الجمعة، 22 نوفمبر 2024

02:14 ص

شهران على "التعويم".. العالم أكثر ثقة باقتصاد مصر

مبنى وكالة فيتش

مبنى وكالة فيتش

ولاء عدلان

A A

رفعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري إلى إيجابية من مستقرة، وذلك بعد نحو 5 أشهر فقط من تحذير شديد اللهجة من الوكالة الشهيرة بشأن ارتفاع  المخاطر التي تهدد التمويل الخارجي لمصر وزيادة أعباء الديون.. فماذا حدث لتعكس فيتش نظرتها لمصر 180 درجة؟

قالت الوكالة الشهيرة في تقريرها الصادر مطلع هذا الأسبوع إنها قررت تغير نظرتها لآفاق الاقتصاد المصري إلى إيجابية، في ضوء عدة عوامل، أهمها انخفاض مخاطر التمويل الخارجي على المدى القريب وسط التزام الحكومة بترشيد الإنفاق العام وتوقعات بارتفاع احتياطي النقد الأجنبي إلى 49.7 مليار دولار خلال العام المالي الحالي المقرر أن ينتهي في يونيو المقبل. 

رأس الحكمة.. كلمة السر

قال أستاذ الاقتصاد في جامعة 6 أكتوبر، ماجد عبد العظيم، إن مصر منذ 23 فبراير الماضي تمكنت من قلب الموازين، مع إعلانها توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخها (صفقة رأس الحكمة) بقيمة 35 مليار دولار ما مكنها من حسم قرار تحرير سعر الصرف والحصول على تعهدات من شركاء دوليين بحزم إنقاذ ومساعدات تتجاوز الـ50 مليار دولار، أبرزها صندوق النقد الدولي الذي أعلن في مارس موافقته على زيادة قيمة القرض المتفق عليه نهاية 2022 من 3 إلى 8 مليارات دولار.

وأضاف كل هذه العوامل عززت ثقة المؤسسات الدولية في قدرة الاقتصاد المصري على الخروج من أزمته التي بدأت في العام 2022 عندما تراجع احتياطي النقد الأجنبي بشدة في أعقاب انسحاب أموال ساخنة بقرابة 20 مليار دولار من السوق المحلية، مشيرا إلى أن قرار التعويم في مارس الماضي كان عاملا حاسما في عودة تدفقات الأموال الساخنة إلى سوق الأسهم المصرية وأدوات الدين المحلية، الأمر الذي ساهم أيضا في انعاش حصيلة النقد الأجنبي للدولة إلى جانب التدفقات المرتبطة بصفقة رأس الحكمة.

مراسم توقيع صفقة رأس الحكمة بين مصر وشركة القابضة الإماراتية في فبراير 2024


وأشار عبد العظيم إلى أن تغيير نظرة فيتش لآفاق الاقتصاد إلى إيجابية، يمهد الطريق لرفع التصنيف الائتماني خلال الفترة المقبلة، وهو القرار المتوقع أن تقدم عليه أيضا وكالات التصنيف الائتماني الأخرى، موضحا أن رفع تصنيف دولة ما يعزز جاذبيتها لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر، الأمر الذي يشي باستمرار تحسن آفاق الاقتصاد المصري.

أرجعت فيتش توقعاتها لانحسار مخاطر التمويل الخارجي في مصر  إلى عدة عوامل، أهمها صفقة رأس الحكمة التي تؤمن قرابة 24 مليار دولار من تدفقات النقد الأجنبي خلال العام المالي الحالي، مشيرة إلى أن نصف تدفقات رأس الحكمة ستخصص لصالح وزارة المالية، الأمر الذي سيسهم في الحد من إصدارات أدوات الدين، فضلا عن أن الصفقة ستسهم في خفض الدين الخارجي لمصر، كونها تشمل تحويل جزءا من ودائع الإمارات لدى البنك المركزي بقيمة 11 مليار دولار، إلى استثمارات بالعملة المحلية. 

مرونة سعر الصرف

اعتبرت فيتش تحرك مصر لاعتماد سعر صرف مرن وتشديد السياسة النقدية برفع أسعار الفائدة منذ بداية العام بواقع 800 نقطة أساس، عاملا حاسما في فتح الباب أمام تمويلات المؤسسات المالية الدولية وتدفقات الاستثمار الأجنبي غير المباشر وكذلك تحويلات المصريين بالخارج، مشيرة إلى أنها تتوقع في هذا الإطار زيادة قدرها 16.2 مليار دولار في اجمالي احتياطيات الدولة من النقد الأجنبي بنهاية العام المالي الحالي.

