الإثنين، 25 نوفمبر 2024

05:07 ص

صندوق النقد يعيد النظر في رسوم الديون.. هل تستفيد مصر؟

مقر صندوق النقد

مقر صندوق النقد

ولاء عدلان

A A

يجتمع صندوق النقد الدولي خلال الأسبوع المقبل لإعادة النظر في سياسة الرسوم الإضافية التي يفرضها على الدول الأكثر استدانة، في وقت تطالب غالبية الدول وعلى رأسها مجموعة العشرين بخفض هذه الرسوم بعد أن أصبحت تمثل أعباء غير مبررة تثقل كاهل زبائن الصندوق وفي مقدمتهم مصر.

الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد خطاب، يرى أنه من غير المستبعد أن يُقدم صندوق النقد على خفض هذه الرسوم أو شطب جزء منها نظرا لعدة أسباب أهمها توجه البنوك المركزية الكبرى طوال العامين الماضيين لرفع أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية، ما رفع بالتبعية نسبة هذه الرسوم، فضلًا عن ارتفاع خطر زيادة أعباء الديون عالميًا، لا سيما في الدول النامية، وكلا الأمرين يتطلب تحركًا علاجيًا من الصندوق وسط تعهداته السابقة بإصلاح النظام المالي العالمي.

الفائدة ورسوم الصندوق

بدأ المجلس التنفيذي للصندوق، الذي يتكوّن من ممثلين عن 190 دولة، اعتبارًا من أمس دراسة الخيارات المتاحة لمعالجة ملف الرسوم الإضافية التي يفرضها على بعض الدول التي تقترض أكثر من حصتها لديه أو تستغرق وقتًا أطول لسداد ديونها، وفي أبريل الماضي، قال الصندوق إنه سيراعي عند فتح ملف الرسوم الآثار المترتبة على المقترضين، في تلميح إلى تغيرات محتملة لهذه السياسة لصالح الدول الأكثر استدانة، يشار إلى أن هذه التغيرات تتطلب موافقة 70% من أصوات مجلس الصندوق. 

في الفترة من 2020 إلى 2023، دفعت الدول المثقلة بالديون لصالح صندوق النقد رسومًا إضافية بقرابة 6.4 مليار دولار تزامنًا مع ارتفاع أسعار الفائدة عالميا، وهذا مقابل 7.7 مليار دولار فقط طوال الفترة من 2018 إلى 2023، وفقا لدراسة مشتركة لجامعة كولومبيا ومركز سياسات التنمية العالمية بجامعة بوسطن.

وأظهرت الدراسة المنشورة في أبريل الماضي، أن الرسوم الإضافية استحوذت على 50% من إجمالي إيرادات الصندوق في 2023، وارتفع عدد الدول التي تدفعها إلى 22 دولة من 8 دول فقط خلال 2019، كما تضاعف معدل الرسوم إلى أكثر من 8%. 

ديون مصر 

ومصر حاليًا تعد ثالث أكبر الدول المدينة لصندوق النقد بعد الارجنتين وأوكرانيا بإجمالي ديون وصل إلى نحو 10.29 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي، وهي أيضًا تأتي في المركز الثالث بين الدول المثقلة بأعباء الرسوم الإضافية، ومن المتوقع أن تدفع إلى جانب الأرجنتين وأوكرانيا والإكوادور وأنجولا رسومًا إضافية بنحو 6.1 مليار دولار خلال (2024-2028)، ما يمثل نحو 39% من دخل الصندوق من هذه الرسوم. 

حصة مصر من الـ 6.1 مليار دولار تقدر بنحو 370 مليون دولار، لكن يضاف لهذا الرقم حوالي 1.6 مليار دولار عبارة عن مدفوعات الفوائد المرتبطة بالقروض التي حصلت عليها من الصندوق.  

ووفقًا للخبير الاقتصادي أحمد خطاب، فإن الدول صاحبة الحصة الأكبر في ميزانية الصندوق وحقوق التصويت تتبنى توجهًا إيجابيًا نحو مصر وتحرص على دعم اقتصادها بشتى الطرق، نظرًا إلى عدة أسباب أبرزها الأهمية الاستراتيجية لموقع مصر في الشرق الأوسط وزيادة وتيرة التوترات الجيوسياسية وتحديدًا حرب غزة، فضلًا عن أهمية دور مصر بالنسبة للدول الأوروبية فيما يتعلق بملف الهجرة غير الشرعية، كونها من الدول المطلة على البحر المتوسط.

