الجمعة، 22 نوفمبر 2024

07:16 ص

كشف حساب حكومة مدبولي في 6 سنوات.. ما لها وما عليها

مجلس الوزراء

مجلس الوزراء

روان عبد الباقي

A A

في ظل التحولات السياسية والاقتصادية التي شهدتها مصر خلال السنوات الست الماضية، كانت حكومة الدكتور مصطفى مدبولي التي أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم، قبول استقالتها، على الخط الأمامي لمواجهة تحديات جسيمة متعددة. 

أداء الحكومة 

تباينت آراء السياسيين والمحللين حول أداء حكومة مدبولي وتأثيرها على البلاد، فبينما يرى البعض أنها قامت بإنجازات ملموسة، يشدد آخرون على الأخطاء التي ارتكبتها.

أمر لا مفر منه

كان التغيير الحكومي أمرًا لا مفر منه، بحسب عضو مجلس النواب عبدالمنعم إمام، الذي يرى أن حكومة مدبولي ارتكبت أخطاء لم تشهدها مصر منذ 50 عامًا، إذ غابت عنها الرؤية السياسية، ولم تكن إلا رد فعل على المبادرات والقرارات الرئاسية، وغالبًا ما كانت تتجاوب معها بعد فوات الآوان، مما أثار غضباً كبيرًا بين الشعب وأعضاء البرلمان.

وفي حديثه لـ "تليجراف مصر"، قال إن أخطاء حكومة مدبولي بدأت بأزمة مالية نتيجة عدم التنسيق بين السياسة النقدية ووزارة المالية والبنك المركزي، وصولاً إلى انخفاض نصيب القطاع الخاص من الناتج المحلي الإجمالي، وهو حدث غير مسبوق في أي حكومة، حسب قوله.

حكومة متفرقة

وبناءً على البيانات الصادرة عن البنك الدولي، يُلاحظ أن نسبة الائتمان الممنوح للقطاع الخاص في مصر كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي قد انخفضت بشكل ملحوظ منذ عام 2008، حيث كانت تبلغ 42%، إلى متوسط 27.4% في الفترة ما بين عامي 2015 و2022. 

يبرز الانخفاض الواضح في هذه النسبة، خصوصا عند مقارنتها بالدول ذات الدخل المتوسط خلال الفترة نفسها، حيث بلغ متوسط نسبة الائتمان للقطاع الخاص 109%، بينما كانت 46% في جنوب آسيا و53.4% في أمريكا اللاتينية.

عضو مجلس النواب لفت أيضًا إلى الأزمات الغذائية غير المبررة فيما يتعلق بالسلع التي يوجد لدينا منها اكتفاء ذاتي، مثل السكر والأرز والدواجن.

وعبّر إمام، عن أسفه لعدم عمل الحكومة السابقة كفريق واحد، معتبرًا ذلك أحد أهم أسباب اخفاقها في الكثير من المواقف خلال الست سنوات الماضية.

حكومة إيجابية ولكن!

تباينت آراء المفكر السياسي عبدالمنعم السعيد في تقييم أداء حكومة مدبولي، وقال إنها قامت بتغيير جغرافي في مصر وأنجزت مشروعات تكفل الاستمرارية في السنوات القادمة، وذلك في إطار تنفيذ مخطط سابق وضعه مدبولي في عامي 2008 و2009، وكذا توظيف التكنولوجيا في بناء الطرق والمدن والانتهاء منها في توقيت قياسي.

ويرى المفكر السياسي، أنه على الرغم من أن حكومة مدبولي كانت إيجابية للغاية، لكنها أخفقت في الجانب الاستثماري الذي سيكون ضمن أولويات الحكومة الجديدة، مشيرا إلى أن نقطة ضعفها الوحيدة أنها ذات تفكير هندسي يفتقد للجانب الاستثماري.

30 مدينة جديدة

أثنى على إنجازات حكومة مدبولي التي امتدت من مشروع قناة السويس الجديدة إلى إنشاء 30 مدينة جديدة، وعلى رأسها العاصمة الإدارية، وكذا المتحف المصري الكبير و32 متحفًا خلال ست سنوات، مع تحقيق زيادة بنسبة 14% في حجم العمران، وهو رقم ملموس مقارنة بالنسبة المسجلة في عام 2014 والتي كانت 7%.

