الأحد، 07 يوليو 2024

03:12 ص

التحول إلى الدعم النقدي.. هل يشكل مخرجًا من الديون؟

بطاقة التموين

بطاقة التموين

ولاء عدلان

A A
سفاح التجمع

تدرس الحكومة تحويل الدعم التمويني العيني إلى دعم نقدي، في محاولة لاستعادة التوازن للاقتصاد المصري والحد من فاتورة الدعم المتصاعدة، ووفقًا لتقديرات وزارة المالية ستقفز الأخيرة خلال العام المالي المقبل قرابة 20% على أساس سنوي. 

وقال رئيس وحدة الاقتصاد بمركز الحبتور للأبحاث محمد شادي إن تحويل الدعم العيني إلى نقدي يشكل ضرورة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، كونه يهدر جزءًا كبيرًا من إيرادات الدولة، مشيرًا إلى أن جلسات الحوار الوطني سبق وأن تطرقت إلى هذا الملف لكنها لم تصل إلى نتيجة حاسمة نظرًا لكثرة الأصوات المعارضة للفكرة كونها تتعارض من سيكولوجية المواطن الذي قد يرى في هذا التوجه تخليًا عنه. 

حوكمة الدعم

وأوضح رئيس الوزراء مصطفى مدبولي خلال مؤتمر صحفي أمس، أن فاتورة الدعم ستصل خلال العام المالي الذي سيبدأ في يوليو المقبل إلى 636 مليار جنيه، ارتفاعا من 530 مليار جنيه في موازنة العام الحالي، وهذا يشير إلى أن الفاتورة آخذة في الزيادة ويجب إعادة النظر فيها لتصبح أكثر حوكمة.

وأشار إلى أن الدعم النقدي في اعتقاده سيشكل حلًا على المدى المتوسط يحافظ على منظومة الدعم قائمة وفي نفس الوقت تحصل الأسر المشمولة بالمنظومة على مبلغ محدد تنفقه وفقًا لأولوياتها. 
وقال مدبولي إن هذه الملف سيتم طرحه للنقاش المجتمعي خلال جلسات الحوار الوطني التي ستبدأ الأسبوع المقبل، مشددًا على أنه سيحدد نهاية 2024 كمهلة لقيام المشاركين في الحوار الوطني والخبراء الاقتصاديين لوضع تصور يفيد بما إذا كان الدعم النقدي هو النموذج الأفضل لمصر أم لا. 
فيما أوضح الدكتور محمد شادي أن الدعم التمويني العيني يكلف الدولة قرابة 30% إضافية على سعر السلعة الواحدة، فعلى سبيل المثال عند استيراد زيت لبيعه على بطاقات التموين تتحمل الدولة تكاليف الاستيراد والشحن والتخزين لدى تجار التجزئة الذين يقومون بتوزيعه للمواطنين وتقوم الحكومة بخصم هذه التكاليف من صافي الدعم الذي يحصل عليه المواطن وبالتالي لا يحصل على كامل قيمة الدعم بل على قرابة 60 أو 70% من المخصص له. 
ورأى أن التحول إلى دعم نقدي سيكون له مزايا عدة أبرزها الحد من أعباء الموازنة العامة للدولة لاسيما مع إخراج غير المستحقين من منظومة الدعم وإعادة هيكلتها لتكون أكثر استهدافًا للفئات الأكثر احتياجًا. 

وقدرت الحكومة دعم السلع التموينية في موازنة العام المالي المقبل بقرابة 135.2 مليار جنيه ودعم المواد البترولية بـ154.5 مليار جنيه، مقابل إيرادات متوقعة قيمة 2.6 تريليون جنيه وفوائد وأقساط ديون تلتزم الدولة بسدادها بقيمة 1.8 تريليون جنيه.

المعارضة الشعبية

وأشار شادي إلى أن المواطن العادي ربما يرفض في البداية فكرة الدعم النقدي إلا أنه مع الوقت سيتقبلها وسيجد أنها تحمل العديد من المزايا مقارنة بالدعم بصورته الحالية، القائمة على صرف سلع ومنتجات على بطاقة التموين.

