السبت، 05 أكتوبر 2024

05:37 م

محمود عبد العزيز.. 40 عامًا لنجاح “المزاجنجي”

محمود عبد العزيز

محمود عبد العزيز

مي فهمي

A A

ترك أثرًا إيجابيًا ومحبوبًا لدى قاعدة عريضة من البشر أو الجماهير،  ليس بالأمر السهل، يحتاج سنوات من الجهد والعمل خاصة إن كنت نجمًا وفنانًا تنتمي لواحدًا من الأوساط المهنية الصعبة والشاقة.

يتفاقم الأمر، إذا كان جيلك ملئ بـ"العتاولة" الثقال، معادلة حققها بحرفية النجم الكبير الراحل محمود عبد العزيز، ساحر القلوب ومبهر الأداء.

بنى الفنان محمود عبد العزيز، قاعدة جماهيرية واسعة في مصر والعالم العربي بأجمعه من محبين لأعماله المختلف والمميزة من خلال استخدامه لأدواته كممثل بحرفية، فهو عاشق للفن، يتوغل في وجدانه لدرجة أنك تشعر بتوحد تام مع ما يقدمه وقد ينسى المشاهد أنه "مجرد تمثيل".

رحل محمود عبد العزيز، تاركا ما يقرب من 100 عملاً فنيًا، تلون فيها كـ"الساحر"، بأشكال مختلفة محفورة في ذاكرة الجمهور، وستظل في تاريخ الفن العربي إلى الأبد، وخير دليل وتكريم على ما جناه في مشواره الفني الذي امتد لأكثر من 40 عامًا. 

 

النشأة

لم تكن حياة الفنان محمود عبد العزيز، قبل الشهرة تتمتع بالثراء، الذي يفتح له الأبواب المغلقة، لكن الدافع الوحيد له في بداياته كان حب الفن الذي جعله يحارب ويحاول ويستمر.

محمود عبد العزيز، ابن الورديان، الحي "العجيب"، ربما أصبح ينتج في كل قرن أو كل جيل نجم بشكل مختلف فمنه خرج "ويجز" محبوب الشباب الحالي.

ولد محمود عبد العزيز، في 4 يونيو 1946، بالإسكندرية، ينتمي لأسرة متوسطة الحال، بدأ دراسته في مدارس الحي ليتابعه تخصصه الجامعي في كلية الزراعية جامعة الإسكندرية، حصل على ماجستير في تربية النحل، وفي الجامعة لقى عبد العزيز، مبتغاه في مسرح الكلية، لتنطلق الخطوات الأولى لولادة نجم منن طراز مختلف.

بداية الانطلاق 

كان للمخرج نور الدمرداش فضلًا كبيرًا في بدايات مشوار محمود عبد العزيز الفنية، وذلك في سبعينات القرن الماضي، حين رشحه لدور في عمله الفني الأول وهو مسلسل "الدوامة"، مع الفنان القدير محمود ياسين والفنانة نيللى، لتتجه إليه أنظار المخرجين وقتها بحثاً وفضولاً عن هذا الوجه الجديد الملئ بالطاقة الفنية.

يُعد محمود عبدالعزيز من أبناء الجيل الثاني من الفن المصري، والتي بدأت في فترة السبعينيات من القرن الماضي، وقت ازدهار السينما المصرية، وأيضاً الوقت التي تجاوز فيه نجوم السينما "الرجال" مرحلة الشباب وهم جيل الخمسينيات أمثال الفنان رشدي أباظة وشكري سرحان وعمر الشريف، وأصبح هناك حاجة لفتى شاشة شاب جديد فخرج فيها محمود عبد العزيز ومحمود ياسين وحسين فهمي، فكانت المنافسة شديدة وصعبة خاصة في وجود نجوم آخرين أثبتوا مكانة واضحة واكتسحوا إيرادات السينما وقتها وبالطبع كان على رأسهم النجم عادل إمام.

وقدم عبد العزيز على مدار 6 سنوات في بداياته ما يقرب من  25 فيلمًا سينمائيًا مرتبطة بالشباب والرومانسية والحب والمغامرات.

التمرد على الوسامة

اعتمد محمود عبد العزيز، على وسامته والتي حصرها المخرجين فيها أثناء إنطلاقته الأولى، مثل أدواره في أفلام "الحفيد"، و"أقوى من الأيام" عام 1979.

مع نهاية السبعينيات وتمرس عبد العزيز في العمل الفني، قرر التمرد على الأدوار الهادئة لتبدأ فترة "العظمة" باللغة الدارجة في اختيار أدواره وأعماله وتقديم مجموعة من أفضل أعمال الفن المصري، وكانت البداية في عام 1982 من الرجل الذي تحطمت آماله في فيلم "العار"، والرجل المهزوم الواقع تحت سيطرة زوجته السابقة في فيلم "وكالة البلح"، وهي أدوار لم تلعب فيها الوسامة دورا بقدر ما لعبت قدراته التمثيلية.

