الأحد، 07 يوليو 2024

04:22 ص

كيف ساهمت شجرة دوم في تحرير سيناء بالكامل؟

عيد تحرير سيناء

عيد تحرير سيناء

محمد سامي الكميلي

A A
سفاح التجمع

علمونا في الجغرافيا إن سيناء شبة جزيرة تربط بين قارتي أفريقا وآسيا، بوابة مصر على قارتين وعلى بحرين، ولكنها في قلوب المصريين وعقولنا، فهي تربط الحاضر بالماضي، ماضي الأجداد الذين ضحوا بأرواحهم نظير تحرير الأرض، وحاضر الأبناء الذي يعمرها الآن، لا نحتاج مناسبة للاحتفال بسيناء، فكل أيامها أعياد.

وقال المفكر والخبير الإستراتيجي، اللواء دكتور سمير فرج، إن أعياد سيناء هي أعياد كل المصريين، ويوم 25 أبريل يعد أجمل الأيام، فعندما جاء يوم 6 أكتوبر، وتم الهجوم على خط بارليف المنيع، واقتحام قناة السويس، ليتم تحرير جزء من سيناء، لتبدأ المعارك الأخرى، حتى تم الاحتفال بتحرير آخر شبر من أرض الفيروز في 25 يناير الذي أصبح رمزا كبيرا في حياة مصر والمصريين.

وأضاف لـ "تليجراف مصر"، أنه بعد حرب 73 ومع توقف القتال في 28 أكتوبر، بدأت المباحثات، مع الجانب الإسرائيلي التي لم تكن سهلة، حتى تم التوقيع على اتفاقي فض الاشتباك؛ الأول والثاني، وما أعقبهما من مفاوضات السلام ومعاهدة كامب ديفيد، حين استجابت مصر لنداء السلام، مبرهنة على قوتها السياسية والدبلوماسية، التي قادها الرئيس السادات ببراعة.

وأوضح، أن بهذا مصر استعادت، بدماء وجهد وعرق وفكر المخلصين من أبنائها، خلال الحرب والسلام والتفاوض، أرضها المحتلة، باستثناء طابا، إذ تلكأت إسرائيل، كعادتها، ولم تنسحب منها، مدعية أن تلك المساحة، 1020 متراً، لا تقع ضمن حدود الأراضي المصرية، ولأول يتم الإعلان عن مشكلة طابا، في مارس 1982، قبل شهر واحد من إتمام الانسحاب الإسرائيلي من سيناء، عندما أعلن رئيس الجانب العسكري المصري، في اللجنة المصرية الإسرائيلية، أن هناك خلافاً جذرياً حول بعض النقاط الحدودية، خاصة العلامة 91.

ولفت المفكر والخبير الإستراتيجي إلى أنه، حرصاً من القيادة السياسية المصرية على إتمام الانسحاب الإسرائيلي، اتفق الجانبان على تأجيل الانسحاب من طابا، وحل النزاع طبقاً لقواعد القانون الدولي، وبنود اتفاقية السلام، وتحديداً المادة السابعة، التي تنص على حل الخلافات بشأن تطبيق، أو تفسير المعاهدة، عن طريق المفاوضات، وإذا لم يتيسر حل الخلاف يتجه للتوفيق أو التحكيم. ونص الاتفاق المؤقت، الذي وقعته مصر وإسرائيل، على عدم قيام إسرائيل ببناء أية منشآت في المنطقة، لحين الفصل في النزاع، إلا أن إسرائيل حاولت فرض الأمر الواقع، فأعلنت، في 15 نوفمبر 1982، عن افتتاح "فندق سونستا طابا"، وإنشاء قرية سياحية، كما ماطلت في اللجوء للتحكيم، مطالبة بالتوافق، وهو ما رفضته القيادة السياسية المصرية، وأجبرت إسرائيل على قبول التحكيم، في يناير عام 1986، بعد أربع سنوات من المماطلة.

وقال، إن الجانبين دخلا في مفاوضات، لصياغة شروط التحكيم، انتهت في سبتمبر من نفس العام، وزعمت إسرائيل أن علامات الحدود أزيلت بفعل العوامل الطبيعية، بينما في الحقيقة أنها من أزالتها بنفسها، فقدمت مصر للمحكمة الكثير من الأدلة والمستندات، التي تؤكد أن هذه البقعة مصرية، وكانت، دائماً، تحت سيطرة وسيادة مصر، وكان من ضمن ما قدمته للمحكمة، صورة للجنود المصريين تحت شجرة الدوم، في هذه المنطقة، وكانت هذه الشجرة موجودة أثناء التحكيم، فكانت، ومازالت، شاهد إثبات على حق المصريين.

وأضاف أنه بعد مباحثات ومناقشات وجلسات طويلة، أصدرت هيئة التحكيم الدولية حكمها، في 27 سبتمبر 1988، بأحقية مصر في ممارسة السيادة على كامل ترابها، بعدما تم إثبات 10 علامات حدودية لصالح مصر، من مجموع 14 علامة، بأغلبية 4 أصوات، مقابل صوت واحد، وإثبات 4 علامات أخرى، بإجماع الأصوات الخمسة، وامتد عمل هيئة الدفاع المصرية، ومراوغات إسرائيل، وعُقدت جولات أخرى من الاجتماعات لتنفيذ حكم التحكيم، وتسليم طابا، إلى مصر، حتى وصلت إلى المرحلة الأخيرة، بتسليم طابا في 15 مارس 1989، ورفع العلم المصري على أعلى نقطة في سيناء في 19 مارس، مسجلاً لحظة عظيمة، في تاريخ مصر الحديث.

وأكمل، أنه من معركة استرداد طابا، يتم استلهام الدروس والعبر، وأهمها أنه لا يضيع حق وراءه مطالب، يحسن الدفاع عنه، بالأسلوب الذي يفهمه الخصم، من خلال دراسة أساليبه في المناورة والمراوغة، ومسلحاً نفسه بالقوة الاقتصادية والقانونية والعسكرية، وبالاعتماد على أهل الخبرة والتخصص، وأخيراً، حسن إدارة الأزمات، والتجانس بين فريق العمل، من أجل الوصول إلى الهدف.

وأكد اللواء دكتور سمير فرج، أنه في هذه الأيام، عندما نرى الاستقرار والأمان يعم أرض سيناء، فنحن متأكدين أن دماء الشهداء هي التي حققت لنا هذا الأمن، وأن عزيمة رجال المصريين في كل من المعارك قد أعادت سيناء لنا ليصبح 25 من أبريل كل عام، رمزا للمصريين، وأنه لا مستحيل لتحقيق أمل وعادت الأرض مرة أخرى، وأقول دائما لننظر حولنا، حيث الجولان، الأرض السورية ما زالت محتلة من إسرائيل، بل أن الكنيست أعلن ضمها إلى إسرائيل، كذلك الضفة الغربية من الأردن ما زالت في يد إسرائيل، ولكن مصر استعادت أرضها بالكامل لتبدأ مرحلة التعمير والبناء في سيناء التي هي أساس تأمينها بالتنمية و التي بدأنا فيها خلال الست سنوات الماضية لتصبح سيناء المستقبل المضيء لمصر في الأعوام القادمة.

search