الإثنين، 09 سبتمبر 2024

01:17 م

موضوع خطبة الجمعة اليوم.. الهجرةُ النبويةُ المشرفةُ

خطبة الجمعة

خطبة الجمعة

بالتزامن مع آخر جمعة من شهر ذي الحجة، واستعداد المسلمون لبداية عام هجري جديد، يبحث البعض عن موضوع خطبة الجمعة اليوم.

موضوع خطبة الجمعة اليوم

نشرت الصفحة الرسمية لوزارة الأوقاف، موضوع خطبة الجمعة اليوم، والتي من المقرر أن يتم إلقائها على المسلمون خلال الصلاة، والتي عنوانها الهجرةُ النبويةُ المشرفةُ وحديث القرآن الكريم عن المهاجرين والأنصار، وهي كالآتي:

الحمدُ اللهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابِهِ الكريمِ: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ}، وأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا ونبيَّنَا مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وباركْ عليهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ، ومَنْ تَبِعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ، وبعدُ:

الهجرة النبوية

فقد كانتْ الهجرةُ النبويةُ مِن أهمِّ أحداثِ الإسلامِ، حيثُ كانتْ بدايةً لمرحلةِ تأسيسِ الدولةِ وبنائِهَا بالمدينةِ المنورةِ، وكانتْ مرحلةَ تحولٍ هامٍّ في تاريخِ الإسلامِ، فعندمَا اشتَدَ الأذَى بأصحابِ سيدِنَا رسولِ اللهِ ﷺ كانَ الإذنُ لهُم بالهجرةِ إلى المدينةِ المنورةِ حتى كانَ الإذنُ لسيدِنَا رسولِ اللهِ ﷺ وهناكَ بالمدينةِ المنورةِ كانَ بناءُ الدولةِ.

موضوع خطبة الجمعة

وقد تضمنتْ الهجرةُ العديدَ مِن الدروسِ، مِن أهمِهَا: اليسرُ بعدَ العسرِ، والفرجُ بعدَ الشدةِ، وحسنُ وصدقُ التوكلِ على اللهِ عزَّ وجلَّ مع حسنِ الأخذِ بالأسبابِ، فقد أخذَ نبيُّنَا ﷺ  في هذه الرحلةِ المباركةِ بأقصَى الأسبابِ، منهَا: اختيارُهُ الوقتَ المناسبَ للخروجِ، واتخاذُهُ طرقًا غيرَ مألوفةٍ للوصولِ إلى المدينةِ المنورةِ، واستعانتُهُ بشخصياتٍ ماهرةٍ حكيمةٍ لتعاونِهِ في طريقِ الهجرةِ.

وقد حفَّ رحلتَهُ المباركةَ التأييدُ الإلهِي في كلِّ خطواتِهَا ومراحلِهَا، حيثُ أغشَي اللهُ (عزَّ وجلَّ) أعينَ المشركينَ المتربصينَ بهِ فألقَى على أبصارِهِم غشاوةً، حيثُ يقولُ سبحانَهُ: {فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ}، وما كانَ مِن أمرِ وصولِ المشركينَ إلى بابِ غارِ ثورٍ حتى قالَ سيدُنَا أبُو بكرٍ رضيَ اللهُ عنهُ: يا رسولَ اللهِ لو أنَّ أحدَهُم نظرَ تحتَ قدميهِ لأبصرَنَا، فقالَ ﷺ: “ما ظنُّكَ يا أبَا بكرٍ باثنينِ اللهُ ثالثهُمَا؟ يا أبَا بكرٍ لا تحزنْ إنَّ اللهَ معنَا”، وما كانَ مِن تعثرِ فرسِ سراقةَ بنِ مالكٍ، وشاةِ أمِّ معبدٍ.

المهاجرين والأنصار

وقد تحدثَ القرآنُ الكريمُ عن المهاجرينَ والأنصارِ حديثًا عظيمًا كاشفًا عن قوةِ إيمانِهِم، وعلوِّ منزلتِهِم، ونُبلِ أخلاقِهِم، فهُم رجالُ صدقٍ وثباتٍ وفداءٍ، يقولُ سيدُنَا عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنهُ: إنَّ اللهَ نظرَ في قلوبِ العبادِ فوجدَ قلبَ مُحمدٍ ﷺ خيرَ قلوبِ العبادِ، فاصطفاهُ لنفسِهِ، فابتعثَهُ برسالتِهِ، ثُمَّ نظرَ في قلوبِ العبادِ بعدَ قلبِ مُحمدٍ ﷺ فوجدَ قلوبَ أصحابِهِ خيرَ قلوبِ العبادِ، فجعلَهُم وزراءَ نبيِّهِ ﷺ، ويقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، ويقولُ سبحانَهُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ • يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ • خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}، ويقولُ سبحانَهُ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كريم}.