ما بعد رأفت الهجان

إذا أرادنا  تقسيم رحلة محمود عبد العزيز الفنية، فستكون إلى جزئين وهما نجاحاته ما قبل شخصيته في مسلسل "رأفت الهجان" وما بعده، فححق “عبد العزيز” من خلال هذا العمل المميز، بصمة لا تمحى في ذاكرة وذهن المشاهد العربي من خلال تجسيده على مدار 3 أجزاء دور الجاسوس المصري في إسرائيل، فبسلاسة لا متناهية وقدرة فنية فائقة تجاوز “عبد العزيز” كل النجاحات بهذا العمل، ونجح في الاستحواذ على نسبة مشاهدة ضخمة، ليس فقط على مدار سنوات عرضه، لكنه مازال يحتل صدارة المشاهدة حتى الآن.

وجسد محمود عبد العزيز، خلال مسيرته الفنية العديد من الشخصيات البارزة في عدة أعمال فنية، منها شخصية الشيخ حسني، التي جسدها في فيلم الكيت كات، ومازالت عالقًا في أذهان الجمهور. 

حرية اختيار وإبداع مختلف

في التسعينيات كان حقق عبد العزيز مراده من شهرة وانتشار وأُثرًا كبيراً، واصبح له الحرية الأكبر في اختيار أعمال أكثر تميزاً واختلافاً ومعبرة عن الوقت من انفتاح وتخبط يسود الشارع وقتها، ومنها "خلطبيطة" 1994، وفيلم "البحر بيضحك ليه" 1995، وفيلم "القبطان" 1997.

ومع بداية الألفينيات اتجه عبد العزيز للأعمال التي يمكن أن يقال عليها "ذو طابع نخبوي" أو بعيدة عن الجمهور ولكن تحمل داخل طياتها فكرة وجرأة مختلفة منها  "سوق المتعة" عام 2000، وفيلم "الساحر" في 2001.

 وفي عام 2004، قرر عبد العزيز العودة للشاشة الصغيرة من خلال مسلسل "محمود المصري" كحلقة وصل تجدد اللقاء بينه وبين الجمهور من جديد.

واستمراراً لاختلافه عاد عبد العزيز لعشقه الأول للسينما في عام 2008 من خلال مشاركته في فيلم "ليلة البيبي دول" ، ثم قدم أحد أدواره الفارقة في العام التالي 2009 في فيلم "إبراهيم الأبيض" بشخصية "عبد الملك زرزور"، والتي كانت بمثابة مباراة اعتزال سينمائية مهيبة للنجم الكبير محمود عبدالعزيز، فهي آخر أدواره على الشاشة الكبيرة، دور يليق بإنهاء رحلة سينمائية طويلة لنجم يتفجر بالموهبة، قبل أن يركز جهوده على الدراما التلفزيونية، بتقديم 3 مسلسلات في 3 مواسم رمضانية "باب الخلق" 2012، و"جبل الحلال" 2014 و"رأس الغول" 2016.

الجوائز السينمائية

وحصل محمود عبد العزيز، على العديد من الجوائز السينمائية من مختلف المهرجانات الدولية والمحلية من أهمها؛ جائزة أحسن ممثل عن أفلام الكيت كات، لقبطان، والساحر  من مهرجان دمشق السينمائي الدولي، وجائزة أحسن ممثل عن فيلم سوق المتعة  من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وجائزة أحسن ممثل عن فيلم  الكيت كات  من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي، وجائزة أحسن ممثل عن في فيلم الليالي المقمرة.

الحياة العائلية 

وعلى الجانب العائلي في حياة محمود عبد العزيز، فقد تزوج مرتين، الأولى من السيدة جيلان زويد،  وأنجب منها ولدين، محمد وكريم، ورغم قصة الحب التي جمعت بينه وبين جيلان زويد، إلا أن الخلافات بينهما وصلت إلى الانفصال في عام 1998بعد 20 عاماً من الزواج، ليتزوج مرة ثانية من الإعلامية بوسي شلبي.

تنبؤات بالوفاة

وعاني النجم محمود عبد العزيز مع المرض، بعدما أصيب ببعض الأورام وسافر إلى فرنسا للعلاج وخضع إلى جلسات العلاج الكيماوي، ثم عاد إلى مصر، وأكدت الأشعة التي قام بها في مصر أن السرطان انتشر في جسده وانتقل إلى الرئة والعمود الفقري والكبد والمخ، توفي محمود عبدالعزيز يوم 12 نوفمبر من عام 2016 في القاهرة، عن عمر ناهز 70 عامًا.

وكشف الفنان يحيي الفخراني، في لقاء سابق له ببرنامج صاحبة السعادة، تفاصيل آخر مكالمة دارت بينه وبين الفنان محمود عبد العزيز، مشيرًا إلى أنه تنبأ بوفاته، وقال يحيي الفخراني “كلمت محمود عبد العزيز قبل ما يتوفى، وقالي أنا موجوع جدًا وقالي أنا عايز أموت مش عايز أبقى كويس، وقولتله متقولش كدا لازم تقاوم وأنا عارف أن دا كله خلاص ملهوش لازمة، وحسيت أنه هيتوفى”. 

الوصية الأخيرة

وعن وصيته الأخيرة كان كشف عنها الإعلامي محمود سعد، قائلاً، إن الراحل محمود عبد العزيز، وطلب رش على مقبرته في الإسكندرية ماء البحر.

وتوفى محمود عبدالعزيز، في 12 نوفمبر 2016 ، بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز 70 عاما، ودُفن بمقابر الورديان فى الإسكندرية.

search