون الخزانة بتاريخ 15 ابريل 2024

الأموال الساخنة

وأضاف بدرة أن رفض المركزي لبعض عروض شراء أذون الخزانة يأتي أيضا ضمن جهوده لإدارة عملية دخول الأموال الساخنة (الاستثمار الأجنبي غير المباشر في أدوات الدين والأسهم ) إلى السوق المصرية بعد أن عادت بقوة تزامنا مع قرار تحرير سعر الصرف للاستفادة من تراجع قيمة العملة وارتفاع العوائد على أدوات الدين المحلية.  
وأشار إلى أن عروض شراء أذون الخزانة التي تطلب عائدا بنحو 35% تمثل ارتفاعا واضحا من مستويات الفائدة الحالية على هذه الأدوات (25.9%) مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأخيرة مرتفعة بالأساس مقارنة بالعطاء السابق بنسب بين 20 و40%، وهذا يعكس رغبة المستثمرين من تحقيق أقصى استفادة من الوضع الراهن في السوق في ظل تراجع قيمة العملة موضحا أن ارتفاع عوائد أذون الخزانة من شأنه أن يرفع عجز الموازنة العامة. 
يأتي تنفيذ “المركزي” خلال الفترة الأخيرة لعطاءات بعوائد مرتفعة نسبيا مقارنة بما كانت عليه نهاية مارس الماضي، تزامنًا مع ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه إلى 48.5 جنيه بعد أن كان عند حدود 47.5 جنيه مطلع الشهر الحالي، ولا تزال مستويات العائد على أذون الخزانة تتحرك عند أدنى مستوياتها في 6 أشهر (25.9%) نزولًا من مستوى 32.2% المسجل في عطاء للمركزي بتاريخ 7 مارس (غداة قرار التعويم).

search