موضوع خطبة الجمعة

وها هو صهيبُ بنُ سنانِ الرومِي (رضيَ اللهُ عنهُ) يضحِّي بمالِهِ كلِّهِ في سبيلِ اللهِ (عزَّ وجلَّ)، فإنّهُ حينَ أرادَ الهجرةَ قالَ لهُ كفارُ قريشٍ: أَتَيْتَنَا صُعْلُوكًا حَقِيرًا، فَكَثَرَ مَالُكَ عِنْدَنَا، وَبَلَغْتَ الَّذِي بَلَغْتَ، ثم تريدُ أنْ تخرجَ بمالِكَ ونفسِكَ؟ وَاللهِ! لا يكونُ ذلكَ، فَقَالَ لَهُمْ صُهَيْبٌ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلْتُ لَكُمْ مَالِي أَتُخَلُونَ سَبِيلِي؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فإنِّي جعلتُ لكُم مالِي، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: (رَيحَ الْبَيْعُ أَبَا يَحْيَى، رَيحَ الْبَيْعُ أَبَا يَحْيَى).

الصدقِ في الإيمانِ

واستقبلَهُم الأنصارُ بكلِّ وُدٍّ وترحابٍ، وتحلُّوا بالإيثارِ في أسمَى صورِهِ فآثرُوا إخوانَهُم المهاجرينَ على أنفسِهِم حتى مَن كانَ منهُم في حاجةٍ أو فاقةٍ، فقد جاءَ رجُلٌ إلى رسولِ اللهِ ﷺ فقالَ: إنِّي أصابنِي جوعٌ فأرسَلَ إلى بعضِ نسائِهِ فقالتْ: والَّذي بعَثكَ بالحقِّ نبيًّا ما عندِي إلَّا ماءٌ ثمَّ أرسَلَ إلى أُخرَى فقالتْ مِثْلَ ذلكَ حتَّى قُلْنَ كلُّهنَّ مِثلَ ذلك فقال: (مَن يُضيِّفُ هذا اللَّيلةَ رحِمَهُ اللهُ ) فقامَ رجُلٌ مِن الأنصارِ فقال: أنا يا رسولَ اللهِ فانطلَقَ بهِ إلى رَحْلِهِ فقال لامرأتِهِ: هل عندكِ شيءٌ؟ قالت: لا إلَّا قوتَ صبيانِي قال: فعَلِّلِيهم بشيءٍ فإذا دخَلَ ضيفُنَا فأضيئِي السِّراجَ وأريهِ أنَّا نأكُلُ فإذا أهوَى ليأكُلَ قومِي إلى السِّراجِ حتَّى تُطفئِيهِ قال: فقعَدُوا وأكَلَ الضَّيفُ فلمَّا أصبَحَ غدَا على النَّبيِّ ﷺ فقالَ: (قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ)، ونزلَ قولُ اللهِ تعالَى: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

موضوع خطبة الجمعة

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلينَ سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.

حديثُ القرآنِ الكريمِ عن المهاجرينَ والأنصارِ حديثُ الفداءِ والتضحيةِ، حديثُ الصدقِ في الإيمانِ، حديثُ الكرمِ والإيثارِ، قد ضربَ المهاجرونَ والأنصارُ أروعَ الأمثلةِ في صدقِ الإيمانِ والتضحيةِ في سبيلِهِ، فحينَ استشارَ النبيُّ ﷺ أصحابَهُ يومَ بدرٍ قامَ سيدُنَا أبو بكرٍ الصديقُ رضيَ اللهُ عنهَ فقالَ وأحسنَ، ثم قامَ عمرُ بنُ الخطابِ (رضيَ اللهُ عنهُ) فقالَ وأحسنَ، فقالَ النبيُّ ﷺ: (أَشِيرُوا عَلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ)، فقامَ سعدُ بنُ عبادةَ رضيَ اللهُ عنهُ مِن الأنصارِ، وقالَ: “إِيَّانا ترِيدُ يا رسولَ اللهِ؟ والذي نفسِي بيدِهِ لو استعرضتَ بنَا هذا البحرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْنَاهُ مَعَكَ”، ما تخلّفَ مِنَّا رجلٌ واحدٌ، إنَّهُم رجالٌ صدقُوا ما عاهدُوا اللهَ عليهِ.

search