الجمعة، 22 نوفمبر 2024

01:36 م

"القروض الدوارة" تحكم علاقة مصر وصندوق النقد.. من المستفيد؟

لقاء سابق بين مسؤوولي صندوق النقد ووزير المالية

لقاء سابق بين مسؤوولي صندوق النقد ووزير المالية

ولاء عدلان

A A

وافق صندوق النقد الدولي في مارس الماضي على رفع قيمة القرض الممنوح لمصر من 3 إلى 8 مليارات دولار، تحت عنوان عريض هو “دعم الاقتصاد المصري” وتعزيز مرونته في مواجهة الصدامات، لا سيما مع تضرره من تداعيات حرب غزة وتوترات البحر الأحمر، لكن إلى أي مدى التزم الصندوق بالتمويل الحقيقي؟.

قال كبير الاقتصاديين ومحللي استراتيجيات السوق لدى شركة كايرو كابيتال سيكيورتيز، هاني جنينة، إن صندوق النقد عندما وافق على تمديد ورفع قيمة القرض الممنوح للقاهرة، منح الاقتصاد المصري شهادة ثقة دولية أكثر من كونه قدم تمويلا ماليا فعليا.

عبء صندوق النقد

وأضاف جنينة أن مصر خلال العام الحالي ستسدد للصندوق أكثر من 4 مليارات دولار، هي عبارة عن أقساط تتعلق بقروضها السابقة التي حصلت عليها خلال الفترة من 2016 إلى 2022، وخلال العام المقبل أيضا ستكون ملتزمة بسداد قرابة 5 مليارات دولار، أي أنها ستدفع خلال العام الحالي تحديدا رقما يتجاوز قيمة الشرائح التي حصلت ويتوقع حصولها عليها من الصندوق حتى ديسمبر المقبل. 

تابع أن الصندوق تعهد في مارس الماضي برفع برنامج قرض مصر إلى 8 مليارات دولار، فضلا عن قرابة 1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة التابعة لصندوق النقد، أي أن مصر ستحصل على رقم بنحو 9.2 مليار دولار على شرائح حتى العام 2026، بينما ستسدد للصندوق أقساط ديون بأكثر من 9 مليارات دولار خلال عامين فقط هما 2024 و2025.

 شدد على أن الصندوق وفق الاتفاق الجديد، سيساعد مصر فقط على تحمل العبء الناجم عن “قروضه نفسه” وليس شيئا أخر، ما يعني أن الاتفاق مجرد صك ثقة يؤكد قدرة الدولة على المضي قدما في برنامج الإصلاح الاقتصادي. 

حصة مصر المحتملة من الرسوم الإضافية على قروض صندوق النقد خلال الـ5 سنوات المقبلة
 

أقساط صندوق النقد 

خلال الشهر الحالي، ستسدد مصر لصندوق النقد أقساطا تتعلق بإجمالي مديونيتها لديه بقرابة 845.3 مليون دولار، ليرتفع إجمالي ما سددته منذ بداية العام إلى نحو 2.5 مليار دولار من إجمالي 6.7 مليار دولار يتعين عليها سدادها خلال 2024، أي أنها ستسدد حتى ديسمبر المقبل مبلغ بحدود 4.2 مليار دولار، فيما تلتزم بسداد نحو 5.3 مليار دولار خلال العام المقبل 2025، وقرابة 2.7 مليار دولار في العام 2026.

التزامات مصر تجاه صندوق النقد الدولي في مقابل التدفقات الدولارية من الصندوق

لكن ماذا تسلمت مصر من شرائح قرض الصندوق؟، وفقا لتصريح سابق لرئيسة بعثة مصر لدى صندوق النقد، إيفانا فلادكوفا هولار، مصر ستتسلم خلال العام الحالي على 4.14 مليار دولار من الصندوق حال إتمامها المراجعات المتعلقة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي في مواعيدها المجدولة سلفا، ويتضمن هذا المبلغ شريحة من صندوق الاستدامة بقرابة 1.2 مليار دولار. 

خلال أبريل الماضي، حصلت مصر على شريحة من قرض الصندوق بـ820 مليون دولار، وتتوقع خلال يونيو المقبل الحصول على شريحة أخرى بـ1.65 مليار دولار مع إتمام المراجعة الثالثة لبرنامج التسهيل الائتماني الممنوح لها، ليرتفع إجمالي ما حصلت عليه خلال الفترة (مارس-يونيو 2024) إلى نحو 2.47 مليار دولار. 

شروط الصندوق

أوضح الخبير الاقتصادي رشاد عبده، أن صندوق النقد يعمل بنظام القروض الدوارة، وبالتالي يشترط على الدول المقترضة وضع برنامج للإصلاح الاقتصادي تلتزم به طوال مدة التمويل الممنوح لضمان استرداد أمواله لإقراضها لدول أخرى وهكذا، لذا يربط الصندوق اتفاقاته مع الدول المقترضة بشروط قاسية كإلغاء الدعم الحكومي أو خفض قيمة العملة.

نهاية أبريل الماضي، قال الصندوق في تقرير الخبراء الخاص بأول مراجعتين من برنامج التسهيل الائتماني لمصر، إن هناك مجموعة من الإصلاحات الهيكلية التي لا يزال يتعين على القاهرة إنجازها خلال الفترة المقبلة في ضوء البرنامج المتفق عليه والذي حصلت بموجبه على دعمه، موضحا أن الحكومة المصرية استوفت 7 إصلاحات هيكلية هامة خلال الفترة الماضية من أصل 15 إصلاحا تعهدته بهم. 

أشار إلى أن إتمام المراجعات المقبلة يرمي لمتابعة برنامج الإصلاح المتفق عليه والتأكد من استيفاء الإصلاحات الهيكلية المطلوبة، وأبرزها نشر دوري لأحدث 3 تقارير سنوية من الجهاز المركزي للمحاسبات، ونشر شهري لجميع عقود المشتريات العامة التي تزيد قيمتها عن 20 مليون دولار على بوابة المناقصات الحكومية الإلكترونية، بما يضمن للجميع الاطلاع عليها، واستمرار تطبيق مؤشر أسعار الوقود بالتجزئة.

ورغم تركيز الصندوق على الإصلاحات الاقتصادية في مصر منذ العام 2016 (العام الذي شهد اتفاقه مع القاهرة على برنامج للإصلاح بعد سنوات من اقتصار التعاون على المشاورات الفنية منذ 1998)، إلا أن مصر تعد حاليا ثاني أكبر البلدان مديونية لصندوق النقد بقرابة 15 مليار دولار، وخلال الفترة من 2016 إلى يونيو 2023 قفز إجمالي ديونها الخارجية أكثر من 195%. 

ووفق تصريحات سابقة لوزير المالية محمد معيط، تسعى مصر لخفض معدل الدين للناتج الإجمالي المحلي إلى أقل من 80% خلال السنوات الثلاث المقبلة، وسط تقديرات لوصوله خلال العام المالي الحالي إلى 92% ليتراجع إلى 87% خلال موازنة العام المالي المقبل، وذلك انخفاضا من مستوى 96% المسجل خلال العام 2022-2023.

search