السبت، 23 نوفمبر 2024

12:41 ص

لماذا نحن للماضي حتى لو كان مرا؟

الأفلام الكلاسيكية تثير الحنين للماضي

الأفلام الكلاسيكية تثير الحنين للماضي

خاطر عبادة

A A

الحنين هو شوق حزين للماضي وشعور جربه الجميع، في وقت أو آخر.

نشعر بذلك عندما يتم تشغيل أغنية قديمة على الراديو، أو عندما نتصفح الصور القديمة، أو عندما نعود لزيارة أماكن الطفولة.

وفي تقرير لموقع الجارديان البريطانية، بعنوان "لماذا نحتاج للحنين؟، قالت إن للحنين فوائد نفسية كثيرة ويربطنا بهويتنا ويعزز الإدراك والتأمل.

نظرة للماضي بلون وردي

عندما يتعلق الأمر بالحنين، يراودنا دائما هذا السؤال، لماذا نحن للماضي حتى لو كان مرا؟، الجانب النفسي الذي يغلب على الحنين هو النظر إلى الماضي بنظارات وردية، هذا التحيز المعرفي يجعلنا نتذكر الأحداث الماضية باعتزاز وإيجابية أكثر مما كانت عليه في الواقع، إنه مثل ارتداء نظارات وردية اللون عندما ننظر إلى ماضينا.

وهذا التحيز يجعلنا نتذكر "الأيام الخوالي"، حتى لو كانت تلك الأيام قد نالت نصيبها العادل من المشاكل. 

وقد لوحظت هذه الظاهرة في دراسات مختلفة، في كثير من الحالات، يتذكر الناس تجارب الطفولة، والعلاقات القديمة باعتبارها أكثر متعة وأقل إشكالية مما كانت عليه في الواقع.

في الدماغ، تتضمن هذه العملية استرجاعًا انتقائيًا للذاكرة، وهي آلية رائعة حيث يمكن الوصول إلى الذكريات الإيجابية بسهولة أكبر من الذكريات السلبية. 

يساهم هذا التحيز الإيجابي في الاستدعاء بشكل كبير في مشاعر الحنين. 

وتساعدنا هذه النظرة الوردية للتاريخ على التغلب على تحديات الحاضر، وتوفر لنا الراحة، بل وتعزز توقعاتنا للمستقبل.

نحن لا نشتاق إلى ماضينا فقط، بل نتذكر نسخة رومانسية من ماضينا أو من منظور عاطفي فقط، وهناك سبب يجعل ذكرياتنا أكثر روعة بمرور الوقت، وهو السبب وراء ميل الأجزاء السلبية إلى التلاشي بشكل أسرع. 

وعادة ما يعتبر الحنين تجربة عاطفية متناقضة، حتى مع الذكريات السعيدة، يمكن أن يكون الحنين حلوًا ومرا، وبينما تشعر بالراحة والدفء تجاه الذكرى نفسها، فقد تشعر أيضًا بالحزن لأن تلك التجربة قد انتهت.

سفر عبر الزمن وسير إلى الذكريات 

ويشير العلماء إلى أنه أثناء انجذاب الناس تجاه الحنين إلى الماضي، يشعرون بإحساس بالدفء والولع والانتماء، بل ويختبرون نوعًا من السفر العقلي عبر الزمن للبحث عن الحنين.

الحنين يزداد وقت الأزمات 

ووفقا للتقرير، أن الأفلام والموسيقى تثير الحنين بسهولة، وكثيرا ما تنشط تجارب الحنين وتكون مريحة بشكل أكثر في الأوقات العصيبة، سواء كانت شخصية أو مجتمعية.

ويؤكد العلماء أن مواد وسائل الإعلام المألوفة من ماضينا تجلب لنا الراحة العاطفية.

 نظرًا لأن الحنين يمكن أن يساعدنا على الشعور بالتحسن، وتوفر وسائل الإعلام مصدرًا قويًا للحنين إلى الماضي، فإن استهلاك الوسائط المحفزة للحنين إلى الماضي يزداد في أوقات الأزمات.

لكن الحنين لا يخدش رغبتنا في الشعور بالدفء والراحة فحسب، بل يساعدنا أيضًا على معالجة وضعنا الحالي.

وفي أوقات الشدائد يزداد الحنين لأن تذكر هويتنا يساعد في استمرارية هويتنا.

هناك حاجة أخرى يساعدنا الحنين على تلبيتها وهي التواصل الاجتماعي. 

قد يبدو هذا غير بديهي لأن الحنين عادة ما يتضمن تفكيرًا خاصًا في تاريخنا الشخصي، لكن ذكريات الحنين تذكرنا بعلاقاتنا مع الآخرين.

فك شفرة الحنين 

وجدت الأبحاث أن الحنين يمكن أن يزيد من إحساسنا بالرفاهية، ويعزز الإلهام والإبداع، ويجعلنا نشعر بمزيد من الشباب واليقظة والتفاؤل والحيوية، بل ويشجعنا على تحمل المخاطر والسعي لتحقيق أهدافنا.

وجد الباحثون أن الحنين يقلل من إدراكنا للألم، وأن مناطق الدماغ النشطة أثناء تجارب الحنين إلى الماضي هي تلك المرتبطة بالتأمل الذاتي، وذاكرة السيرة الذاتية، والتنظيم العاطفي، ومعالجة المكافآت. 

وبشكل عام، يعد الحنين عنصرًا صحيًا، بل وحيويًا، في التجربة الإنسانية، ويساعد في جوهره في إرشادنا إلى ذواتنا الحقيقية، ويذكرنا بمن كان من المفترض أن نكون دائمًا. 

search