حصة مصر من الرسوم الإضافية التي يفرضها صندوق النقد على كبار المقترضين

 حرص على دعم مصر 

لا يستبعد خطاب أن يكون السبب الرئيس وراء تأجيل موعد اجتماع مجلس الصندوق الخاص بمناقشة صرف الشريحة الثالثة من القرض الممنوح لمصر من 10 إلى 29 يوليو، هو رغبة الصندوق في استفادة القاهرة من القرار الذي سيتم التوافق عليه بشأن الرسوم الإضافية، مضيفًا قد يقدم الصندوق على خفض أو شطب هذه الرسوم تماما لتقديم مزيد من الدعم للقاهرة وسط التزامها ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي جرى التوافق عليه في مارس الماضي وبناء عليه رفع الصندوق قيمة القرض الممنوحة لمصر من 3 إلى 8 مليارات دولار. 

وأضاف أن مصر أبدت التزاما قويا بشروط برنامج الإصلاح الاقتصادي ومن غير المرجح أن يكون تأجيل مناقشة صرف الشريحة الثالثة بسبب تأخر زيادة أسعار البنزين والسولار كما يقول البعض لاسيما وأن الحكومة أعلنت عزمها رفع الدعم تدريجيا، واتخذت قرارا جريئا برفع سعر الخبز المدعم 300% اعتبار من بداية يونيو، موضحا في هذا الإطار أن الحكومة عند زيادة المحروقات أو الكهرباء تراعي اختيار التوقيت المناسب وفقا لأبعادا أخرى غير شروط الصندوق أهمها البعد الاجتماعي. 

وشدّد على أن الصندوق يحرص حاليًا على دعم الاقتصاد المصري في ظل استمرار التحديات الناجمة عن حرب غزة وزيادة أعداد اللاجئين في مصر نتيجة لأزمات المنطقة. 

في وقت سابق، قال رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، فخري الفقي، إن السبب المحتمل لتأجيل مناقشة صرف الشريحة الثالثة لمصر قد يكون لضمان استفادتها من قرار مرتقب يتعلق بخفض رسوم الاقتراض، وليس استبعادها من خطط الصندوق. 

أعباء إضافية

وقال خطاب إنه في حال التوافق على شطب جزء أو كل الرسوم الإضافية على ديون كبار المقترضين من الصندوق، فإن هذا سيصب في صالح مصر، حيث سيترجم إلى انخفاض في فاتورة أعباء ديونها الخارجية.

يشار إلى أن الصندوق يفرض هذه الرسوم منذ 1997 على أي دولة يكون رصيدها من حساب الموارد العامة للصندوق مساويًا أو أعلى من 187.5% من حصتها، بهدف خفض أعباء الديون، إلا أن ما حدث هو العكس إذ رفعت هذه الرسوم أعباء الديون على العديد من الدول، ومصر مثال على ذلك، فرغم توصلها في عام 2016 لبرنامج للإصلاح الاقتصادي مع الصندوق منحها تمويلًا بـ12 مليار دولار، فإنها اليوم ثالث أكبر البلدان مديونية للصندوق ولديها ديون خارجية بلغت 160.6 مليار دولار بنهاية مارس الماضي ارتفاعًا من 55.8 مليار دولار فقط في 2016.

من جانبه، يعتبر الخبير الاقتصادي حسن الصادي، اللجوء لصندوق النقد لا يقدم حلًا لمشاكل مصر، وأقرب للدوران في حلقة مفرغة كون قروض الصندوق توجه على الدوام لصالح سداد ديون أخرى كما أن ما تدفعه مصر من فوائد وأقساط لصالح الصندوق يتجاوز ما تحصل عليه في المقابل، مضيفًا أن هناك حاجة للتوجه بشكل حاسم صوب خفض مستويات الدين العام وتعزيز الاقتصاد الحقيقي القائم على القطاعات الأكثر إنتاجية وتصديرًا.

search