الأحد، 07 يوليو 2024

04:25 ص

اقتصاد مصر في ذكرى 30 يونيو.. طريق صحيح أم "مهدئات"؟

30 يونيو

30 يونيو

ولاء عدلان

A A
سفاح التجمع

تحيي مصر الذكرى الحادية عشر لثورة 30 يونيو، اليوم، بعد حوالي 3 أشهر من إعلان تخطي أزمة اقتصادية خانقة استمرت عامين، واعتبر بعد ذلك “مجرد مهدئات”، مع ظهور أزمات جديدة مثل أزمة توفير الوقود لمحطات الكهرباء، ما طرح أسئلة حول موقف الاقتصاد المصري، وإلى اين وصل؟. 

يقول مدير مركز “رؤية” للدراسات الاقتصادية، بلال شعيب، إن مصر منذ نهاية 2013 وحتى الآن قطعت شوطا كبيرا فيما يتعلق بمشروعات البنية التحتية وضخت استثمارات ضخمة في هذه المشروعات، وساهمت في إنعاش القطاعات الرئيسية للاقتصاد، كما وفرت آلاف فرص العمل على نحو قاد معدلات البطالة لتتراجع من حدود 13.4% في 2013 إلى 6.7% بنهاية الربع الأول من هذا العام. 

جني الثمار 

أضاف شعيب، أن الوقت الحالي يتطلب حسن إدارة واستثمار مشروعات البنية التحتية العملاقة كالعاصمة الادارية والمدن الصناعية على نحو يعزز النمو الاقتصادي، مشيرا إلى أن مصر واجهت منذ 2020 عدة تحديات أبرزها جائحة كورونا وحرب أوكرانيا وأخيرا حرب غزة وتوترات البحر الأحمر، الأمر الذي ضغط على مؤشرات الاقتصاد واحتياطي النقد الأجنبي للدولة وقاده للتراجع بصورة قاسية ليصل إلى 35.2 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2023.

تابع أن مؤشرات الاقتصاد تلقت هذا العام دفعة قوية اعتبارا من نهاية فبراير الماضي مع توقيع الحكومة لصفقة “رأس الحكمة” مع شركة القابضة الإماراتية بقيمة 35 مليار دولار، وهو رقم ضخم تضمن سيولة مباشرة بـ24 مليار دولار ساعدت في تعزيز الحصيلة الدولارية للدولة الأمر الذي ساهم في حسم قرار التعويم في مارس وكذلك الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على زيادة قيمة القرض الممنوح لمصر نهاية 2022 من 3 إلى 8 مليارات دولار.

أضاف أن مصر لكي تجني ثمار الإصلاح الاقتصادي وتصبح على الطريق الصحيح يجب عليها البناء على ما تم خلال السنوات الماضية من خلال تحفيز الاستثمار وتمكين القطاع الخاص ودعم القطاعات الزراعية والصناعية والتصديرية ورفع نسبة مساهمة قطاع الطاقة المتجددة في مزيج توليد الطاقة الكهربائية إلى نسبة تصل إلى 40% من قرابة 14% حاليا، وذلك لتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي الذي يحمل الدولة أعباء استيرادية إضافية.

صفقة رأس الحكمة فبراير 2024

  شدد شعيب على ضرورة التوقف عن سياسة التشديد النقدي بعد أن بدأت معدلات التضخم تبدي تباطؤا مؤخرا، موضحا أن ارتفاع أسعار الفائدة يضغط بالسلب على معدلات النمو الاقتصادي وقدرة الشركات على التوسع، هذا فضلا عن الأعباء التي يضيفها لفاتورة ديون الحكومة، موضحا أنه من الضروري أيضا الحرص على تهيئة مناخ جاذب للاستثمار الأجنبي المباشر عبر القضاء على البيروقراطية وتقديم حوافز ضريبية واستثمارية للشركات الأجنبية على غرار نظام الرخصة الذهبية. 

يشار إلى أن حتياطي النقد الأجنبي للدولة قفز بنهاية مايو الماضي إلى 46.1 مليار دولار بمعدل نمو يلامس 32% منذ بداية العام، فيما حقق صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي فائضا لأول مرة منذ يناير 2022 بلغ قرابة 679.41 مليار جنيه.

