السبت، 06 يوليو 2024

07:38 م

"الدعم".. الملف الأصعب على طاولة الحكومة الجديدة

بطاقات التموين

بطاقات التموين

ولاء عدلان

A A
سفاح التجمع

أدت الحكومة الجديدة اليوم، مراسم حلف اليمين الدستورية في مقر رئاسة الجمهورية بالقاهرة، في ثالث أيام العام المالي الجديد الذي خصصت له الدولة أكبر موازنة في تاريخيها نتيجة لزيادة أعباء خدمة الديون وارتفاع مخصصات الدعم والإنفاق الاجتماعي. 

ويعد ملف الدعم هو الأكثر جدلا على طاولة الحكومة الجديدة التي سيقع على عاتقها اتخاذ سلسلة من القرارات الحاسمة لتنفيذ خطة الدولة لإلغاء دعم الوقود والكهرباء تدريجيا بحلول 2025 و2028 على الترتيب، كما سيتعين على هذه الحكومة حسم قرار التحول من الدعم السلعي العيني (المعمول به حاليًا) إلى الدعم النقدي ليتم إقراره في موازنة 2025-2026 وفق تصريحات سابقة لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي.

كم تبلغ فاتورة الدعم؟

اعتبارًا من مطلع الشهر الجاري بدأت السنة المالية الجديدة في مصر وسط تقديرات حكومية لارتفاع المصروفات العامة بقرابة 29.4% مقارنة بما هي عليه في موازنة العام المالي المنتهي في يونيو الماضي لتصل إلى 3.87 تريليون جنيه أي ما يقارب 22.6% من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وذلك في ظل زيادة مخصصات الأجور إلى 575 مليار جنيه من 494 مليار جنيه في العام المالي 2024-2023.

فيما ققزت مخصصات الدعم في موازنة العام ا لحالي 2025-2026 بنحو 19.4% لتسجل 635.9 مليار جنيه ما يعكس إجمالي مصروفات الحكومة على بنود مثل دعم السلع التموينية والمواد البترولية والمعاشات والتأمين الصحي، وتستحوذ الأولى وحدها على حصة بقرابة 134.2 مليار جنيه فيما يستحوذ دعم المواد البترولية بالموازنة على حصة بـ 154.5 مليار جنيه بزيادة بأكثر من 29% مقارنة بالعام الماضي.

التحول للدعم النقدي

أمهل رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في وقت سابق الحوار الوطني مدة لنهاية 2024 للوصول إلى تصور كامل بشأن آليات التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي.

 ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي، خالد الشافعي، إن الحكومة ملزمة بتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي في ضوء الاتفاق الأخير مع صندوق النقد الدولي المعلن في مارس وبموجبه بدأت مصر في تلقي شرائح قرض الـ8 مليارات دولار. 
وأضاف أن التحول إلى الدعم النقدي ورفع الدعم عن الكهرباء والبنزين هو أحد شروط برنامج الاصلاح الاقتصادي، على غرار تحرير سعر الصرف وإن كان الأخير حمل أثرًا إيجابيًا للاقتصاد فإن رفع الدعم أو التحول للدعم النقدي لن يكون خيارًا مناسبًا في ظل غياب الجهات الرقابية الفعالة والبورصات السلعية، ما من شأنه ترك المواطنين فريسة لجسع التجار وقد يقود لقفزات في معدلات التضخم. 
والمقصود بالدعم النقدي هو أن يحصل المواطنون على الدعم بصورة نقدية بدلًا من تدخل الحكومة لدعم سلع أو خدمات بعينها على غرار الكهرباء أو الوقود، وفي مارس الماضي عندما وافق صندوق النقد على رفع قيمة القرض الممنوح لمصر من 3 إلى 8 مليارات دولار شدد على ضرورة استبدال دعم الوقود غير المستهدف بالإنفاق الاجتماعي المستهدف. 

