الجمعة، 22 نوفمبر 2024

07:41 م

هيدروجين مصر الأخضر.. عقبة وحيدة لاقتناص حصة 8% عالميا

تخزين الهيدروجين الأخضر

تخزين الهيدروجين الأخضر

ولاء عدلان

A A

اتخذت مصر خلال الأشهر القليلة الماضية خطوات حثيثة لتسريع تنفيذ مشروعات الهيدروجين الأخضر، في خطوة استباقية نحو التحول للطاقة النظيفة وزيادة الاعتماد على وقود المستقبل. 

وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة ببدء المشروعات المتفق عليها ضمن الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر وتوفير البنية التحتية لها. 

خطوة استباقية

قال رئيس جمعية مستثمري الغاز ورئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات المصرية، محمد سعد الدين، إن توفر إرادة سياسية لتسريع مشروعات الهيدروجين الأخضر أمر مهم للغاية، وخطوة استباقية نحو تبني وقود المستقبل والاستثمار فيه، خصوصا أن زمن الرهان على الوقود الأحفوري يقترب من نهايته. 

يتفق معه أستاذ الاقتصاد المساعد بالأكاديمية العربية للنقل البحري، علي الإدريسي، مضيفا أن اهتمام الحكومة بتسريع مشروعات الهيدروجين الأخضر خطوة موفقة للغاية تتسق مع التوجه العالمي نحو تحقيق أهداف الحياد المناخي وتبني الطاقة المتجددة التي تستهدف مصر رفع نسبة مشاركتها في مزيج الطاقة إلى 42% بحلول 2030. 

في مايو الماضي، بدأت المرحلة التجريبية الأولى لمصنع الهيدروجين الأخضر في المنطقة الصناعية بالعين السخنة بطاقة 100 ميجاوات، وكشفت مصر في نوفمبر عن ملامح الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر التي تستهدف الاستحواذ على حصة بين 5 و8% من السوق العالمية للهيدروجين الأخضر بحلول 2040 وإتاحة أكثر من 264.5 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. 

ولتوفير بيئة تشريعية ملائمة، أقرّت مصر هذا الشهر مشروع قانون حوافز مشروعات الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، الذي يشمل حوافز عدة أبرزها حوافز ضريبية وتخفيض بـ25% من القيمة المطلوبة مقابل حق الانتفاع بالأراضي الصناعية المُخصصة لإقامة هذه المشروعات. 

تنافسية مصر

يؤكد “سعد الدين” أن مصر يمكنها أن تنافس عالميًا في إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة منخفضة، فلديها وفرة في مصادر الطاقة المتجددة (شمس ورياح ومصادر للمياه المالحة والعذبة) تعزز تنافسيتها في مجال إنتاج الكهرباء النظيفة، وبالتبعية في إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة أقل من غيرها من الدول.

يتابع سعد الدين أن سر وصف الهيدروجين بالأخضر هو طريقة إنتاجه عبر استخلاصه من المياه بالاعتماد على كهرباء منتجة بواسطة مصادر متجددة "خضراء". 

لنفهم الصورة بوضوح، تتكون المياه من هيدروجين وأوكسجين، ولفصلهما نحتاج إلى تيار كهربائي، وحال كانت هذه الكهرباء منتجة بواسطة مصادر الطاقة المتجددة يصبح هنا الهيدروجين أخضر، أو ما يطلق عليه وقود المستقبل كونه لا يتسبب في انبعاثات كربونية، إضافة إلى أنه أكثر كفاءة من الوقود الأحفوري إذ ينتج ثلاثة أضعاف الطاقة التي ينتجها النفط والغاز. 

يشير “سعد الدين” إلى أن مصر يمكنها أن تصبح رائدة في صناعة الهيدروجين واستهدافها للاستحواذ على حصة 8% من السوق العالمية يعد متواضعا مقارنة بإمكانياتها وحقيقة تراجع تكلفة إنتاج الكهرباء النظيفة مقارنة بتلك المنتجة عبر الوقود الأحفوري. 

