الإثنين، 25 نوفمبر 2024

06:12 م

دعم صندوق النقد الدولي لمصر.. جبل ديون وشروط قاسية

مسؤولو صندوق النقد ووزير المالية

مسؤولو صندوق النقد ووزير المالية

ولاء عدلان

A A

شهدت مصر خلال العامين الماضيين أزمة خانقة بدأت تنفرج اعتبارا من 23 فبراير الماضي مع توقيع صفقة رأس الحكمة بـ35 مليار دولار الأمر الذي مهد الطريق لحسم قرار التعويم، وفاء بشروط صندوق النقد الذي أعلن فور صدور القرار موافقته على زيادة قيمة القرض الممنوح للقاهرة إلى 8 مليارات دعما لاقتصادها..

لكن هل تشكل أموال الصندوق دعما أم أنها كالرمال المتحركة؟ 

قال أستاذ اقتصاديات التمويل بجامعة القاهرة، الدكتور حسن الصادي، إنه لا يجب التعويل كثيرا على أموال الصندوق للخروج من الأزمة الاقتصادية التي شهدتها مصر طوال العامين الماضيين نتيجة لعدة أسباب أبرزها تداعيات حرب أوكرانيا، مشيرا إلى أن قرض الصندوق هو فقط يرحل الأزمة إلى وقت آخر دون حلها بشكل جذري.

أعباء جديدة

وأوضح الصادي أن قرض الصندوق يضيف على موازنة الدولة المصرية أعباء جديدة تتمثل في أقساط هذا القرض وفوائده، كما أن هذه الأموال غالبا ما يتم توجيهها لخدمة أعباء الديون أي أنها لا تصب في الاقتصاد الحقيقي. 

اتفق معه الخبير الاقتصادي رشاد عبده، مضيفا أن صندوق النقد يشترط على الدول المقترضة وضع برنامج للإصلاح الاقتصادي لضمان استرداد أمواله وغالبا ما يربط هذه البرامج بشروط قاسية كإلغاء الدعم الحكومي أو خفض قيمة العملة، وبالتالي هو أحيانا ما يتسبب في توريط الدول وليس إنقاذها من أزماتها. 

طرقت مصر أبواب صندوق النقد للمرة الأولى في تاريخها في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بهدف الحصول على تمويلات لبناء السد العالي إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل، وفي العام 1977 توصلت لاتفاق مبدئي مع الصندوق للحصول على قرض بقيمة 185.7 مليون دولار، ووقتها اشترط الصندوق خفضا للعملة وأيضا لفاتورة الدعم الحكومي.

وبالفعل قام البنك المركزي وقتها بخفض سعر الجنيه إلى 60 قرشًا للدولار من 39 قرشًا، الأمر الذي تكرر لاحقا عدة مرات تزامنا أيضا مع حصول مصر على قروض من الصندوق. 

وفي محطة 2016 حصلت مصر على قرض من صندوق النقد بـ12 مليار دولار، في إطار برنامج إصلاح اقتصادي اشترط خفضا جديدا لقيمة الجنيه قابل الدولار إلى قرب الـ 19 جنيها نزولا من مستوى 8.86 جنيه.

وخلال عامي 2022 و2023 خفضت مصر قيمة العملة بقرابة 60% و25% على التوالي، وفي 6 مارس الماضي قامت بتحرير سعر الصرف ليتراجع الجنيه رسميا بأكثر من 60% قبل أن يتعافى لاحقا ليتداول حاليا عند مستويات 48.5 للدولار نزولا من مستواه قبل التعويم البالغ 30.8 جنيه. 

وتزامنا مع صدور قرار التعويم أعلن صندوق النقد موافقته على قيمة القرض المتفق عليه نهاية 2022 من 3 إلى 8 مليارات جنيه، ولخص أهم الإصلاحات الضرورية لمصر في سعر الصرف المرن وتشديد السياسة النقدية والمالية وكبح التضخم والمحافظة على استدامة القدرة على تحمل الديون، وتمكين القطاع الخاص واستبدال دعم الوقود بالإنفاق الاجتماعي الموجه. 

دوامة الديون 

تستهدف مصر، بحسب تصريحات لوزير المالية محمد معيط، قبل يومين، على هامش مشاركته في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشطن، وضع معدلات الديون على مسار نزولي، وهو أمر يبدو صعبا إذ تظهر البيانات الرسمية نمو الديون الخارجية للدولة خلال السنوات الـ10 الماضية بقرابة 4 أضعاف، وخلال آخر 3 شهور من العام الماضي قفزت بنحو 3.5 مليار دولار مسجلة 168 مليار دولار.

من جانبه، قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، في تصريح له خلال الأسبوع الماضي، إن مصر يجب أن تركز خلال المرحلة الراهنة على تخفيف المخاطر عن الاقتصاد، ورفع مستوى الحماية الاجتماعية. 

لكن أليست الديون هي أيضا تشكل مخاطر اقتصادية على موازنات الدول وفي حالة مصر أموال الصندوق ستضع هدفي خفض الديون وتعزيز الحماية الاجتماعية على المحك؟ 

للإجابة على هذا السؤال سنتتبع مسار الديون الخارجية لمصر منذ 2016 (العام الذي شهد اتفاق مصر مع الصندوق على برنامج للإصلاح بعد مرحلة من اقتصار التعاون على المشاورات الفنية منذ 1998) لنجد أنها قفزت بقرابة 195.2% حتى العام المالي 2022/2023، لترتفع من حدود 55.8 مليار دولار في 2016 إلى 164.7 مليار دولار نهاية العام المالي الماضي. 

في مقابل نمو الديون تضخمت أيضا فاتورة مدفوعات خدمة الديون لتتجاوز 132 مليار دولار خلال الـ10 سنوات الأخيرة وتقفز بقرابة 248% منذ العام المالي 2017/2016 حتى العام المالي الماضي. 

رغم تشديد الصندوق على اهتمامه بمعالجة اختلالات موازنات الدول، إلا أن مصر، وفي ظل تعاونها معه، تعد حاليا ثاني أكبر الدول المقترضة من المؤسسة الدولية الشهيرة بإجمالي ديون يلامس الـ15 مليار دولار، وفي مارس الماضي حذر معهد التمويل الدولي، من ارتفاع معدلات الدين بمصر قائلا إن التدفقات النقدية الأجنبية، ومن بينها قروض من الصندوق والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي بأكثر من 20 مليار دولار، تعد علاجا قصير الأمد، مشددا على أن مصر بحاجة إلى التركيز على خفض الديون وتعزيز الاحتياطيات الدولية واستقرار الاقتصاد الكلي. 

search