الخميس، 21 نوفمبر 2024

11:05 م

فاتورة باهظة ترهق الموازنة.. إلغاء دعم الوقود نهاية 2025

البنزين

البنزين

حسن راشد

A A

10 زيادات شهدتها أسعار المحروقات في مصر منذ عام 2014، بعضها تجاوز 50%، في إطار عمل الحكومة على إعادة منظومة الدعم، وعلى رأسها المنتجات البترولية والكهرباء، وتستهدف الدولة تنفيذ زيادات جديدة خلال الشهور المقبلة.

ويرجع سبب الزيادات المرتقبة لارتفاع النفط عالميًا، حيث تجاوز سعر البرميل حاجز 80 دولارًا بعدما كان 60 دولارًا، بحسب وزير المالية، محمد معيط، الذي أكد أن هذا الأمر يكلف الدولة مبلغًا هائلًا من العملة الأجنبية نظرًا لاستيراد جزء كبير من النفط، ما يضغط على الموازنة العامة، لتصبح تكلفة دعم المواد البترولية أكبر بكثير من الاعتمادات المخصصة لها، ما قد يضع البلاد أمام تحديات صعبة وخيارات قاسية للحفاظ على استقرار الأوضاع الاقتصادية والمالية.

ووضعت الحكومة خطة لإلغاء دعم منتجات البنزين بنهاية 2025، لتحقيق توازن الأسعار، بعدما نجحت في 2021 بإلغاء الدعم نهائيًا، مع استمرار دعم السولار وأنبوبة البوتاجاز، والمازوت لمخابز العيش البلدي، وفقًا لرئيس الوزراء، مصطفى مدبولي.

تحرير أسعار الوقود

في عام 2024، بدأت الحكومة خطة لتحرير أسعار الوقود، لتقليل الفاتورة التي تثقل كاهل الموازنة العامة للدولة، لتوفر 44 مليار جنيه، لتصل تكلفة دعم هذا القطاع إلى 100.3 مليار جنيه في العام المالي 2014 /2015.

وفي يوليو 2014، تم رفع أسعار المحروقات بشكل شامل بنسبة تصل لـ78%، للمرة الأولى منذ عام 2008، وطال الأمر “بنزين 80”، بعدما استقر أكثر من 22 عامًا، ليرتفع من 90 قرشًا إلى 1.60 جنيه، و"بنزين 92" من 1.85 لـ2.60 جنيه، و"بنزين 95" بـ6.25 من 2.75 جنيه، والسولار من 1.80 جنيه إلى 1.10 جنيه.

وفي نوفمبر 2016، بدأت الدولة تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي، ليستيقظ المواطنون في صباح الثالث من نوفمبر على قرار تحرير سعر صرف العملة “التعويم”، ليرتفع الدولار من 8.88 جنيه مع وضع سعر استرشادي عند 13 جنيهًا، ما يعني ارتفاع تكلفة الدعم، لذا صاحب الأمر تحريك لأسعار الوقود في اليوم التالي، ليرتفع “بنزين 80” إلى 2.35 جنيه للتر، و3.5 جنيه لـ"بنزين 92"، و2.35 جينه للسولار، وسعر غاز السيارات بـ1.6 جنيه للمتر المكعب، مع رفع سعر أنبوبة البوتاجاز إلى 15 جنيهًا.

الزيادة الثالثة كانت في 29 يوليو 2017، ليرتفع سعر "بنزين 80" إلى 3.65 جنيه للتر، و5 جنيهات لـ"بنزين 92"، والسولار إلى 3.65 جنيه، ومضاعفة سعر أسطوانة البوتاجاز إلى 30 جنيهًا، وارتفع المحروقات مجددًا في يونيو 2018، ليسجل “بنزين 80” نحو 5.5 جنيه للتر الواحد، و6.75 جنيه لـ"بنزين 92"، و7.75 جنيه لـ"بنزين 95"، كما زاد سعر أسطوانة البوتاجاز إلى 50 جنيهًا.