وسواء كانت حكومة مدبولي مقصرة حسب عبدالمنعم إمام أو إيجابية حسب عبدالمنعم السعيد، إلا أن هناك اتفاق على التحديات التي واجهتها على مدار السنوات الست، حسب توضيحات الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة.

تحديات 6 سنوات

بدرة أوضح أن تحديات الجائحة العالمية لفيروس كورونا في عام 2020 والتوترات الجيوسياسية مثل الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022، كانت عوامل ثقيلة على الدولة المصرية، والتي أثرت على سلاسل الإمداد ومستويات سعر الصرف، وأدت إلى تقليل نسب الحصول على القروض من صندوق النقد الدولي. وفي آواخر عهد هذه الحكومة، جاءت حرب إسرائيل على غزة، مما زاد من تعقيد الوضع الاقتصادي في نهاية فترة حكمها.

وأشار بدرة إلى أن تحدي زيادة عدد السكان لم يكن سهلاً على الحكومة، إذ أوضح الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال إطلاق المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية وجود زيادة في عدد السكان خلال السنوات السبع الأخيرة وصلت إلى 14 مليون نسمة، يحتاجون إلى تعليم وصحة وإسكان وفرص عمل وهو تحدي في غاية الصعوبة.

وأضاف: "حاولت الحكومة مواجهة هذه التحديات من خلال إطلاق عدد من المبادرات التي ساهمت جزئياً في تخفيف حدة الوضع الاقتصادي، مثل المبادرات السياحية ومبادرة ابدأ للصناعة، إضافة إلى مبادرات ومبادرات التشغيل في الجهاز المصرفي للتيسير على بعض المصنعين المتعسرين إلى التمويل، بجانب افتتاح افتتاح عدد كبير من المشروعات خلال السنوات الست الماضية، كان للقطاع الخاص نصيب جيد منها.

أولويات الحكومة الجديدة

يرى بدرة، أن الحكومة كان عليها القيام بمزيد من الجهد، فتأخرت في بعض الملفات مثل الصناعة، التي كانت تحتاج إلى دفعة قوية من التسهيلات والتشريعات القانونية، مثل الرخص الذهبية، وغيرها من الإجراءات التي كانت تعوق حركة الاستثمار، في ظل وجود بيوقراطية مترسخة بصعوبة داخل المجتمع وخاصة في الأجهزة التنفيذية.

يثير البعض تساؤلات حول أهم مسؤوليات الحكومة الجديدة بعد تشكيلها وما الأولويات التي يجب أن تأخذها في اعتبارها منذ يومها الأول في الولاية الرئاسية الجديدة، خصوصًا في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية وارتفاع الأسعار.

أوضح بدرة، أن الحكومة الجديدة بحاجة إلى تغيير في السياسات أكثر من تغيير الأشخاص، وأنه يجب تحويل الاقتصاد إلى اقتصاد رقمي عن طريق فصل الخدمة عن مقدمها ومتلقيها، ويجب تحسين الخدمات البنكية والإلكترونية والميكنة في جميع القطاعات، لتليق بالجمهورية الجديدة.

وشدد الخبير الاقتصادي، على ضرورة القضاء على البيروقراطية والتشريعات المعوقة لحركة الاستثمار، وتوفير رخصة ذهبية للمشروعات يجب منح أولوية لملف تصدير التعليم، إذ تحتاج أوروبا إلى ملايين العمال، ويمكن أن يكون لهذا المشروع تأثير كبير على الاقتصاد المصري.

ونوه بدرة لضرورة إحكام الرقابة على الأسواق، مؤكدا أن أي حكومة لن تستطيع تنفيذ هذه الرقابة بشكل فعال إذا لم يكن لديها تشريعات قوية تدعمها. 

ورأى أن إحكام الرقابة بدون تشريعات لا يمكن أن يكون له أي معنى، ويجب أن تكون العقوبات المفروضة على محتكري السلع متناسبة مع جرمهم، على سبيل المثال، لا يُعقل أن يحتكر التاجر سلعًا بقيمة مليارات الجنيهات وتكون العقوبة عبارة عن غرامة بسيطة وبضعة أشهر من الحبس.

search