الأحد، 07 يوليو 2024

03:00 ص

دعم أكبر للوقود وعبءٌ يزداد.. لماذا؟

مضخة البنزين

مضخة البنزين

ولاء عدلان

A A
سفاح التجمع

كشف صندوق النقد الدولي، في تقرير حديث، عن تقديراته لفاتورة دعم الوقود في مصر خلال الفترة المقبلة، التي فاقت التقديرات المعلنة من طرف الحكومة بأكثر من الضعف.

رغم ارتفاع الفاتورة، لم يغفل الصندوق التأكيد على ضرورة خفض دعم الوقود، واستمرار تطبيق مؤشر أسعار الوقود للتجزئة، المتفق عليه ضمن برنامج التمويل الخاص بمصر.

وقال الصندوق في تقرير الخبراء الخاص بأول مراجعتين من برنامج التمويل، إنه يتوقع ارتفاع فاتورة دعم الوقود في الموازنة العامة لمصر هذا العام إلى 254 مليار جنيه، مقابل تقديرات الحكومة البالغة 130 مليار جنيه فقط، بينما يتوقع وصول إجمالي دعم الوقود إلى 334 مليار جنيه خلال العام المالي المقبل، مقابل 154.5 مليار جنيه، وفق موازنة العام الجديد.

ضغط التعويم

تضطر الحكومة أحيانا إلى رفع قيمة الدعم المخصص للمواد البترولية في موازنتها لتتوافق مع تحركات الأسعار العالمية للبترول والتغيرات التي تطرأ على سعر الصرف، ففي ديسمبر 2023 رفعت تقديراتها لدعم الوقود لهذا العام إلى 130 مليار جنيه من مستوى 119.4 مليار جنيه، وفي نهاية مارس الماضي وصف وزير المالية محمد معيط في بيان، تغير سعر الصرف بـ"تحدٍ كبير" للمالية العامة للدولة، يدفع باتجاه زيادة دعم المواد البترولية وغيرها من مخصصات الدعم.

في السادس من مارس الماضي، قرر البنك المركزي المصري تحرير سعر الصرف، ليتحرك وفق آليات السوق (العرض والطلب) الأمر الذي رفع سعر الدولار في الأيام الأولى للتعويم إلى حاجز 50 جنيها مقابل 30.8 جنيه قبل القرار، هذا التراجع في قيمة الجنيه قابله أيضا قرار في 22 مارس رفع أسعار الوقود بواقع جنيه واحد لجميع فئات البنزين فيما ارتفع سعر السولار، بقرابة 175 قرشا ليقفز إلى 10 جنيهات، مع استمرار دعم الدولة وتحملها جانبا من تكلفة إنتاج هذه المواد ووصولها إلى المستهلك.

وفقا لنائب رئيس هيئة البترول الأسبق، مدحت يوسف، قرارات لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية التابعة لوزارة البترول، بزيادة أو خفض أسعار الوقود تحسم في ضوء الأسعار العالمية للنفط وسعر الدولار، لذا من الطبيعي أن ترتفع مع تحرير سعر الصرف، خاصة أن أسعار الوقود المحلي في جانب منها تعكس فاتورة استيراد المنتجات البترولية من الخارج.

لنفهم الصورة أوضح: سعر النفط الآن يتداول عند مستوى نحو 84 دولارا للبرميل، ووفقا لتصريحات سابقة لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي تستورد مصر سنويات قرابة 100 مليون برميل أي بقيمة 8.4 مليار دولار هذا الرقم يرتفع إلى 258.7 مليار جنيه في حال احتسابه على السعر الرسمي قبل التعويم، وإلى قرابة 403 مليارات جنيه باحتسابه بسعر الصرف اليوم (48 جنيها للدولار)، في مؤشر قوي على أثر التعويم على تضخم فاتورة استيراد الوقود ودعمه.

 

شرط الصندوق

جددت رئيسة بعثة اصندوق النقد لمصر إيفانا فلادكوفا هولار، التأكيد على حاجة مصر لاستبدال دعم الوقود غير الموجه بحزم الإنفاق الاجتماعي الموجه، في أعقاب موافقة الصندوق في 6 مارس على رفع قيمة القرض المتفق عليه نهاية 2022 من 3 إلى 8 مليارات دولار.

وفي تقريره الخاص بأول مراجعتين من البرنامج الخاص بمصر، اعتبر الصندوق أن القاهرة عليها الالتزام باستمرار تطبيق مؤشر أسعار الوقود بالتجزئة وفق الآلية المتفق عليها، والتي بدأت مصر الالتزام بها فعليا منذ 2019 عندما شكلت لجنة متابعة آلية التسعير التلقائي للمواد البترولية، المعنية بتعديل أسعار الوقود كل 3 أشهر، وجاءت هذه الآلية أيضا ضمن برنامج للإصلاح الاقتصادي توصلت إليه مصر مع الصندوق نهاية 2016.

وفي محطة 2016 وفي إطار التزامها بشروط الصندوق خفضت الحكومة قيمة الجنيه إلى قرب الـ 19 جنيها للدولار نزولا من مستوى 8.86 جنيه قبل التعويم، كما أقرت 4 زيادات في أسعار الوقود منذ نوفمبر 2016 إلى يونيو 2018 ليقفز سعر بنزين 80 والسولار من 160 قرشا للتر إلى حدود 5.5 جنيه للتر، وتواصلت الزيادات ليصل سعر بنزين 80 والسولار حاليا إلى 11 جنيها و10 جنيهات للتر على التوالي. 

 

حقيقة ارتفاع دعم الوقود

قابل هذه الزيادات في أسعار الوقود رفعا في قيمة فاتورة دعم المواد البترولية لتقفز من 89 مليار جنيه في العام المالي 2018/ 2019 إلى 125 مليار جنيه في العام المالي الماضي ثم إلى 130 مليار دولار هذا العام ووفق تقديرات الحكومة سيرتفع هذا الرقم إلى 154.5 مليار جنيه خلال العام المالي الذي سيبدأ في يوليو المقبل.

لكن هل هذا الرفع الذي يتجاوز نسبة 70% منذ العام المالي 2018/ 2019 وحتى تاريخه، لا يعكس زيادة حقيقة لفاتورة دعم المواد البترولية بقدر ما يعكس تراجع قيمة الجنيه الذي خضع خلال الفترة المشار إليها لخفض قيمته بواقع 4 مرات ليهبط من مستوى 17.8 جنيه للدولار الواحد إلى مستواه الحاليا البالغ 48 جنيها للدولار.

ولنفهم الصورة أوضح سنقوم بتحويل فاتورة دعم المواد البترولية إلى ما يعادلها بالدولار، لنجد أنها في العام المالي 2018/2019 كانت تقدر بقرابة 5 مليارات دولار أما خلال العام المالي الحالي فتبلغ نحو 2.7 مليار دولار وفق سعر صرف اليوم مقابل قيمة بـ4.2 مليار دولار قبل قرار التعويم، وفي الحالتين نجد أن الفاتورة تتراجع فعليا ورغم ذلك يواصل صندوق النقد المطالبة بخفضها.

search