يأتي هذا بعد أن خفضت فيتش في نوفمبر 2023، التصنيف الائتماني لمصر بالعملة الأجنبية إلى مستوى "B –" من مستوى "B" مع نظرة مستقبلية مستقرة، ولم تكن فيتش وحدها التي غيرت نظرتها لمصر خلال الشهرين الماضيين، إذ عاد بنك الاستثمار الأمريكي جيه بي مورجان للاستثمار في سوق الدين المصرية بعد قرابة عامين من العزوف، وقال في مارس الماضي إن مصر حاليا تتمتع بكافة العوامل المحفزة للاستثمار في أدوات الدين.

وخلال الأسبوع الحالي توقعت مذكرة حديثة لـ"جيه بي مورجان" ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي في مصر بأكثر من 16 مليار دولار خلال العام المالي المقبل، ما يشير إلى استمرار تحسن آفاق الاقتصاد على المدى القريب والمتوسط، فيما يرى البنك الشهير أن هذا الرقم مرشح لزيادة متواضعة لا تتجاوز الـ2.6 مليار دولار في العام المالي 2025/2026.

وتوقع جيه بي مورجان أن يصل صافي تدفقات استثمارات المحافظ الأجنبية إلى 8.1 مليار دولار خلال العام المالي المقبل، كنتيجة لسعر الصرف المرن، وعلى صعيد معدلات الدين العام يرجح أن تنخفض إلى 85% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2025/2026 المتوقع أن يتشهد نموا للاقتصاد بقرابة 4.3%. 

مبنى البنك المركزي

 

تراجع المخاطر

رأى الخبير الاقتصادي، عادل عامر، أن قرار التعويم ساهم في استقرار أسعار الصرف والقضاء على ظاهرة تعددها التي سادات طوال العامين الماضيين مع نشاط تعاملات السوق الموازية للعملة، مشيرا إلى أن هذا الاستقرار سيسهم في تحفيز تدفقات الاستثمار الأجنبي وعودة تحويلات المصريين بالخارج الأمر الذي سيصب في صالح تعزيز احتياطي النقد الاجنبي لدى البنك المركزي، على نحو يسهم في تعزيز مرونة الاقتصاد والحد من مخاطر التمويل ورفع القدرة على تحمل أعباء الديون. 

وأضاف أن تحسن نظرة فيتش لمصر ومن قبلها وكالة موديز يعكس نجاح مصر في خفض مخاطر التمويل الخارجي، وفي اتخاذ خطوات جادة على طريق الاصلاح الاقتصادي، بما فيها قرار التعويم وخطة التخارج من الأصول العامة، وتحجيم مستويات الدين العام عبر تنفيذ استراتيجية أكثر استهدافًا لوضع معدلات الدين في مسار نزولي، للوصول بها إلى أقل من 80% بحلول يونيو 2027، فضلا عن إطالة عمر الدين، وترشيد الإنفاق الاستثماري العام، مع العمل المتواصل على زيادة الإيرادات العامة، وجذب المزيد من التدفقات الاستثمارية.

الدكتور عادل عامر 

وأشار عامر إلى أن مصر حققت مؤشرات إيجابية خلال الفترة من يوليو 2023 إلى مارس الماضي، إذ سجلت فائضا أوليا بقيمة 415 مليار جنيه، بمعدل 2.9٪ من الناتج المحلى الإجمالي، فيما ارتفعت الإيرادات العامة للدولة بأكثر من 57% على أساس سنوي.

وخلال مارس الماضي، ارتفع صافي احتياطيات النقد الأجنبي لدى المركزي إلى نحو 40.4 مليار دولار من مستوى 35.31 مليار دولار، المسجل بنهاية فبراير ومن 35.2 مليار دولار في ديسمبر 2023، فيما تشير توقعات معهد التمويل الدولي وبنك جولدمان ساكس الصادرة في مارس الماضي إلى أن هذا الرقم مرشح لتجاوز سقف الـ50 مليار دولار بنهاية هذا العام.

ويتوقع جولدمان ساكس استمرار تحسن احتياطي النقد الأجنبي في مصر خلال السنوات المقبلة ليصل إلى 61 مليار دولار بحلول 2027، يشار إلى أن البنك الأمريكي الشهير كان في يناير الماضي يتوقع وصول الفجوة التمويلية لمصر خلال الأعوام الـ4 المقبلة، إلى 25 مليار دولار.

search