بحسب تصريح للمديرة التنفيذية لجنوب وشرق المتوسط بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، هايكه هارمجارت، خلال لقاء مع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في أغسطس الماضي، فإن مصر مؤهلة لتصبح رائدة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، بفضل ما تتمتع به من قدرات كبيرة في مجال الطاقة المتجددة.

صورة توضيحية لإنتاج الهيدروجين الأخضر

18 مليار دولار

يرى الدكتور محمد سعد الدين أن مشروعات الهيدروجين الأخضر يمكنها أن تضخ في خزينة الدولة حصيلة دولارية على غرار قناة السويس، موضحا أن الهيدروجين يمكن تخزينه ونقله وبالتالي يسهل تصديره، فضلا عن استخدامه للاستهلاك المحلي كبديل للوقود الأحفوري. على سبيل المثال يمكن استخدامه كوقود للسيارات وللتدفئة، كما يدخل في قطاعات عدة، أبرزها صناعة الأسمدة كونه عنصرا أساسيا لإنتاج الأمونيا الخضراء. 

يوضح الدكتور علي الإدريسي أن التوسع في إنتاج الهيدروجين الأخضر سيعزز أمن الطاقة في مصر على المدى الطويل عبر المساهمة في إنتاج الكهرباء بصورة تخفف الضغط عن مصادر الوقود الأحفوري، وبالتالي عن فاتورة استيراد الموارد البترولية، هذا فضلا عن العائد من تصديره وأيضا العائد الاجتماعي عبر مساهمة هذا التوجه عموما في خفض الانبعاثات الكربونية بما يخدم أهداف مصر المناخية. 

بحسب الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين، تستهدف مصر من صناعة الهيدروجين طاقة إنتاجية تصل إلى 5 ملايين طن سنويا بحلول 2040 وخفضا للانبعاثات بـ40 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا وزيادة للناتج المحلي بما يتراوح بين 10 و18 مليار دولار بحلول 2040، هذا فضلا عن تعزيز مكانتها في صناعة الأمونيا الخضراء عالميا بإنتاج 7.6 ملايين طن سنويا.

في نوفمبر الماضي، أعلنت مصر عن تصدير أول شحنة أمونيا ‏في العالم تم إنتاجها بواسطة الهيدروجين الأخضر، والأربعاء الماضي وقّعت الحكومة اتفاقية مع شركة أكوا باور السعودية لتطوير مشروع في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لإنتاج 600 ألف طن سنويا من الأمونيا الخضراء كمرحلة أولى، باستثمارات تتجاوز 4 مليارات دولار. 

توقيع مصر على هامش كوب27 لعدد من مذكرات التفاهم للتعاون في مجال الهيدروجين الأخضر

“أهم عقبة”

يرى “الإدريسي” أن أهم عقبة أمام مشروعات الهيدروجين في مصر هي توفير الاستثمارات اللازمة، لكنه يستدرك أن توجه العالم نحو تسريع الوفاء بالتزامات لحياد المناخي سيجذب لمصر المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية الراغبة في الاستثمار بمجال الهيدروجين الأخضر خلال السنوات القليلة المقبلة. 

بحسب دراسة حديثة لمركز مالكوم كير- كارنيجي للشرق الأوسط يتطلب إنتاج مصر للهيدروجين الأخضر ضخ تمويلات تتراوح بين 11 و29 مليار دولار، مع استثناء تكلفة إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، وتوقعت الدراسة أن تتمكن مصر من تجاوز هذه العقبة عبر توسيع الشراكة مع القطاع الخاص والكثير من الشركاء الدوليين. 

وقعت مصر منذ نهاية العام الماضي وحتى الآن اتفاقيات مع عدد من الشركاء المحليين والدوليين لمشروعات هيدروجين أخضر بقيمة تتجاوز 83 مليار دولار، وضمت قائمة الشركاء البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية وشركات مثل "سكاتك" النرويجية وأبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر" وتوتال الفرنسية. 

search