الإثنين، 09 سبتمبر 2024

07:57 ص

لوقف "تخفيف الأحمال".. لماذا لا تستورد مصر الغاز من العرب؟

الغز الطبيعي

الغز الطبيعي

مصطفى العيسوي

A A

تستعد الحكومة لوقف خطة تخفيف أحمال الكهرباء بداية من الأسبوع الثالث لشهر يوليو الجاري، في الوقت الذي تعاني في البلاد من نقص بكميات الغاز الطبيعي اللازمة لتوليد التيار الكهربائي، ما تطلب رصد حوالي 1.2 مليار دولار لشراء الوقود.

وسجلت واردات مصر من الغاز الإسرائيلي أرقامًا قياسية خلال الربع الأول من العام الجاري، عند 2.63 مليار متر مكعب من يناير إلى نهاية مارس 2024، مقارنة بـ1.85 مليار متر مكعب في نفس الفترة من العام الماضي، بزيادة سنوية قدرها 744 مليون متر مكعب، وفقًا لأرقام مبادرة بيانات المنظمات المشتركة “جودي”.

في أبريل الماضي، تعاقدت الشركة المصرية القابضة للغازات "إيجاس" على شراء نحو 21 شحنة من الغاز المسال للتسليم بين يوليو وأكتوبر، مع دفع علاوة سعرية تتراوح بين 1.6 و1.9 دولار فوق السعر القياسي العالمي، دون ذكر أي دولة عربية في الجهات المستورد منها.

 مع إعلان خطة توفير الغاز لمحطات الكهرباء، طرحت تساؤلات حول عدم الاستعانة ببعض الدول العربية، مثل قطر والجزائر؟، ودولة الجوار ليبيا، في توفير ما يلزمها من الغاز الطبيعي المسال.

اتفاقيات ثنائية 

أكد رئيس هيئة البترول الأسبق، مدحت يوسف، أن مصر يمكنها إجراء اتفاقيات ثنائية مع بعض الدول العربية المصدرة للغاز المسال اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية، خصوصا في ظل الفارق الحالي بين مقدار ما يتم إنتاجه وما تحتاج إليه.

ووفقًا لتقارير رسمية، يصل حجم إنتاج مصر من الغاز حاليا نحو 5.5 مليار قدم مكعب يوميا، فيما يتجاوز حجم الاستهلاك خلال فصل الصيف عتبة الـ6 مليارات قدم مكعب يوميا.

أوضح يوسف لـ"تليجراف مصر"، أن الجزائر وقطر لديهما قدرات تصديرية من إنتاجهما من الغاز الطبيعي وخصوصا إلى الدول الأوروبية، سواء كان بطريقة مسالة أو عبر خطوط الأنابيب، لذلك الأمر يتعلق بكم الفائض المتوفر لدى هذه الدول بعد الإيفاء بالتعاقدات المبرمة.

ارتفع إجمالي صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال خلال الربع الأول من 2024 بنسبة 3.5% سنوياً بحوالي 20.9 مليون طن، وذلك مقابل 20.2 مليون طن في الربع المماثل من عام 2023، وفقًا للتقرير الربع سنوي الصادر عن منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “أوابك”، فيما تحتل الجزائر المركز الثاني من بين الدول الإفريقية المصدرة للغاز بعد نيجيريا، بـ3.01 مليون طن خلال الربع الأول من العام الجاري بدلًا من 2.91 مليون طن.

الغاز الليبي

من جهته، يري خبير الطاقة ونائب رئيس هيئة المحطات النووية الأسبق، علي عبد النبي، أنه لا يوجد أي مانع من استيراد مصر الغاز من قطر والجزائر وليبيا، لا سيما أن الدولة الأخيرة توفر احتياجات الكهرباء من مصر، وتهدف إلى زيادة هذه الحصة.

اتفقت مصر مع ليببا على تأمين احتياجاتها من الكهرباء بهدف استقرار الشبكة العامة عبر التعاون بين وزاتي النفط والغاز والبترول بالبلدين، وجاء ذلك خلال اللقاء الذي جمع بين رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ونظيره عبد الحميد الدبيبة الخميس الماضي.

 وذكر وزير الكهرباء السابق، محمد شاكر، في بداية يونيو الماضي، أن يتم حاليا إجراء عدد من الدراسات لبحث إمكانية رفع قدرة خط الربط مع ليبيا من 150 ميجا وات إلى 200 ميجا وات، موضحًا أنه تم زيادة القدرات في يناير الماضي من 100 ميجا وات إلى 150 ميجا وات بناء على طلب الجانب الليبي.

أوضح عبد النبي، أنه في حالة استيراد الغاز من ليبيا سيوفر على مصر ملايين الدولارات لقرب المسافة بي مينائي برقة الليبي ودمياط أو إدكو في مصر، ولكن الأزمة تكمن في أن طرابلس مرتبطة بعقود مع إيطاليا، عبر خط أنابيب من حقول الغرب الليبي إلى جنوب إيطاليا.

ووفقا بيانات ديوان المحاسبة الليبي، فإن إنتاج الغاز الطبيعي للبلاد سجل تراجعًا خلال 2022 بنسبة 26.6% مسجلًا 861.96 مليار قدم مكعب، وهو أقل من الهدف المحدد نحو 941.7 مليار قدم مكعب.

تنوع مصادر الحصول على الغاز

أشار خبير الطاقة لـ"تليجراف مصر"، إلى أنه يجب أن تنوع مصر مصادرها الخارجية للحصول على الغاز الطبيعي، وعدم الاعتماد على صادراتها من إسرائيل، لا سيما في ظل التوترات الجيوسياسية في المنطقة، بالإضافة إلى القاهرة أحد أطراف المفاوضات الجارية بين الفصائل الفلسطينية للوصول لاتفاق بشأن الأوضاع في غزة.

في 25 يونيو الماضي، تسبب عطل فني مفاجئ في حقل بإحدى الدول المجاورة في زيادة فترة انقطاع الكهرباء بمصر، نتيجة انخفاض إمدادات الوقود إلى محطات التوليد، بحسب رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي. 

فيما ذهب مصدر مسئول بوزارة البترول لـ"تليجراف مصر"، أن الحقل المقصود هو “تمار” الإسرائيلي، مشيرًا إلى أنه شهد عدة انقطاعات عن الإنتاج خلال الفترة الماضية، قبل أن يعاود عمله، لكنه تعطل مرة أخرى ما تسبب في زيادة انقطاع الكهرباء، إذ تستورد القاهرة نحو 7 مليارات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي سنويًا من إسرائيل، لتلبية الطلب المحلي وتوجيه الفائض إلى محطات التسييل لتصديره إلى أوروبا.

أضاف نائب رئيس هيئة المحطات النووية الأسبق، أن مصر استوردت كميات من الغاز المسال لتلبي احتياجاتها خلال فصل الصيف، في ظل سعي الحكومة إلى وقف خطة تخفيف الأحمال المتبعة منذ منتصف 2023، مطالبًا بأن يكون لدينا مخزون استراتيجي من الغاز مثله مثل القمح، لتفادي أي أزمات أو ارتفاعات بالأسواق العالمية.

وتحتاج وزارة الكهرباء حوالي 135 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا، ولتلبية جزء من هذا الاستهلاك الكبير، تستورد مصر وقودًا بأكثر من مليار دولار شهريًا لتلبية احتياجات شبكة الكهرباء، وتٌقدر فاتورة وزارة الكهرباء لوزارة البترول حوالي 15 مليار جنيه شهريًا، إذ يُخصص نحو 60% من إنتاج الدولة من الغاز الطبيعي لصالح محطات الكهرباء.

search