فاتورة الديون 

يرى أستاذ اقتصاديات التمويل بكلية التجارة جامعة القاهرة، الدكتور حسن الصادي، أن الاقتصاد المصري اليوم يعمل تحت أثر مسكنات تتمثل في صفقة رأس الحكمة والتمويلات التي تعهد بها الشركاء الدوليين مثل صندوق النقد والاتحاد الأوروبي وغيره.

أوضح الصادي أن قرض الصندوق يضيف عبئا إضافيا على فاتورة ديون مصر، كما أنه سيخصص لصالح سداد ديون أخرى، ما يعني أن الدولة تدور في دائرة مفرغة ستفضي بها مرة أخرى إلى اللجوء إلى الصندوق ما لم تتخذ خطوات جادة لخفض الاستدانة من الخارج وتعزيز الاقتصاد الحقيقي. 

أضاف أن الاقتصاد الحقيقي المتمثل في القطاعات الإنتاجية والصناعية وليس القطاع العقاري أو الخدمي، هو فقط القادر على إحداث فرق حال تعزيز الرهان عليه مستقبلا، إذ يسهم في سد احتياجات السوق المحلية ويضمن زيادة الصادرات وخفض فاتورة الواردات، لافتا هنا إلى أن مصر تعتمد على الاستيراد بنسبة تتجاوز 70% لسد احتياجاتها السنوية من السلع. 

وفقا لبيانات وزارة التخطيط، سجلت ديون مصر الخارجية تراجعا بنهاية الربع الأول من هذا العام بقيمة 7.427 مليار دولار لتصل إلى 160.61 مليار دولار انخفاضا من 168.035 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2023، فيما أفاد تقرير لمعهد التمويل الدولي هذا الشهر، بأن قدرة مصر على سداد ديونها والتزاماتها الخارجية ارتفعت نتيجة لصفقة رأس الحكمة، لكنه شدد على أن التدفق الكبير للسيولة الدولارية يمثل علاجا قصير الأجل، وأن مصر بحاجة إلى استدامة الإصلاحات المتفق عليها مع الصندوق والتركيز على تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي وتعزيز النمو بقيادة القطاع الخاص.

يشار إلى أن ديون مصر الخارجية ارتفعت منذ 2014 وحتى الآن بقرابة 4 أضعاف، وقفزت خلال 3 سنوات فقط من مستوى 123.5 مليار دولار بنهاية العام 2020 إلى قرابة 168.01 مليار دولار بنهاية العام الماضي. 

القطاع الخاص 

قالت عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة الأسبق، الدكتورة عالية المهدي، إن الوضع الاقتصادي لا يزال يواجه تحديات على الرغم من جهود التنمية طوال السنوات الماضية، أبرزها الحاجة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية في التنمية وتحفيز الاستثمار ورفع نسبته من إجمالي الناتج المحلي لأكثر من 30%، كما أن هناك حاجة ملحة إلى خفض مستوى الديون الخارجية بعد أن تفاقمت خلال السنوات القليلة الماضية لتتجاوز  164 مليار دولار. 

أضافت المهدي أنه من الضروري لضمان عدم سقوط الدولة مرة أخرى في فخ الأزمات الاقتصادية، التوقف العاجل عن الاستدانة المفرطة من الخارج، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد ورفع يد الدولة عن غالبية القطاعات، مشيرة إلى أن القطاع الخاص هو الأكثر تصديرا كما أنه يوظف  أكثر من 70% من الطاقة العمالية بالدولة. 

أكدت ضرورة تحفيز القطاع الخاص لتحقيق معدلات نمو اقتصادي حقيقية تعكس زيادة في الإنتاج والصادرات وفي حجم الاستثمار الأجنبي المباشر وليس غير المباشر، أو ما يعرف بالأموال الساخنة التي لا تسهم في تعزيز الاقتصاد الحقيقي. 

وفقا لمؤسسة “ستاندرد آند جلوبال”، القطاع الخاص غير النفطي في مصر لا يزال مصابا بالانكماش منذ نحو 42 شهرا، وخلال مايو الماضي وعلى الرغم من ارتفاع مؤشر مديري المشتريات إلى 49.6 نقطة، إلا أنه ظل دون مستوى 50 نقطة الفاصل بين النمو والانكماش.

يشار إلى أن هذا المؤشر يقدم نظرة عامة عن نشاط القطاع الخاص، من خلال قياس مجموعة من المؤشرات مثل حجم الطلبيات الجديدة وحجم الإنتاج والتوظيف.

search