الخميس، 19 سبتمبر 2024

04:38 ص

إسلام أبو النجا

إسلام أبو النجا

A A

(أعطني الناي وغني) بعيدًا عن سوق السلاح

في سنة ١٩١٨ بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى التي شارك فيها أكثر من سبعين مليون في أقل تقدير، قتل منهم ما يقرب من عشرة ملايين إنسان.
خيّمت صدمة كبيرة على شعوب الأرض في أنظمة الحكم العالمية، وعدم قدرتها على حماية البشرية، نتيجة صراعات وحروب عبثية، بهدف الهيمنة المطلقة من أصحاب السلطة، وتحقيق مكاسب فردية لمجموعات جشعة لا دخل للشعوب بها.
وقد أدى كشف هذه الحقيقة الناتجة من مأساة عظيمة، إلى حراك مجتمعي في كل دول العالم يرفض الحروب أو الضلوع فيها.
المبدعون كانوا في طليعة هذا الحراك كسُنّة من سُنن التاريخ الإنساني.
فبدأ الفنانون والمفكرون والأدباء والمخرجون والموسيقيون في بلورة هذا الحراك الشعبي العالمي، تحت شعار واضح وهو (لا للحروب، نعم للسلام).
وقد دفع هذا التوجه (جبران خليل جبران) لتأليف قصيدة (المواكب) أثناء وجوده في أمريكا، التي تدعي كذبا من حينها أنها موطن هذا الشعار، رغم امتلاكها أكبر حصة من تجارة السلاح في العالم،
تعتبر هذه القصيدة دعوة صريحة للإنسان برفض هذه الأنظمة وضلالها، والعودة إلى حياة الطبيعية التي تشعر النفس بسعادة حقيقية بعكس حياة الحداثة الجوفاء التي تتعامل مع السعادة كسلعة يجب الحصول عليها بدفع ثمنها، حتى لو كان هذا الثمن هو الحروب.
هذه الكلمات السهلة البسيطة بدلالاتها الفكرية الفاضلة مع صوت فيروز المدهش يتخللها بطانة من الكورال مثل البلابل التي تغرد في الغابة لتأكيد مفهوم القصيدة.
وغلفت هذه الروعة بتوزيع موسيقي وتري رصين ممزوج بآلات شرقية تشكلت من مقام ( النهاوند ) خصوصا مع عزف سولو الناي (البوص) الذي زرع في موسيقى الأغنية مشاعر الحقول والوديان الطبيعية. مما جعل الأغنية صاحبة شعبية طاغية في كافة الأوساط والأزمنة.
ورغم الجدال الحاصل حول صاحب اللحن الأصلي والاقتباس من لحن قديم تدعي دول كثير امتلاكه، بالفعل يوجد جملة متشابهة لكنها غير مؤثرة بأي قدر في بناء اللحن الكلي، الذي توفرت له كل معطيات الأصالة، وجعله أيقونة من أيقونات الغناء العربي، بل والعالمي إذا جاز التعبير.
مع استماع هذه الاغنية نجدد الرجاء الصالح بانتهاء الحروب والكف عن تطوير وتجارة أسلحة الدمار الشامل

search