السبت، 05 أكتوبر 2024

11:46 ص

حسين القاضي

حسين القاضي

A A

تقرير مؤشر الإفتاء عن مؤسسة "تكوين" (1)

تأسس (المؤشر العالمي للفتوى) عام 2018م، وهو تابع للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، واشترك في إعداده فريق كبير من الباحثين والمفكرين في التخصصات المختلفة، الفكرية والشرعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، وخبراء تحليل، لاستشراف الرؤية المستقبلية للتيارات الدينية واللادينية، ومحرك مؤشر الفتوى عبارة عن: بوابة رقمية إلكترونية يتم من خلالها رصد الفتاوى والتفاعلات على المستوى الديني آليًّا، وتحليلها بالاعتماد على خدمات التحول الرقمي، لاستخراج المؤشرات التي تفيد المعنيين وصُناع القرار، وكل ذلك تحت إشراف فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، والدكتور إبراهيم نجم، الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم، والباحث الدكتور طارق أبو هشيمة، مدير المؤشر.

قدَّم المؤشر العالمي للفتوى تقريرا تحت عنوان (إنشاء مركز تكوين، وردود الفعل حوله..الأهداف المعلنة والخفية، وسبل التصدي)، تناول المركز وأهدافه وردود الفعل الإيجابية والسلبية حوله، والمحاور التي استند إليها كل فريق في دعمه للمركز أو عدم دعمه له، والرد على ما يدعيه المركز وأعضاؤه من الناحية الشرعية، وما يجب على المؤسسات الدينية فعله تجاه تلك الكيانات، مع تقدير موقف من المؤشر العالمي للإفتاء حول المركز ومستقبله ورؤية دار الإفتاء المصرية، وموقف المؤسسات المعنية بالمواجهة الفكرية.

ذكر المؤشر أن عدد المعارضين لتكوين 70% في حين أن عدد المؤيدين 30%، وأن ذروة التفاعل مع المركز جاءت عقب إنشاء هشتاج إغلاق المركز، وأن أعلى منصات تفاعل تكوين على الترتيب، هي: يوتيوب -تيك توك -فيس بوك -إنستجرام – إكس، وأكثر الفيديوهات مشاهدة، فيديو الكاتب الدكتور سامح إسماعيل عن الخمر وعقوبة شاربه.

وأبرز الهاشتاجات تناولا: هشتاج إغلاق مركز تكوين، وهاشتاج أنا أدعم مركز تكوين، وأبرز محاور المعارضين لمركز تكوين، ثمثلت في: الخلفيات السابقة للمؤسسين، ونشر الإلحاد، والتشكيك في الثوابت الدينية، ومحاربة المؤسسة الدينية، وأبرز محاور المؤيدين للمركز تمثلت في: تعزيز قيم الحوار، وإرساء قيم العقل والتنوير، وقبول الآخر، ودعم الفكر المستنير.

وعن التسلسل لحجم وصول فعاليات مركز "تكوين" للجمهور المستهدف، أشار المؤشر إلى أن ذروة التفاعل مع منشورات المركز ووصولها للجمهور المستهدف كان في شهر مايو، عقب تدشين هاشتاج إغلاق مركز تكوين، في 7 مايو، وذلك عقب تداول صورا لمؤسسي المركز وبجوارهم خمور، وقد أثار الهاشتاج غضبا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي الذين طالبوا بالحذر من الأفكار التي يتبناها المركز، وأشارت بعض التعليقات أن جهود المركز تستهدف الأطفال والمراهقين لزرع أفكارهم السامة والمشككة للدين الإسلامي في عقولهم، وبلغ حجم وصول المنشورات إلى 30,000 خلال الشهر، وذلك بعد نشر العديد من الفيديوهات لعدد من الباحثين حول بعض الأفكار الدينية والفقهية مثل: هل الفتوحات الإسلامية احتلال أم غزو؟، ونشهر بعض الفيديوهات عن السنة النبوية.

وأهم ما أشار إليه المؤشر أن المؤيدين لمشروع تكوين وصل إلى 30 % وهو عدد كبير، يستلزم تقديم مشروع بديل من المؤسسة الدينية، بل يستلزم تقديم مشروعين بديلينِ: مشروع يقوم على نقد وتفنيد أفكار مركز تكوين، -وكذا التيارات الدينية المتطرفة، بالعلم والهدوء وإقامة الحجة، ورد المقال بالمقال، والدراسة بالدراسة، والفيديو بالفيديو، ولنا نموذج حي عقلاني، في كتاب (لماذا أنا ملحد)، للمرحوم إسماعيل أدهم، يدعو فيه إلى الإلحاد، فقام العالم الشيخ عبد المتعال الصعيدي بالرد عليه في كتاب: (لماذا أنا مسلم)، وقام المفكر محمد فريد وجدي، بالرد عليه في كتاب: (لماذا أنا مؤمن)، فردوا الفكرة بالفكرة، والكتاب بالكتاب، وليس بالمنع أو الإغلاق، ففي عصر السيولة المعلوماتية يستحيل المنع والإغلاق.

والمشروع الثاني: مشروع للبناء، بتقديم طرحٍ إسلاميٍ عقلانيٍ مستنير ٍمتطور، متسامحٍ، منفتحٍ على العالم، مدركٍ للعصر والواقع، قابلٍ للاختلاف، يُعمل أصولَ الصنعة العلمية في النص، فيُثبته إن كان صحيحا، ويرفضه إن كان غير صحيح، ويُعمل مقاصدَ الإسلام في النص، فيُخرج منه تدينًا حضاريًا نهضويًا مستنيرا حيًا، غير تقليدي، مناسبا للواقع والمكان والزمان، وحال المجتمع، مستجيبا لتطورات العصر، مستمَدا من الشرع وأخلاقياتهِ وقيمهِ وجمالِه ووسطيتِه.

إن هذا النسبة التي أشار إليها المؤشر العالمي للفتوى تستوجب تحركا كبيرا من الأزهر، وقد تحرك حتى الآن في اتجاهين:
الأول: إعلان هيئة كبار العلماء نشر مؤلَّفات علميَّة كتبها كبار العلماء من قبل، تفنِّد شبه المستشرقين حول القرآن الكريم والسنة النبويَّة، والتاريخ الإسلامي.

الثاني: ما قاله وكيل الأزهر  من أن قطاعات الأزهر المختلفة أعدت عدَّتها لبيان تهافت هذه الشُّبهات، في صورٍ مختلفةٍ: مكتوبةٍ ومصوَّرةٍ من خلال علماء وباحثين مدرَّبين على استيعاب الشُّبهات وتفنيدها، وبما يتناسب مع منهج الأزهر الشَّريف فكرًا بفكرٍ.

وفي المقال القادم نستعرض المقترحات والحلول التي عرضها مؤشر الفتوى.

search