الأحد، 24 نوفمبر 2024

03:13 م

"مورد استثنائي" وراء تراجع عجز الموازنة العامة

علم مصر يجاوره صورة لحزمة من الدولارات ومؤشرات بيانية

علم مصر يجاوره صورة لحزمة من الدولارات ومؤشرات بيانية

ولاء عدلان

A A

أعلنت الحكومة، أمس، استلامها الدفعة الثانية من قيمة صفقة “رأس الحكمة”، وذلك قبل أقل من 60 يومًا على نهاية العام المالي الحالي في يونيو المقبل، وسط توقعات بأن تنعكس هذه التدفقات المالية إيجابًا على الموازنة العامة للدولة.

آثار إيجابية

قال الباحث الاقتصادي في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، محمد شادي، إن صفقة رأس الحكمة الموّقعة بين الحكومة وشركة القابضة الإماراتية في فبراير الماضي، جاءت بحجم كبير لم يكن متوقعًا (35 مليار دولار)، لذا تعدّدت آثارها الإيجابية بما في ذلك استعادة ثقة المؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري، وتعزيز احتياطي النقد الأجنبي للدولة، ما ساهم في حسم قرار تحرير سعر الصرف في مارس الماضي، وأيضًا في الوصول لاتفاق مع صندوق النقد الدولي لزيادة قيمة القرض المتفق عليه نهاية 2022 من 3 إلى 8 مليارات دولار.

تراجع عجز الموازنة

شادي أوضح أن أموال تلك الصفقة ساهمت أيضًا في تحسين مؤشرات التضخم وحل أزمة الشحنات المتكدسة بالموانئ، كما انعكست إيجابًا على الفجوة التمويلية بالموازنة العامة للدولة، متوقعًا أن تشهد مؤشرات الاقتصاد الكلي لمصر بما فيها عجز الموازنة تحسنًا خلال الفترة المقبلة (بعد زوال أثر صفقة رأس الحكمة)، نتيجة لعدة عوامل أبرزها نجاح مصر خلال الفترة الماضية في التوصل مع الشركاء الدوليين لاتفاقيات تمويل ومساعدات تتجاوز قيمتها الـ50 مليار دولار، فضلًا عن مواصلة تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية.
من جانبه، أشار مساعد رئيس حزب العدل للشؤون الاقتصادية، حسام عيد، إلى أن صفقة رأس الحكمة تعد أكبر صفقة استثمار أجنبي مباشر في تاريخ الدولة وبالتبعية تدفقاتها المالية وتحديدا السيولة المباشرة الناجمة عنها وهي بقيمة 24 مليار دولار، ستنعكس إيجابًا على أداء الموازنة العامة للدولة، إذ تسجّل تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة ضمن الإيرادات غير الضريبية. 
وأضاف أن الحكومة المصرية سبق أن أعلنت عزمها تخصيص 12 مليار دولار من أموال "رأس الحكمة" لصالح موازنة العام المالي الحالي، الأمر الذي سيترجم إلى زيادة في الإيرادات بالقدر نفسه وانخفاضًا في العجز الكلي للموازنة وارتفاعًا في الفائض الأولي للموازنة (الفارق بين إيرادات الدولة ومصروفاتها دون احتساب أعباء الديون).

خفض الدين الخارجي

ووفق حسام عيد فإن أموال الصفقة غير المباشرة وهي عبارة عن ودائع لدولة الإمارات لدى البنك المركزي بقيمة 11 مليار دولار، ستسهم في خفض الدين الخارجي بموازنة العام المالي الحالي، إذ يتضمن الاتفاق مع "القابضة" تحويل هذه الودائع إلى استثمارات بالجنيه، ما يعني ضمنيًا شطبها من خانة الدين الخارجي.

مراسم توقيع صفقة “رأس الحكمة” في 23 فبراير 2024

مزيد من الصفقات 

وشدّد على أن صفقة “رأس الحكمة” خلال العام المالي الحالي تعد حدثًا استثنائيًا، مشيرًا إلى أن مصر بحاجة للمزيد من الصفقات المماثلة خلال الفترة المقبلة للحفاظ على مكتسبات المرحلة الراهنة، بما فيها خفض عجز الموازنة وتعزيز احتياطي النقد الأجنبي واستقرار اسعار الصرف. 
وأضاف أن جذب المزيد من صفقات الاستثمار الأجنبي المباشر يشكل ضرورة لتعزيز مرونة الاقتصاد والموازنة العامة في ضوء استمرار الضغوط الخارجية التي من شأنها التأثير سلبًا في إيرادات الدولة، وأبرز هذه الضغوط استمرار تداعيات حرب أوكرانيا وحرب غزة وتوترات البحر الأحمر التي تؤثر مباشرة في إيرادات قناة السويس وتدفعها للتراجع بنسبة 50%.

تحسين مؤشرات الاقتصاد

وقال رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، خلال اجتماع للحكومة، أمس، إن صفقة “رأس الحكمة” أسهمت في تعزيز الموارد الدولارية للدولة وتحسين مؤشرات الاقتصاد، لكن التحدي الأهم أمام الحكومة الآن هو الاستمرار في هذا النهج وإفساح المجال أمام القطاع الخاص.

وفي أبريل الماضي، قال وزير المالية، محمد معيط، إن العجز الكلي للموازنة من المتوقع أن يصل إلى 555 مليار جنيه أي نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام المالي الحالي، وذلك انخفاضًا من توقعات الحكومة السابقة عند 7.7% ومقابل عجز بـ7.3% مقدّر خلال العام المالي 2024/2025. 
كما أشار معيط خلال استعراض البيان المالي للموازنة العامة لسنة 2024/ 2025 أمام البرلمان، إلى أن الحكومة رفعت تقديراتها لتحقيق فائض أولي خلال العام الحالي إلى 5.75% (الأكبر في تاريخ الدولة) مقارنة بتوقعاتها السابقة عند 2.5%.

وأضاف أن الفائض الأولي سيصل خلال العام الحالي إلى نحو 805.1 مليار جنيه مقابل فائض بـ591.4 مليار جنيه متوّقع خلال العام المالي المقبل، نتيجة لإيرادات صفقة “رأس الحكمة” التي ستخصّص للموازنة هذا العام والتي تشكل موردًا استثنائيًا غير متكرر.

search