الخميس، 21 نوفمبر 2024

08:47 م

مواطن يسأل الإفتاء: أذهب للحج أم أزوّج ابني؟

الحج أولى أم تزويج الابن؟

الحج أولى أم تزويج الابن؟

فادية البمبي

A A

تلقت دار الإفتاء سؤالاً يقول فيه صاحبه: لا يوجد ما يمنعني من أداء فريضة الحج، أمتلك مبلغًا من المال، غير أنه لا يكفي إلا لأحد أمرين: إما أن أؤدي به فريضة الحج هذا العام، وإما أن أدفعه في تكاليف زواج ابني، حتى يعفّ نفسه ويكمل نصف دينه، فأيهما أولي؟

أجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي: قال الله تعالى في كتابه الكريم "وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا"، فكان الحج عبادة واجبة حقًا لله تعالى على كل مستطيع.

ما هي الاستطاعة 

واوضحت دار الإفتاء بأنه قد أجمع العلماء على خمسة شروط يجب بها الحج؛ وهي: "الإسلام" و"البلوغ" و"العقل" و"الحرية" و"الاستطاعة"، ولم يعرف للعلماء في هذا خلاف.  

ويفسر الإمام الباجي المالكي الاستطاعة فيقول في "المنتقى شرح الموطأ": هي الاستطاعة على الوصول إلى البيت من غير خروج عن عادة، وذلك يختلف باختلاف أحوال الناس، فمن كانت عادته السفر ماشيًا واستطاع أن يتوصل إلى الحج بذلك لزمه الحج وإن لم يجد راحلة، ومن كانت عادته سؤال الناس وتكففهم وأمكنه التوصل به لزمه الحج وإن لم يجد زادًا، ومن كانت عادته الركوب والغنى عن الناس وتعذر عليه في التوصل إلى الحج أحدهما لم يلزمه الحج.

 دين في ذمته 

ولفتت الدار الي أنه متى توفر شرط الاستطاعة مع سائر شروط الوجوب فقد لزم المسلم البالغ العاقل الحر أن يؤدي حج فريضة الإسلام، وما لم يؤدِّ هذه الفريضة وهو متمكن من الأداء حتى فات موسم الحج تعلقت هذه الفريضة بذمته واستقرت فيها وصارت دينًا عليه، سواء ظلت الاستطاعة متوفرة له أم لا، ولا تبرأ ذمته أبدًا حتى يؤديها أو تؤدى عنه إذا عجز أو مات بأن يقتطع له من تركته ما يحج به عنه، كسائر الديون التي لا تسقط عنه مهما لم يستطع الوفاء بها بعد أن تعلقت بذمته، وهذا على الرغم من اختلاف العلماء في أن وجوب الحج على الفور أم على التراخي، فإنه بتركه الحج وهو متمكن من أدائه يستقر وجوبه في ذمته دينًا عليه.

ويلخص الإمام النووي مذاهب العلماء في الفور والتراخي؛ فيقول: فرع في مذاهب العلماء في كون الحج على الفور أو التراخي: 

قد ذكرنا أن مذهبنا أنه على التراخي، وبه قال الأوزاعي والثوري ومحمد بن الحسن، ونقله الماوردي عن ابن عباس وأنس وجابر وعطاء وطاوس رضي الله عنهم، وقال مالك وأبو يوسف: هو على الفور، وهو قول المزني كما سبق، وهو قول جمهور أصحاب أبي حنيفة، ولا نص لأبي حنيفة في ذلك.

 اجوزه أم احج 

وفي الختام اجابت الدار علي السؤال قائلة: يتبين أنه إذا كان هذا العام هو العام الذي تتمكن فيه لأول مرة من أداء فريضة الحج بما امتلكته من الأموال، فيجوز لك أن تنفق المال في زواج ابنك وفقًا لمذهب السادة الحنفية والشافعية. 

وذلك ما لم يدخل الوقت الذي يخرج فيه أهل بلدك التي تقيم فيها للحج، فإن دخل الوقت تعلق الحج بذمتك وحرم عليك تفويته بإنفاق المال في غيره مما لم يكن ضروريًّا لك ولمن يلزمك نفقتهم، ما لم يغلب على ظنك التمكن مرة ثانية من أداء الفريضة.

فإن غلب على ظنك التمكن جاز إنفاقه في تزويج ابنك، أما إذا كانت نفقة الابن لازمة عليك، وكان يتعذر تزويجه بغير مساعدتك المالية له، وبحيث تخشى عليه العنت والوقوع في المحرمات، فحينئذ لك أن تقدم التزويج على الحج بناء على مذهب الحنابلة، وإلا فإن لم تخش عليه العنت فالزواج حينئذ يكون مندوبًا والحج هو الفرض ويجب تقديمه.

search