الخميس، 17 أكتوبر 2024

10:20 م

ملاذ لا يطاله القانون.. لماذا لجأت شركات مصرية إلى الأوفشور؟

شركات الافشور

شركات الافشور

ولاء عدلان

A A

كشفت شركة القلعة للاستشارات المالية، نهاية الأسبوع الماضي، عن خطة لإعادة هيكلة اللاعب الأساسي فيها "أوفشور"، وهي شركة جرى تأسيسها خارج مصر.

هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ شركات مصرية لهذه الاستراتيجية، سواء بهدف إعادة الهيكلة أو نقل ملكيتها للخارج، فماذا يقصد بشركات الأوفشور، ولماذا تلجأ إليها الشركات؟.

شركات الأوفشور “offshore” هي شركات يؤسسها أصحاب الأعمال خارج حدود الدولة التي يمارسون فيها نشاطهم الأصلي، وقد تؤسس في المراكز المالية الشهيرة كلندن ونيويورك أو فيما يعرف بالملاذات الضريبية (دول وأقاليم تمنح إعفاءات ضريبية واسعة أحيانا تصل إلى 100% كما تتمتع بمستويات عالية من السرية المصرفية)، لذا أحيانا تؤسس لأغراض غير قانونية كالتهرب الضريبي، وفقا للخبير الاقتصادي الدكتور بلال شعيب. 

ظاهرة شركات الأفشور

قالت شركة القلعة، في بيان لإدارة البورصة، إنها تلقت عرضا من شركة القلعة هولدنج ريستركتشرينج "QHRI" لشراء المديونية المستحقة عليها بموجب عقد قرض مشترك بـ325 مليون دولار بين "القلعة" ومجموعة من البنوك والمؤسسات المالية، مشيرة إلى أنها أسستQHRI (شركة أفشور) في جزر العذراء البريطانية لهذا الغرض تحديدا، وذلك عن طريق مساهمين يمتلكون نحو 23.4% من شركة القلعة الأم.

بحسب مدير مركز رؤية للدراسات الاقتصادية، بلال شعيب، شركة القلعة ليست الحالة الأولى في السوق المصرية، فخلال العام 2022 أثارت خطة إعادة هيكلة شركة "النساجون الشرقيون" جدلا بعد بين ياسمين وفريدة محمد فريد خميس، كامل حصتيهما إلى شركة استثمار بريطانية أسستاها في العام 2018.

تحرك ورثيتا مؤسس "النساجون الشرقيون" متعدد الدوافع، حسب شعيب، فمن جهة يعد إجراء تحوطيا ضد عدم استقرار أسعار الصرف في الفترة المشار إليها، إذ يضمن إتمام الصفقة في الخارج تقييما عادلا للشركة بالدولار وليس بالجنيه، ومن جهة أخرى هذا الإجراء يجعل حصتهما خاضعة للقوانين الدولية ما يمنحهما حرية أكبر في التصرف فيها لاحقا. 

لوجو شركة القلعة 

أضاف شعيب أن بعض الشركات خلال السنوات القليلة الماضية لجأت إلى تأسيس مقرات خارج مصر سواء في الدول الأوروبية أو دول الخليج نتيجة لعدة أسباب، أبرزها مخاوف بعض الشركات من المنافسة غير العادلة مع شركات القطاع العام والرغبة في الاستفادة من المميزات الضريبية والقانونية التي توفرها بعض الأسواق الخارجية، فضلا عن صعوبة التخارج من السوق المصرية نتيجة لظاهرة تعدد أسعار الصرف التي اختفت اعتبارا من مارس الماضي مع صدور قرار تحرير سعر الصرف.

قبل النساجون الشرقيون والقلعة، كان هناك نموذج أخر شهير للشركات التي تؤسس مقرات خارجية بهدف حماية أصولها أو إعادة الهيكلة، هي شركة “دومتي”، التي أعلنت في يوليو 2022 تلقيها لعرض استحواذ من شركة Expedition Investment، التي تتخذ من موريشيوس مقرا لها ويضم هيكل ملكيتها مؤسس دومتي عمر الدماطي ونجله، وكان هذا العرض مجرد جزء من خطة إعادة هيكلة تسمح لعائلة الدماطي والأطراف المرتبطة بها برفع حصتهم في الشركة إلى 90% من 56%. 

ياسمين وفريدة محمد فريد خميس، مالكتا "النساجون الشرقيون"


انحسار الظاهرة 

وتوقع الخبير الاقتصادي انحسار ظاهرة تأسيس الشركات المصرية شركات “الأوفشور” كنتيجة طبيعية للإصلاحات الهيكلية التي اتخذتها الدولة خلال الفترة الأخيرة وتحديدا إطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة نهاية 2022 بهدف تخارج الدولة من قطاعات عدة لصالح القطاع الخاص، وكذلك قرار تحرير سعر الصرف الصادر في مارس الماضي الذي أدى إلى توحيد أسعار الصرف بعد أن شهدت تقلبات حادة خلال العامين الماضيين في ظل نشاط تعاملات السوق الموازية الأمر الذي قوض جاذبية الاستثمار داخل مصر طوال الفترة الماضية.

من المتوقع أن ترتفع ثقة الشركات المحلية في الاقتصاد تدريجيا مدفوعة بالأثر الإيجابي لقرار التعويم وتحسن مؤشرات الاقتصاد خلال الفترة المقبلة، يقول الخبير.

وترى عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة الأسبق، الدكتورة عالية المهدي، أن الوقت الحالي مناسب للغاية لكي تتخارج الدولة من كل قطاعات الاقتصاد الممكنة لصالح القطاع الخاص لزيادة نسبة مشاركته في الاقتصاد التي لا تتجاوز عتبة الـ30% حاليا، موضحة أن شركات القطاع الخاص واجهت خلال السنوات القليلة الماضية العديد من التحديات، لذا دورها وثقتها تراجعا كثيرا في الاقتصاد.

قبل أيام كشفت بيانات مؤشر مديري المشتريات PMI في مصر، الصادر عن مؤسسة ستاندرد آند بورز، أن ثقة شركات القطاع الخاص غير النفطي في الاقتصاد ارتفعت خلال أبريل الماضي إلى أعلى مستوياتها منذ 6 أشهر، رغم استمرار انكماش نشاط القطاع للشهر 41 على التوالي، وتراجعه إلى مستوى 47.4 نقطة من مستوى 47.6 نقطة المسجل خلال مارس الماضي.  

search