وأضاف أن فكرة الدعم النقدي ليست جديدة ويمكن تطبيقها بأكثر من صورة على سبيل المثال بدلا من منح المواطنين الدعم على هيئة سيولة نقدية من الممكن إعطائهم نقاط على بطاقات التموين كما هو الحال في منظومة الخبز ومن خلال هذه النقاط يمكنهم شراء احتياجاتهم الشهرية من المجمعات الاستهلاكية أو حتى بعض المنافذ التجارية الأخرى التي يمكن لوزارة التموين التعاقد معها. 
وتابع أن هذه النقاط ستجعل المواطن أكثر حرية في إنفاق حصته من الدعم وفق احتياجاته فعلى سبيل المثال في موسم دخول المدارس قد تختار بعض الأسر استخدام النقاط لشراء مستلزمات المدارس وهكذا، وبالتالي سيسهم التحول إلى الدعم النقدي في وصوله إلى مستحقيه وإنفاقه في الضروريات وفق أولوياتهم فضلًا عن أنه سيسهم في الحد من التضخم إذ سيقلل الطلب على السلع الغذائية، وهي المساهم الرئيس في زيادة معدلات التضخم، نظرًا لوجود بعض الأسر التي ستفضل إنفاق جانب من نقاط الدعم على سلع أخرى. 
ووفقًا للمتحدث باسم مجلس الوزراء المستشار محمد الحمصاني، هناك مقترح بأن يحصل كل فرد مدرج على بطاقة التموين على 500 أو 1000 جنيه شهريا مع مراعاة زيادة المبلغ سنويًا مراعاة للتضخم.

دعم الخبز

وأشار رئيس الوزراء أمس إلى أن الحكومة لا تفكر في إلغاء دعم رغيف الخبز، ولكنه استدرك قائلًا يجب تحريك سعره بما يتناسب مع زيادة الأسعار، وفقًا لتصريح سابق لوزير المالية محمد معيط، رصدت موازنة العام المالي المقبل أكثر من 125 مليار جنيه لدعم الخبز وسط توقعات بتجاوز تكلفة إنتاج الرغيف الواحد حاجز 125 قرشًا. 
رأى محمد شادي أنه من غير المناسب تماما إلغاء دعم رغيف الخبز أو حتى تحريك سعره، معتبرًا أن هذا يمس بمصالح قطاع عريض من المواطنين يعتمد على الخبز كسلعة غذائية أساسية بشكل يومي. 
واتفق معه مساعد رئيس حزب العدل للشؤون الاقتصادية حسام عيد، موضحًا أن الخبز خاصة لا يجب المساس به بأي حال من الأحوال، خصوصًا وأن فاتورة دعمه لا تعد الأكبر بين مخصصات الدعم، مضيفًا أن منظومة الدعم بحاجة إلى إعادة هيكلة خلال الفترة المقبلة لتكون أكثر استهدافا للفئات المستحقة للدعم، وفي هذا الإطار يعد مقترح الدعم النقدي جيدًا للغاية ويصب في صالح تحقيق الانضباط المالي بالموازنة والقضاء على مظاهر الفساد التي تشوب تطبيق منظومة التموين. 
ورأى عيد أن منظومة الدعم النقدي ستحد من أعباء الموازنة وكذلك من الفجوة التمويلية ومستوى الديون موضحًا أن الدعم النقدي لا يعني أن الدولة سترفع يدها بل ستظل موجودة داخل السوق من خلال المجمعات الاستهلاكية والمبادرات المتعلقة بخفض الأسعار وبزيادة المعروض السلعي.  

علاقة صندوق النقد

من جانبه رأى الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الشافعي أن إلغاء الدعم العيني وتحويله إلى نقدي لا يعد خيارًا مناسبًا لمصر، إذا لا توجد جهات رقابية فعالة تحمي المواطن من جشع التجار والممارسات الاحتكارية التي ترفع الأسعار بصورة غير مبررة من وقت لآخر.
وأضاف أن التحول إلى الدعم النقدي يعني أن الدولة ستعالج على نفقة المواطن وليس العكس، فحتى إذا كان هناك بعض الهدر في بنود مخصصات الدعم وحتى إذا كانت الدولة ملزمة أمام صندوق النقد الدولي بإلغاء  الدعم، إلا أن هذا لا يجب أن يكون مبررًا لمثل هذا التوجه الذي من شأنه أن يترك المواطن فريسة سهلة للتجار وللأسعار التي تتجاوز القدرة المالية لقطاع عريض من المواطنين.
ونفى المتحدث الرسمي باسم الوزراء أمس وجود علاقة بين اتفاق الدولة مع صندوق النقد وخطط رفع الدعم على المواد البترولية والكهرباء خلال الفترة المقبلة مشيرًا إلى أن رفع الدعم يأتي من أجل إتمام الإصلاحات اللازمة للاقتصاد وتجنب الوقوع في أزمات مستقبلًا. 
يشار إلى أن صندوق النقد عندما وافق في مارس الماضي على رفع قيمة القرض الممنوح لمصر من 3 إلى 8 مليارات دولار قال إنه لا يزال من الضروري استبدال دعم الوقود غير المستهدف بالإنفاق الاجتماعي المستهدف، لافتا إلى أن دعم الوقود خلال العام المقبل سيتجاوز تقديرات الحكومة بـ216% ليصل إلى 334 مليار جنيه.

search