وفي يوليو 2019، ارتفع سعر لتر "بنزين 80" إلى 6.75 جنيه، و8 جنيهات لـ"بنزين 92"، و9 جنيهات لـ"بنزين 95"، ووصل لتر السولار إلى 6.75 جنيه، ووصلت أنبوبة البوتاجاز إلى 65 جنيهًا، وغاز السيارات إلى 3.5 جنيه للمتر المكعب.

لجنة تسعير البترول

وفي ديسمبر 2018، أصدر رئيس الوزراء، قرارًا بتشكيل لجنة باسم “لجنة متابعة آلية التسعير التلقائي للمواد البترولية”، تضم ممثلين عن كل من وزارتي “البترول والثروة المعدنية” و"المالية" والهيئة المصرية العامة، لمتابعة المعادلة السعرية بصورة ربع سنوية، لربط الأسعار بالسوق العالمية، مع مراعاة التكاليف الأخرى.

ومع تأسيس اللجنة، انتقلت أسعار المحروقات من الزيادة السنوية إلى متابعتها كل 3 أشهر، وعلى الرغم من أن القانون يلزم اللجنة بعدم خفض أو رفع الأسعار بأكثر من 10%، فإنه على مدار نحو 4 سنوات تم تجاوز النسبة أكثر من مرة، خلال 17 قرارًا اتخذتها اللجنة، من بينها 9 قرارات بالزيادة.

وكان أول قرار للجنة في أكتوبر 2019، بتثبيت سعر السولار، مع خفض البنزين بقيمة 25 قرشًا، إلى 6.50 جنيه لبنزين 80، و7.75 جنيه لبنزين 92، و8.75 جنيه لبنزين 95، وتراجع مرة أخرى بقيمة 25 قرشًا في أبريل 2020، ليسجل 6.25 جنيه لـ"بنزين 80"، و7.50 جنيه لـ"بنزين 92"، و8.50 جنيه لـ"بنزين 95".

واستمرت الأسعار من دون تغيير حتى أبريل 2021، الذي شهد زيادة البنزين بقيمة 25 قرشًا، وهو الأمر نفسه الذي تم تطبيقه خلال اجتماعات النصف الأخير من العام، ليسجل بنهايته نحو 7 جنيهات لـ"بنزين 80"، و8.25 جنيه لـ"بنزين 92"، و9.25 جنيه لـ"بنزين 95"، ولتر الغاز الطبيعي للسيارات بـ3.75 جنيه، مع إبقاء لتر السولار دون تغيير على مدار اجتماعات العام عند 6.75 جنيه، نتيجة ارتفاع أسعار النفط عالميًا إلى أعلى مستوياتها في 7 أعوام، لتتجاوز 86 دولارًا، مع خفض منظمة "أوبك +" للإنتاج بعدما اضطرت إلى بيعه بالسالب خلال فترة جائحة كورونا، بسبب توقف النشاط التجاري والإغلاق في دول العالم.

تحرير سعر الصرف

وفي 2022، تأثر العالم بتداعيات جائحة “كوفيد-19” والحرب الأوكرانية، ما أحدث صدمة في معدلات التبادل التجاري، ليضرب التضخم أقوى اقتصادات العالم، واصطدمت مصر بهروب نحو 22 مليار دولار أموال ساخنة لدى البنك المركزي، ما تسبّب في شح شديد في العملات الأجنبية، مع استمرار الإنفاق الضخم على المشروعات القومية، ودفع ذلك الحكومة لخفض قيمة العملة المحلية 4 مرات خلال نحو عامين، لتفقد أكثر من 192% من قيمتها، ارتفاعًا من مستويات 15.77 جنيه إلى نحو 48 جنيهًا في المتوسط.

وخلال اجتماعي فبراير وأبريل 2022، تم زيادة أسعار البنزين بقيمة 50 قرشًا لكل منهما، لتصل إلى 7.50 جنيه لـ"بنزين 80"، و8.75 جنيه لـ"بنزين 92"، و9.75 جنيه لـ"بنزين 95".

