الجمعة، 20 سبتمبر 2024

01:08 ص

صلاح السعدني.. من "ابن الحتة" حتى "العمودية"

صلاح السعدني

صلاح السعدني

منى الصاوي

A A

تعددت وجوه صلاح السعدني في الدراما والسينما والمسرح، جسد مختلف الأدوار بعبقرية موهوب قادر على تقمص أي شخصية تسند إليه، ليضع نفسه في الصف الأول بجانب عتاولة الفن، ما جعل الدنيا تبكيه بمجرد أن تم الإعلان عن خبر وفاته. 

غيب الموت الفنان صلاح السعدني، صباح الجمعة، عن عمر يناهز الـ 81 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا حافلًا، شاهدًا على رحلة شاقة انتقلت من المسرح إلى الشاشة الصغيرة ومن ثم السينما.

بداية الرحلة

شهر أكتوبر عام 1943، شهد مولد صلاح السعدني، الذي يعد واحدًا من أهم فناني مصر والوطن العربي، فبرغم انتماءه  لأسرة ريفية بإحدى قرى محافظة المنوفية إلا إنه اكتسب الثقافة المعاصرة والوعي الكافي اللذان كانوا دافعًا قويًا له طيلة رحلته الفنية، تلك الثقافة التي شكلها شقيقه الأكبر الكاتب محمود السعدني، تجسدت في الأدوار التي كان يختارها "السعدني" الفنان بعناية دقيقة.

مسرح كلية الزراعة

مسرح كلية الزراعة التي تخرج فيها "السعدني" شاهدًا على موهبة قلمّا تمنحنا الحياة بمثلها مجددًا، إذ اعتبر هذا المسرح بوابته للشهرة، وصاحبه في مشواره الفنان القدير عادل إمام.

عمدة الحلمية

لم يكن السعدني عمدة بعد، عندما اقتحم اختراع التليفزيون آنذاك، بيوت طبقة الأثرياء من المصريين، إذ كان من يمتلكون هذا الجهاز العبقري يتعدون على أصابع الأيدي الواحدة، إلى أنه تسلل إلى قلوب مشاهديه في مسلسل "الرحيل" عام 1960، إذ برع في تجسيد الشاب الشهم "ابن الحتة"، الذي لا يخشى أحد، وهو في الـ 17 ربيعًا.

الضحية الأخرس

عاد السعدني مجددًا في 1964 بـ "الضحية"، وجسد شخصية أبو المكارم الأخرس الذي كان بلا صوتًا أو بيتًا، لكنه كان أمان المستضعفين أمام جبروت المستبدين.

استطاع " الأخرس" منذ ذلك الحين أن يتسلل إلى قلوب كل من يشاهده، وارتبط بأذهان المشاهدين، فكيف بذلك الشاب أن يعبث بمشاعر الآلاف ويداعب أحاسيسهم بجمل بسيطة وتعبيرات مؤثرة، إذ يستطيع أن يبكيهم ويضحكهم، يقلبهم كيفما يشاء ببراعة كبيرة.

ليالي الحلمية

فلاح جبار بقرية ميت أبو غانم، يضع رأسه برأس كبار رجال الدولة، ودفعه جموحه إلى الترشح للبرلمان ومن ثم تزوج من نازك هانم السلحدار، وأصبح "عمدة ليالي الحلمية".

الجيل الذهبي

وجد "السعدني" موطأ لقدميه بين كبار الجيل الذهبي وهو في العشرين من عمره، ولمع نجمه في هذه الحقبة، وبدأ اسمه يداعب عقول المخرجين لاختياره في الأدوار المركبة بسبب قدرته الهائلة على "لبس" الشخصية وبراعته في تجسيد الملامح النفسية، بإقناع وسلاسة دون تكلف، فسلك طريقًا مغايرًا عمن سلكوه أبناء جيله، إلى أن تربع حينذاك على عرش الدراما التليفزيونية.

أرابيسك

راهن في " أرابيسك"، على المحتوى الذي يلامس قلوب مشاهديه وعقولهم في آن واحد، وأبدع في تقديم التراجيديا والكوميديا معًا.

الواقع والخيال

بمسارٍ فنّيّ طويلٍ ومتلألئ، وبأسلوبٍ يتسم بالتميّز والإبداع، قدم " السعدني" أدوار رئيسية وثانوية، تنوّعت بين الواقع والخيال، حتى بلغت ما يقرب من 65 فيلمًا، و40 مسرحية، وأكثر من مئة عمل تلفزيوني.

الواد علواني

"الواد علواني"، الفلاح المسحوق بأحلام العدالة والحرية، شخصية جسدها السعدني في فيلم "الأرض" عام 1970.

ومن الجندي مسعد في أغنية "على الممر"، إلى الشاب الواعد حمدي في "شقة في وسط البلد"، وجلال في "حكمتك يا رب"، تباينت أدواره بين الفتى المتهور والشاب الطموح والمحتار في تقاطعات الحياة.

الضابط المفتري

 تألق أيضًا في الأدوار الثانوية، كما في "ملف في الآداب" حيث جسّد شخصية "سعيد أبو الهدى" الضابط المفتري، وفي "طائر الليل الحزين" حيث أتقن دور "سمير" الشاب المُفترى عليه، وفي "الأشقياء" حيث أبدع بدور هشام.

درب السعادة

وفي "كونشرتو درب سعادة"، جسّد دور عزوز عبد التواب بمهارة وعمق يلامسان القلوب ويحفران في الذاكرة، مخلّدًا بذلك إرثًا فنيًا يبقى خالدًا في ذاكرة السينما العربية.

خشبة المسرح

 وعلى خشبة المسرح، جسّد شخصية الأمير المفلس في "اثنين في قفة"، كما لعب دور الموظف المطحون الذي وقع في فخ الإدمان في "الدخان".

لم يقتصر تألقه على المسرح فحسب، بل امتدّ إلى عالم الكوميديا والسخرية، حيث أبهر الجماهير بتجسيد دور اللص المحتال في "البحر بيضحك ليه؟"، فقد برع في تجسيد شخصيتي الصعلوك الفقير والحاكم الطاغية في "الملك هو الملك".

search