الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024

06:32 ص

طارق سعد
A A

الممثلة والشيخ وصانعة " الشعللة"

لم يعد هناك ما يخفى على المشاهد فوسط كل التطور الهائل الذي يحيطه وتحديثاته أصبح قادرًا على تمييز ما يشاهده ويدرك جيداً أبعاده ورسالته، فقليل من ينخدع بالمظاهر ولكن الأغلب يرى الوجوه على حقيقتها.

من يقبل فتح خزائن حياته الخاصة وعرضها على الملأ ليس له الحق في البكاء والنواح والعويل على التعليقات وردود الأفعال، طالما ارتضى أن يبيعها بمقابل فعليه أن يتعامل مع تجارته بقوانينها وتلقى المقابل الآخر بكل الأشكال من الخوض فيها وفي صاحبها نفسه .. فقط عليه المواجهة وتحمل مسؤولية أفعاله.

بالمختصر المفيد هذا ما ينطبق تماماً على الممثلة "ميار الببلاوي" ومشكلتها التي صنعتها حول زيجاتها وطلاقها والوصلات بينهم من على كرسي الضيف في برنامج الفضائح "العرافة" ولقب الممثلة هنا هو الأنسب لـ "ميار" فهي كانت مجرد فتاة جميلة ولذيذة شاركت في عدد من الأعمال وقررت فجأة الزواج والاعتزال والابتعاد عن الفن فلم تؤثر في حضورها ولم يتأثر الفن بغيابها فمشوارها القصير الذي لم "تَفِن" فيه لا يتذكره أحد حتى من هو من جيلها .. ولم يقترن لقب "سابقة" بالممثلة لأنها ببساطة مازالت تمارس التمثيل منفردة بلا أي إطار!

"ميار" وافقت بكامل إرادتها على الظهور المتكرر في لقاء من برنامج معروف بصناعة الفضائح وأخذت المقابل المادي للنهش في حياتها الخاصة وانتهاكها بلا أي حق في المقاومة فتخطى النهش والانتهاك هذه الحلقة وامتد إلى القاصي والداني وهو ما يحقق هدف الـ "تريند" الذي تأخر بعد عرض الحلقة بما يقارب الشهر لانعدام جماهيرية "ميار" ومتابعتها لتمر الحلقة في كثافة مشاهدة موسم رمضان مرور الكرام وتخسر جدلها هي والبرنامج.

المتابع لعودة "ميار" منذ أن قفزت في غفلة على كرسي المذيع بتقديم برامج صبغتها دينية سيفهم التركيبة النفسية في الشهوة للعودة للأضواء ومحاولة إثارة الجدل دائمًا لصناعة خبر يجذب المشاهدات ومن يمتلك من قوة الصبر والتحمل وتابع بعض حلقاتها على شاشة محطة غير مصنفة إعلاميًا سيستقر في وجدانه مقتنعًا مرتاحًا أن ما يراه أمامه مصنوعًا لذلك وتم ترتيبه مسبقًا وهو ما تفضحه المداخلات الهاتفية .

ويبدو أن حالة البرنامج تأثرت بمهنة "ميار" الأولى كممثلة لتخرج هذه المداخلات بأجواء ما يحدث في بعض الأفلام فأنت تجد المشهد أمامك والتصنع بالمبالغة في مداخلة مهمتها صناعة حدث في المشهد وهو ما يجعلك تضرب كفًا بكف فحتى الفبركة صناعة لها أصول.

قفزت "ميار" أيضًا في أزمة "وفاء مكي" وما مارسته من تضليل ودخول في صراعات موازية فقدت فيها المصداقية داعمها الأول عند المشاهد ساهم في بعثرة صورتها التي لم تعد مناسبة لا لرداء الدين ولا لكرسي المذيع وبالطبع لم ولن تنال "ميار" لقب إعلامية لأن ما تفعله ليس له أية علاقة بالإعلام من قريب أو بعيد!

صراخ "ميار" وعويلها لم يجلب لها أي تعاطف على المستوى المطلوب فالخوض في أحشاء حياتها الخاصة حتى وإن كان من أحد شيوخ الشاشات هو مسؤوليتها الأولى والأخيرة، والحقيقة أن أزمات "ميار" المتعددة حتى مع زملائها أظهر عدم اتزانها بشكل واضح ولا عيب في استشارة متخصص نفسي يضبط لها الاتزان بعد أن وصلت الأمور إلى منطقة هي الأسوأ لأي سيدة بشكل عام.

أما بالنسبة للشيخ التليفزيوني "محمد أبو بكر" فما فعله لا يخرج من رجل دين مفترض أن يكون حصانة لهذا الدين لا أن يكون عبئًا عليه فالذي سيشاهد الفيديو الخاص به عن "ميار" سيكتشف أنه يرد على سؤال مشوه لمتابع لا يحمل ما قيل على لسان "ميار" في الحلقة الأزمة وحمل زورًا كلامًا مختلفًا تمامًا فما كان من الشيخ – آسفًا - "أبو بكر" إلا أن انبرى بوصمها وتوصيف الحالة التي ذُكرت في السؤال وإلصاقها بـ "ميار" بقصف مباشر وهنا السقطة الكبرى.. ماذا تفعل يا رجل يكمل لقبه بالدين؟!

كان عليه كواجهة دينية أن يتحرى الدقة.. أن يبحث عن الحلقة فهي متاحة ويشاهد ما دار فيها .. أن يحكم بما رأى وسمع بشهادته أمام الله وليس بمبدأ "قالوله" الذي يحتاج أساسًا لشهود بمواصفات حددها الله .. ولكن ماذا تفعل مع أدمغة لم تعد تفكر إلا بحسابات المشاهدات والـ "تريند" حتى ولو كان بلسان الدين؟!

السؤال المهم هنا ..

أين المؤسسة الدينية ممن ينطقون باسمها على الشاشات وينطلقون يجمعون مشاهدات؟

أين المؤسسة الدينية من تحويل كلمات الله سبحانه وتعالى في آيته الكريمة "فليتنافس المتنافسون" للتنافس على المشاهدات والـ "تريند"؟ من يحاسب هؤلاء؟ ومن يحافظ على صورة رجل الدين والثقة في آرائه والانطباع الذهني لزيه؟ من يمنح لقب شيخ دون ضوابط وحساب؟

ويبقى السؤال الأعمق لمن يهمه الأمر ..

"الممثلة .. والشيخ .. وصانعة الشعللة " مسلسل مسيء في عرض لن يتوقف.. إلا بوجود رقيب وحساب!

search