ورغم الزيادات السابقة، ارتفعت فاتورة دعم الوقود في الحساب الختامي لموازنة العام المالي 2021-2022 إلى 59.8 مليار جنيه، صعودًا من 18.9 مليار جنيه، خلال العام المالي 2020-2021.

وأمام هذه الأزمة، واصلت الحكومة رفع الوقود في يوليو 2022، بقيمة 50 قرشًا، إلى 8 جنيهات لبنزين 80، و9.25 جنيه لبنزين 92، و10.25 جنيه لـ"بنزين 95"، كما تم رفع السولار إلى 7.25 جنيه، للمرة الأولى بعدما استقر لمدة 36 شهرًا، ومع ذلك استمرت فاتورة دعم الوقود في وضع أعباء إضافية على موازنة الدولة لترتفع إلى 59.8 مليار جنيه في العام المالي 2021 /2022.

وفي مارس 2023، ظهر الجنيه للمرة الأولى في قرارات لجنة التسعير، حيث ارتفع كل من “بنزين 92 و95” إلى 10.25 و11.25 جنيه، على التوالي، بينما زاد “بنزين 80” بـ0.75 جنيه ليسجل 8.75 جنيه للتر، مع إبقاء السولار من دون تغيير، لكنه زاد جنيهًا في مايو 2023، ليصل إلى 8.25 جنيه، مع إبقاء البنزين بأنواعه الثلاثة دون تغيير.

وفي نوفمبر 2023، ارتفع “بنزين 80 و92” بقيمة 1.25 جنيه، إلى 10 و11.50 جنيه، على التوالي، وزاد “بنزين 95” جنيهًا ليسجل 12.25 جنيه، وفي مارس 2023، ارتفع أسعار البنزين جنيهًا، إلى 11 جنيهًا لبنزين 80، و"بنزين 92" بـ12.5 جنيه، و"بنزين 95" بـ13.5 جينه، مع زيادة السولار 1.5 جنيه إلى 9.75 جنيه.

ورغم أن هذه الزيادات أوجعت المواطن فإنها حمّلت موازنة الدولة أعباءً أكبر، بسبب تراجع قيمة العملة المحلية وارتفاع النفط عالميًا، حيث وصلت تكلفة دعم الوقود في العام المالي 2022 /2023 إلى 58 مليار جنيه، بزيادة 28 مليار جنيه عن المستهدف.

وتتوّقع الحكومة وصول فاتورة دعم الوقود خلال العام الجاري 2023 /2024 إلى 125.4 مليار جنيه، بينما يقدّر صندوق النقد الدولي قيمتها بـ254 مليار جنيه، مرجحًا أن يرتفع الدعم في العام المقبل 2024 /2025 إلى 334 مليار جنيه، بزيادة 91.6% عن تقديرات الحكومة البالغة 154.5 مليار جنيه، ومع ذلك فإن هذه الزيادة غير حقيقة، حيث تتأثر بتراجع قيمة الجنيه.

لا مفر من الزيادة

ويقول نائب الهيئة المصرية العامة للبترول الأسبق، مدحت يوسف، أن برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد يهدف إلى إلغاء فكرة دعم السلع عمومًا، ومن ضمنها الوقود، موضحًا أن الوقود المصري (النفط والغاز) المباع محليًا يتضمن حصة الشريك الأجنبي ونفقات الاسترداد المسدّدة بالدولار، بجانب مشتريات النفط من الخارج (بوتاجاز وبنزين وسولار) للاستخدام المباشر.

ويؤكد يوسف في تصريح لـ"تليجراف مصر"، أن تركيبة المنتجات البترولية الحالية تتطلب تخفيض قيمة الدعم كمطلب أساسي للصندوق، ما يحتم زيادة أسعار جميع المنتجات البترولية لتقترب من التكلفة الفعلية ولتتماشى مع السوق العالمية.

search