أسعار الكهرباء

وبنهاية الشهر الماضي انتهت الأسعار المعمول بها في تسعير الوقود (البنزين والسولار) وشرائح الكهرباء، ولم يتم الإعلان عن الأسعار الجديدة حتى تاريخ كتابة هذه السطور، ما يعني أن أول قرارات للحكومة الجديدة وأكثرها اشتباكا مع الجمهور قد تكون زيادة أسعار البنزين أو الكهرباء في ظل عزمها على رفع الدعم عنهما في غضون فترة تتراوح بين عام و4 أعوام ما ينفي أي توجه لإقرار خفض للأسعار خلال الفترة المقبلة.
وكجزء من خطة رفع الدعم عن الكهرباء، أقدمت الحكومة في يناير الماضي بعد تأجيل لـ3 مرات متتالية منذ يوليو 2022 على رفع أسعار شرائح الكهرباء بنسبة تتراوح بين 16 و26% بهدف خفض دعم الكهرباء إلى 75 مليار جنيه، بعد أن تجاوزت في موازنة العام المالي 2023-2024 حاجز الـ90 مليار جنيه مسجلة زيادة بقرابة 576.7% خلال 10 سنوات. 
كانت تكلفة إنتاج الكيلووات في يناير الماضي تقدر بقرابة 177 قرشا في حين وصل سعر الشريحة الأولى (بعد الزيادة) للاستهلاك المنزلي إلى 58 قرشًا أي أن الدولة تتحمل قرابة 119 قرشا فارق تكلفة عن كل كيلو وات لمستهلكي هذه الشريحة، لكن هذا الرقم ارتفع بالطبع بعد قرار تحرير سعر الصرف الصادر في مارس الماضي، ما قد يدفع الحكومة لزيادة جديدة لأسعار الشرائح بعد معالجة أزمة تخفيف الأحمال بنهاية يوليو الحالي. 

قراءة عدادات الكهرباء 

واعتبر نائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقًا، الدكتور علي عبدالنبي، أن ملف تخفيف الأحمال من الملفات الهامة التي يجب معالجتها على المدى الطويل وليس بمسكنات لحظية كشحنات الغاز التي جرى التعاقد عليها لضمان وقف قطع الكهرباء خلال شهور الصيف اعتبارا من الاسبوع الثالث من يوليو. 
وأضاف أن مصر لديها محطات توليد كهرباء تكفي لإنتاج ضعف ما تستهلكه، لكن الأزمة في توفير الوقود اللازم لتشغيل هذه المحطات، مشيرًا إلى ضرورة ضخ المزيد من الاستثمارات في قطاع الغاز وتطوير حقل ظهر وإضافة آبار جديدة لضمان عدم تكرار أزمة تخفيف الأحمال، كما يجب أن تتبنى وزارتا البترول والكهرباء خلال الفترة المقبلة نهجا يقوم على إدارة المخاطر يضمن استيراد احتياجات الدولة من الغاز والمازوت بشكل استباقي في ظل اعتماد مزيج الطاقة لدينا على الوقود التقليدي بنسبة كبيرة.

زيادة أسعار البنزين 

ربما يكون القرار الأقرب للصدور عقب أداء الحكومة اليوم لليمين الدستورية، هو رفع أسعار البنزين، إذ من المرتقب أن تجتمع لجنة تسعير المواد البترولية التابعة لوزارة البترول والثروة المعدنية، خلال الأيام المقبلة لاتخاذ قرارها الذي على الارجح سيكون بزيادة بالحد الاقصى البالغ 10% وفقا لقرارات مجلس رئاسة الوزراء. 
ورجح الخبير البترولي، مدحت يوسف، أن تميل اللجنة لإقرار زيادة جديدة لأسعار الوقود في ظل ارتفاع أسعار النفط العالمية والدولار الأمريكي، لا سيما أن اللجنة لم تطبّق بعد المعادلات السعرية الحقيقية لترجمة ارتفاع تكلفة المحروقات وفاتورة استيراد المنتجات البترولية.
وقررت اللجنة في 22 مارس الماضي زيادة أسعار الوقود بواقع جنيه واحد لجميع فئات البنزين، و175 قرشًا للسولار.

يُشار إلى أن موازنة العام المالي الحالي حدّدت سعر برميل النفط عند مستوى 82 دولارًا، بينما تتداول أسعار النفط حاليًا عند مستويات 86 دولارًا للبرميل، وتقدر إدارة معلومات الطاقة الأمريكية متوسط خام برنت لهذا العام عند قرابة 88.6 دولار للبرميل.

وتشير توقعات “جولدمان ساكس” إلى أن أسعار النفط مرشحة للارتفاع إلى 90 دولارًا للبرميل، ما يشي بزيادات جديدة لأسعار الوقود محليًا.

search