الجمعة، 22 نوفمبر 2024

04:10 ص

مصر في "بريكس".. كيف تختفي ندوب الاقتصاد؟

صورة من قمة البريكس الـ15

صورة من قمة البريكس الـ15

ولاء عدلان

A A

عام جديد يستقبله المصريون بندوب عديدة في جسد اقتصادهم، أثقلت كاهلهم طوال العام الماضي، ذلك وسط آمال في أن تسهم عضوية بلادهم في مجموعة “بريكس”، في علاج هذه الندوب، أو على الأقل تخفيف آثارها تدريجيًا. 

اعتبارًا من اليوم، تفتح دول “بريكس”، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، أبوابها لأول مرة منذ 2010  لأعضاء جُدد، هم مصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات.

 يصف الخبير الاقتصادي ورئيس المركز المصري للدراسات الاقتصادية، رشاد عبده، انضمام مصر إلى المجموعة بأنه كنز عظيم يصُب في صالح تحريرها من هيمنة الدولار وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وذلك شرط الاستعداد الجيد لهذه الخطوة. 

التبعية الأمريكية

يتفق معه الخبير الاقتصادي عادل عامر، موضحًا في تصريح لـ“تليجراف مصر”، أن انضمام مصر لـ"بريكس" سيعود على الاقتصاد الوطني بالفائدة على عدة أصعدة أهمها الحد من هيمنة الدولار على المعاملات الخارجية للدولة، وتعزيز التبادل التجاري مع دول المجموعة لترتفع نسبته إلى أكثر من 50% من حجم تجارة مصر مع العالم، هذا فضلًا عن المساهمة في الحد من أزمة نقص الدولار، وتعزيز حركة السياحة الوافدة من دول المجموعة. 

يتابع أن توسع “بريكس”، التي انطلقت رسميًا عام 2009، يسمح للدول الأعضاء أن تجري تعاملاتها المالية والتجارية وفق سلة عملات وطنية، ما يخلصها رويدًا رويدًا من التبعية للدولار، وعلى المدى المتوسط والبعيد سيكون لذلك تأثير إيجابي على معدلات التضخم بدول المجموعة. 

“بريكس” وغيرها من التكتلات الاقتصادية تمثل مستقبل العلاقات الدولية خلال السنوات القليلة المقبلة، وسط زيادة رغبة الدول الناشئة في التحرر من التبعية الاقتصادية الدولية، وتحديدًا التبعية لأمريكا، صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، وصياغة مستقبلها على قاعدة المنفعة المتبادلة وتعزيز قدرتها على الدفاع عن مصالحها الاقتصادية، وفق الخبير الاقتصادي عادل عامر.

“بريكس والتضخم”

 يقول الخبير المصرفي وعضو الهيئة الاستشارية لمركز مصر للدراسات الاقتصادية، الدكتور أحمد شوقي، إن وجود مصر بين دول عملاقة مثل الصين وروسيا والهند، خطوة جيدة تسمح لها بالحصول على تمويلات أفضل من بنك التنمية التابع لـ"بريكس"، وجذب المزيد من الاستثمارات والتقدم باتجاه التحول الرقمي، خاصةً وأن بعض هذه الدول لديها تجارب ناجحة في إصدار وتداول العملات الرقمية الرسمية.

يضيف شوقي، أنه بالنظر إلى عجز موازنة المصرية للعام 2022-2023، سنجده سجّل نحو 30.18 مليار دولار، وفي المقابل بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر ودول “بريكس” قرابة 31.2 مليار دولار، التقارب بين الرقمين يوضح أهمية عضويتنا في “بريكس”، التي تقدم نفسها كصوت للجنوب العالمي. 

يستطرد، أن المقصود هنا ليس معالجة العجز بالطبع، إنما تخفيف الضغط على الدولار من خلال إتمام هذا الحجم من المعاملات التجارية بالعملات الوطنية  أو بالعملة الموحدة للتكتل التي لا تزال تحت الدراسة، ما يسمح بتراجع العجز تدريجيًا وتعزيز قيمة الجنيه مقابل الدولار عبر خفض الطلب على الأخير، بما ينعكس في نهاية المطاف على معدلات التضخم المرتفعة على المدى البعيد. 

على سبيل المثال، الصين هي أكبر شريك تجاري لمصر بقيمة تتجاوز 16.2 مليار دولار، بينها واردات 14.4 مليار دولار، هذا الرقم حال تم بالعملات الوطنية بين البلدين بالتبعية، سيحقق وفرًا دولاريًا لصالح بنود أخرى بعيدًا عن الواردات، وشيئًا فشيء سيتراجع العجز وتستقر قيمة الجنيه، وبالتبعية يتخذ التضخم مسارًا هابطًا ملموسًا، بحسب شوقي. 

رئيس الوزراء المصري خلال حضوره فاعليات قمة البريكس الـ 15

مردود بطيء

يرى الدكتور أحمد شوقي، أن المردود الاقتصادي لعضوية مصر بـ"بريكس" لن يكون سريعًا كما يتخيل الكثيرون إنما سيكون تدريجيًا وعلى مدى بعيد، مضيفًا أن مصر يجب أن تعمل على أكثر من محور لتعظيم استفادتها من الوجود ضمن صفوف هذا التكتل الصاعد.

 على مصر مواصلة جهود تطوير الصناعة المحلية وتعزيز تنافسية المنتجات المصرية، لتتمكن من تعزيز صادراتها إلى دول المجموعة، فخلال العام الماضي، بلغت قيمة صادراتنا لـ"بريكس" 4.9 مليار دولار فقط مقابل واردات بـ26.4 مليار دولار. 

غياب الاستعداد 

 

يعتقد الخبير الاقتصادي رشاد عبده، أن مصر لم تستعد جيدًا للاستغلال الأمثل لفرصة وجودها ضمن تكتل مرشح لمنافسة مجموعة الـ7 خلال السنوات المقبلة، ويمثل نحو 31.7% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و42% من سكان العالم، وفق أرقام العام الماضي، إضافة إلى قرابة 20% من التجارة العالمية. 

ويوضح الخبير، أن مصر تدخل “بريكس” وهي محُملة بديون تصل إلى نحو 165 مليار دولار  وتضخم بالقرب من 36% ودولار يُتداول بأسعار مختلفة أبرزها سعره الرسمي البالغ نحو 31 جنيًا وسعر السوق الموازية البالغ 53 جنيهًا، هذا يكشف حاجة مصر إلى اتخاذ عدة إجراءات لجني ثمار هذه الفرصة على نحو أفضل. 

يستطرد رشاد عبده، أن أبرز هذه الإجراءات استقرار سعر الصرف وإصلاح السياسة النقدية، وتهيئة مناخ جاذب للاستثمار المحلي والأجنبي، وتطوير الصناعة، فضلًا عن القضاء على الفساد والبيروقراطية ،والأهم بحسب تعبيره هو وجود حكومة قادرة على التعامل مع هذه الملفات بصلاحيات واسعة وتحت إدارة شخصية اقتصادية بخلفية سياسية. 

يتوقع عبده أن دول “بريكس” مرشحة لتجاوز مجموعة السبع خلال الأعوام المقبلة، فيما يتعلق بمعدلات النمو الاقتصادي وحصتها من الاقتصاد العالمي.

ويشار إلى أن حصة مجموعة الـ7 في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، تراجعت بنهاية العام الماضي إلى 30.3% من مستوى 32.8% المسجل في 2012، بينما ارتفعت حصة البريكس إلى 31.7%  من نحو 28%.  

search